الرئيس السنيورة لقناة النيل: أهالي مدينة بيروت واللبنانيون يطالبون أن تتولى التحقيق الصحيح والعادل هيئة حيادية

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

أجرت قناة النيل المصرية (نايل نيوز) مقابلة الرئيس فؤاد السنيورة في ما يلي نصها:

س: المشاهدين الكرام فيما خص المشهد اللبناني ينضم الينا عبر الهاتف السيد فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق. سيدي الرئيس اهلا بك على شاشة النيل للأخبار:

ج: أهلا بك، وشكراً على الاستضافة.

س: أولاً، كيف تتابعون دلالات ردود الفعل العربية والدولية على انفجار بيروت؟

ج: ردّة فعل المواطنين اللبنانيين كبيرة جداً، ولاسيما أهالي بيروت والقاطنين في مدينة بيروت. فهم عبّروا عن غضبهم ونقمتهم على هذا الانفجار الذي يعد من أكبر الانفجارات في العالم والذي طال مدينة آمنة مثل مدينة بيروت. وهم يطالبون بالتحقيق الصحيح والعادل بشأن هذا الانفجار المزلزل الذي أصاب مدينتهم. من جانب آخر، وبدون أدني شك، فإنّ ردود الفعل لدى الاشقاء العرب ولدى الأصدقاء في العالم كانت كبيرة أيضاً، وهي قد تقاطرت كلها لتعبر عن استنكارها وعن التضامن مع مدينة بيروت ومع اللبنانيين الذين تعرضوا لهذه الجريمة وهذه المحنة الكبرى. فهي قد دمرت مرفأ بيروت وطالت أرواح أكثر من مئة وخمس وثلاثين ضحية وأكثر من 5000 جريح حتى الآن. هذا ناهيك عن ان التدمير طال مئات الآلاف من اللبنانيين المقيمين في مدينة بيروت والذين تعرضوا لهذه النكبة في مساكنهم وممتلكاتهم. وبالتالي، فإنّ هذا الوضع يتفاعل الآن لدى اللبنانيين الذين يطالبون بداية بهيئة مستقلة محايدة ونزيهة ومحترفة تستطيع ان تقوم بالتحقيقات اللازمة لمعرفة أسباب هذا الانفجار، وما هي فعلياً الأسباب التي أدت الى هذا الانفجار. ولماذا جاءت تلك السفينة إلى لبنان ولماذا جرى أصلاً القبول بتفريغ تلك الشحنة وبهذه الكميات الكبيرة من المواد المتفجرة وهي مواد ممنوع أصلاً إدخالها إلى لبنان؟ وكيف جرى الاحتفاظ بها في عنابر المرفأ على مدى عدة ستة سنوات. هذا الامر ينبغي أن يحظى باهتمام هذه الهيئة المستقلة للتحقيق ان كانت عربية او دولية وعلى أساس من ذلك يمكن أن تتحدد المسؤوليات.

دعني أقول لك هنا، ان الثقة بالدولة اللبنانية وبالحكومة اللبنانية وسيد العهد قد انهارت على مدى أشهر وسنوات عديدة بسبب ذلك التقاعس والانكار والمكابرة والاستعصاء والتمنع عن القيام بالإصلاحات التي يحتاجها لبنان. وكلّ ذلك قد تفاعل وأدى الى عدد من النتائج التي أدّت في المحصلة إلى انهيار الثقة بالحكومة وبرئيس الجمهورية وتردت الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية، وانهارت معها العملة اللبنانية وانهارت معيشة اللبنانيين وهذه كلها مما يستدعي القيام بأعمال حقيقية نحو البدء باستعادة وتعزيز الثقة بالدولة، وتمكين الدولة من اجل ان تعود لتبسط سلطتها الكاملة على كامل الأراضي اللبنانية ولا ينازعها في سلطتها أي أحد. وبالتالي أن ينتهي هذا الاستيلاء على الدولة اللبنانية وخطفها من قبل الدويلات المليشياوية، ولاسيما وفي مقدمها حزب الله الذي يفرض سلطته على الدولة اللبنانية.

