مشروع إحياء المكتبة الوطنية وإعادة بنائها من جديد في مدينة بيروت
كانت المكتبة الوطنية التي أنشئت في لبنان منذ العام 1921، قد تعرضت لأضرار وخسرت جزءاً من موجوداتها بسبب الحروب الأهلية التي عصفت بالبلاد منذ العام 1975. وكانت المكتبة تحتاج لإعادة تأهيل لاستعادة مكانتها الريادية في الحياة الثقافية في لبنان. وبناءً على ذلك فقد أطلقت وزارة الثقافة اللبنانية في العام 1999 مشروعاً لإعادة إحياء المكتبة الوطنية للحفاظ على إرث لبنان الثقافي والمعرفي ولاستعادة دور هذا الصرح الحضاري في بيروت. ولقد حصلت وزارة الثقافة اللبنانية منذ فترة على تمويل مشكور من الاتحاد الأوروبي من أجل جرد موجودات المكتبة وإعادة تأهيل وترميم المجموعات القديمة من كتب ووثائق ومخطوطات ليصار إلى إعادة تصنيفها وفهرستها، وقد انتهت هذه المهمة في حزيران من العام 2006.
بعد أن تم نقل كافة موجودات المكتبة الوطنية إلى مقر الجامعة اللبنانية (كلية الحقوق) السابق في الصنائع، بات من الواجب التفكير في تأهيل مقر المكتبة الوطنية الجديد وإغناء موجوداتها وإطلاق نشاطاتها من جديد، نظراً لدورها الأساسي في إبراز إرث لبنان الثقافي والإضاءة على مستقبله المعرفي.
على أساس من هذا الجهد المشكور بادر دولة الرئيس فؤاد السنيورة إلى بذل مساع حثيثة للحصول على تمويل لهذا المشروع من دولة قطر الشقيقة. ولقد قام دولة الرئيس وخلال زيارته الأولى لدولة قطر في تشرين الأول من العام 2005 وخلال اجتماعه بصاحب السموّ أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بأن تمنى على سموّه الموافقة على تبني مشروع إعادة إحياء وبناء المكتبة الوطنية لما لهذا المشروع الحيوي والثقافي من آثار إيجابية كبيرة على جهود الإنماء الثقافي والبحثي والحضاري في لبنان وبحيث تشكل عملية إقامة المكتبة العامة في وسط العاصمة بيروت وفي مكان يتمتع برمزيته وتاريخه شاهداً على عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين البلدين الشقيقين.
وقد أثمرت مساعي دولة الرئيس مع صاحب السموّ الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي بادر فوراً ومشكوراً ودون اي تردد وخلال تلك الزيارة بتبني إقامة هذا المشروع الحيوي وخصص لذلك مبلغاً وقدره 25 مليون دولار.
يهدف مشروع "إعادة إحياء المكتبة الوطنية" إلى استعادة دور المكتبة بوصفها صرحاً لجمع وحفظ وتنظيم التراث الفكري اللبناني والعربي بمختلف أشكاله من كتب ومخطوطات ودوريات ووثائق وأفلام وتسجيلات ومعلومات إلكترونية.
من ناحية أخرى سوف تمثل المكتبة الوطنية مركزاً متقدماً للدراسات يقصده الباحثون والطلاب والقراء والمهتمون كافة للحصول على مصادر للمعلومات ولإجراء الأبحاث. وضمن هذا الإطار سوف تشكل المكتبة بيئة خصبة لكافة المثقفين الذين يستطيعون الاستفادة منها لتحقيق أهدافهم العلمية والثقافية فيساهمون في تعزيز الحياة الأكاديمية والحضارية لمدينة بيروت ودوراً محورياً في تعزيز النشاطات المعرفية والبحثية في لبنان من خلال الربط بينها وبين المكتبات الأخرى المنتشرة في أكثر من منطقة في لبنان.
ثالثاً، تمثل المكتبة الوطنية محوراً للمعلومات والتبادل الثقافي، وخاصة لتبادل الخبرات فيما بين كافة المكتبات في لبنان والعالم في مجال نشر الكتب وتجليدها وترميمها والنشر الإلكتروني والحفظ الرقمي للمصادر والمعلومات.
على ذلك، وبعد تأخير اقتضته الظروف التي سادت البلاد على مدى ثلاث سنوات بما في ذلك الاعتداء الإسرائيلي على لبنان في العام 2006 وما تلاه من صعوبات وأحداث أمنية، فقد تم وضع حجر الأساس لمشروع النهوض بالمكتبة الوطنية في 10 أيار 2009 بحضور حرم أمير دولة قطر سمو الشيخة موزة بن ناصر المسند والنائب الثاني لرئيس وزراء قطر وزير النفط عبد الله العطية وبحضور دولة الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الثقافة تمام سلام، وكذلك وزير الثقافة اللبناني الأسبق الدكتور طارق متري الذي كان قد خطا خطوات عديدة وكانت له مبادرات قيمة على مسار تنفيذ هذا المشروع حيث إنّ العمل التنفيذي جارٍ حالياً للمضي قدماً في التقدم على مسارات تنفيذ المشروع والذي يستغرق إنجازه زهاء ثلاث سنوات.