على خلفية هذا الانهيار في الثقة يأتي هذا التفجير المزلزل، وبالتالي تتبين الحاجة إلى إجراء التحقيق الكفوء والنزيه والمتجرد بجميع ملابسات هذا التفجير. ولهذا يمكن فهم إصرار اللبنانيين على اللجوء إلى هيئة متخصصة ومحترفة وحيادية ونزيهة للتحقيق بكيفية وصول وتفريغ تلك الكميات في لبنان ولماذا جرى الاحتفاظ بها ولماذا انفجرت وكيف؟

س: سيد فؤاد في الساعات القليلة الماضية تداول نشطاء ورواد التواصل الاجتماعي فيديو لحسن نصر الله في فبراير 2019 وكان تحدث عن انفجار لحاوية امونيا يتم تفجيرها من قبل إسرائيل والبعض ربط بين هذا التصريح وفيديو قديم وما حدث بالأمس خصوصا ان الانفجار يأتي قبل أيام قليلة بالنطق بالحكم يوم الجمعة القادم على قتلة الرئيس رفيق الحريري؟

ج: ربما لا يجوز الخلط بين هذه الأمور. السيد حسن نصر الله عندما تحدث عن هذا الأمر كان يقصد في حينها أن هناك مستودعات لمادة نترات الأمونيوم وتأثيرات الصواريخ التي تطلقها، وهي الموجودة في منطقة بجوار مدينة تل ابيب. وهو قد هدّد تل أبيب بأنه سيقصف هذه المستودعات ليؤدي إلى تدمير قسم كبير من مدينة تل أبيب. ويؤدي بالتالي إلى الإطاحة بعدد من الإسرائيليين. هذا كان تهديده آنذاك وبالتالي لا يجوز ان نخلط بين هذين الأمرين. إلاّ إذا كان هناك عمل مخابراتي قامت به إسرائيل، وما إذا كانت تعرف بوجود هذه المواد في المستودعات في مرفأ بيروت وهذه الكميات من هذه المادة بالتحديد. طبيعي هذا الامر متروك للتحقيقات في هذا الشأن. ولكن كل هذه التساؤلات التي تحوم حول أعمال مريبة وتساور الجميع شكوك كثيرة تستدعي وجود هيئة محترمة ونزيهة وحيادية تتولى التحقيق في هذه المسألة الخطيرة التي قتلت وجرحت ودمرت عاصمة لبنان.

س: دولة الرئيس سعد الحريري اليوم حمّل العهد الحاكم المسؤولية عما حدث. هل تتفق معه في هذا؟

ج: دعني أقول لك أمراً من اهم المسائل في إدارة شؤون الدول، والتي ينبغي ان يكون متعارف عليه في أصول الحكم وهو أن الحكم استمرار. وبالتالي لا تستطيع أي حكومة ان تتبرأ أو أن تتنصل من مسؤولياتها. وهو أن عليها أن تباشر وتمسك بمقاليد الحكم وتتولى المسؤولية، وبالتالي تتحمل المسؤولية. وبعد ذلك وهي تعالجها تقول ان ذلك يعود الى فترة ماضية، وهناك مسؤوليات مترتبة على أشخاص بالتحديد. ولكن ليس بأن تتقاعس وترمي المشكلات على الماضي، وتستمر دون اعتماد الحلول الصحيحة واللازمة، وذلك في الوقت الذي تتفاقم فيه تلك المشكلات، بينما يستمر الجهد مركزاً فقط على رمي الأمور على الآخرين بكون تلك المشكلات تعود لفترة ماضية.

هذه المقاربات الخاطئة تؤدي فقط إلى محاولة التنصل من مسؤولية الحكم بينما الحكم ينبغي أن يستمر. والحكومة الموجودة هي التي أصبحت المسؤولة. وهي عندما قبلت بتحمل المسؤولية. فذلك كان نتيجة تقدم أولئك الوزراء وعلى رأسهم رئيس الوزراء لتحمل المسؤولية. وبالتالي فإنّ عليهم ان يتحملوها بكاملها وليس ان يجدوا تبريرات من هنا وتنصلا من هناك من اجل ان لا يتحملوا المسؤولية.

لا يريد أي شعب، أكان ذلك في لبنان أو في أي دولة من الدول في العالم أن يرى المسؤولون لديه يحاولون أن يبرروا عجزهم. يريد من الحكومة ان تتحمل المسؤولية وأن تعمل على معالجة المشكلات التي تواجهها، وبعدها لا مانع أن تقول ان هناك من تسبب بذلك. إذ بعدها يمكن تحميل المسؤولية عن التسبب بالمشكلات للآخرين وليس بأن تحاول التنصل من المسؤولية.

أما بالنسبة للكلام الذي تقوله عن المحكمة الدولية لكشف من اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. نعم، هذه المحكمة هي التي أرادها وطالبوا بإنشائها، وهم اللبنانيون، وصمموا على التمسك بتأليفها وبإنشائها، والتي انشأتها الأمم المتحدة بناء على طلب اللبنانيين. هذه الشرعية الدولية هي التي أنشأت هذه المحكمة من العام 2007. وبالتالي، أصبحت هذه المحكمة هي التي تتولى مسؤولية كشف ملابسات ذلك العمل الإجرامي، وهي قد أخذت كل الوقت اللازم من اجل ان يصار الى التثبت من كل البراهين الكافية حتى يصار الى التوصل الى هذه النتيجة. وعندما تنطق الحكومة بهذا الحكم، فإنه يتوجب على الحكومة اللبنانية ان تحترم هذا الحكم وتحترم مضامينه. وهذا الحكم سوف يصدر عن أكبر شرعية دولية، وهي بالفعل قد أخذت على عاتقها دراسة كل المعطيات والتحقيقات وتولت بالنهاية أمر إصدار الحكم، وهي تقوم بذلك بعد أن تمّ التثبت من جميع البراهين. وبالتالي، فقد أصبحت هذه المحكمة وهذا الحكم ملك الشعب اللبناني. وبالتالي فإنها وبإصدار هذا الحكم، فإنّ الحكم يتخطى أو يتجاوز حق الدم، إذ لم تكن ولم تعد القضية قضية آل الحريري فقط، ودون أن يعني ذلك إغفال أهمية الجانب العائلي وأهمية رفيق الحريري بالنسبة لعائلته، بل أصبحت هذه القضية قضية جميع اللبنانيين وحقهم في الحياة والحرية وفي العدالة وهذا ما اثبتته الأيام بأن هذا الامر من الضروري جدا ان يصار الى احترامه والالتزام بكسف الفاعلين حتى لا ينبغي أحد بمنأى عن العقاب.

س: دكتور فؤاد هل تتوقع أن يغطي حادث الامس على الحكم الذي سيصدر أي كان؟

ج: دعني أكون واضحاً وهو أنّ أكثر الأمور أوجاعاً هو الوجع الحاضر. يعني حاليا المشكلة التي يعاني منها اللبنانيون الآن في هذه اللحظة هو هذا الحادث الجلل الذي أصاب اللبنانيين وأصاب مدينة بيروت والقاطنين فيها. وبالتالي، هذا لا يعني ان هناك رغبة لدى اللبنانيين في التعمية على هذا الحكم الهام الذي سيصدر بل لأنّ اهتمامهم منصب على نتائج هذه الفاجعة الجديدة. لذلك أنا أريد القول ان اللبنانيين يريدون من هذا الحكم الذي سيصدر عن المحكمة أن يتمكنوا من أن يستعيدوا وطنهم لا ان يستمر لبنان مرتعا للقتلة ولا مساحة للتملص من العقاب. هذا الامر هو الأمر الطبيعي الذي أراده اللبنانيون من اجل ان يحافظوا على حق الشعب اللبناني في الحياة وفي الحرية وفي العدالة وفي الامن لان هذه الجرائم التي ارتكبت في الماضي والتي أدت الى أكثر من مشكلة، ولاسيما في ذلك وجدناها اليوم في هذه النتائج التي جرت اليوم بسبب هذا الانفجار الأخير.

تاريخ الخبر: 
05/08/2020