الرئيس السنيورة بعد زيارة المطران عودة: للاسراع بتأليف الحكومة والتفرغ بعد ذلك لإيجاد الحلول وإلا الوضع متجه الى مزيد من التدهور

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

ستقبل مطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة ظهر اليوم في دار المطرانية في الاشرفية الرئيس فؤاد السنيورة على راس وفد ضم الوزيرين السابقين رشيد درباس وطارق متري والنائب السابق الدكتور عاطف مجدلاني وقد تطرق البحث الى الأوضاع الراهنة في البلاد وفي نهاية الاجتماع قال الرئيس السنيورة: 

 بدايةً، أودّ أن أعبر عن اعتزازي لزيارتي لهذا الصرح هذه المرة كما وفي كل مرة آتي للاجتماع بسيدنا المطران عودة، وهي كالعادة تكون مناسبة لتبادل الحديث سوية في مواضيع تهم الشأن العام في لبنان.

إنني آتي هذه المرة لزيارة المطران عودة، ولأول مرة عقب التفجير المريب الذي حصل في مرفأ بيروت، وأدّى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا والجرحى، والذي دمر قسماً كبيراً من العاصمة، كما ودمر جزءاً من هذا المبنى كما أخبرنا سيادة المطران عودة.

هذه الزيارة اليوم كانت مناسبة أيضاً من أجل أن أشدّ على يدي سيادة المطران عودة، ونؤكد له على اهتمامنا وتقديرنا واعتزازنا وتأييدنا لما يقوم به في خدمة لبنان واللبنانيين ولما يقوله ويؤكد عليه في كل أسبوع من عظات، وحيث يؤشر على الخلل المتمادي الذي يستشري في لبنان. هذه العظات هي في غاية الأهمية ومقدرة وينتظرها اللبنانيون في كل أسبوع وهم يؤيدون مواقفه. وهي أيضاً ذات المواقف التي يطرحها ويرددها غبطة البطريرك الراعي كل أسبوع، والتي تعبر بالفعل عن معاناة الناس وعن آلامهم وغضبهم مما يجري في لبنان، والذين يعبروا بصرخاتهم تأييداً للأفكار الجريئة التي يقولها المطران عودة في هذه العظات ويقولها أيضاً غبطة البطريرك.

الحقيقة، لقد كانت هذه الزيارة اليوم مناسبة لبحث العديد من الأمور التي يشكو ويتألم منها اللبنانيون، ولاسيما في هذه المرحلة التي لا نزال نرى فيها الكثير من الاستعصاء والممانعة التي يقوم بها ويفتعلها البعض من أجل عرقلة جهود تحقيق هذه الخطوة الأساسية التي ينتظرها اللبنانيون في تأليف الحكومة العتيدة التي هي الباب الأساس في البدء بإجراء المعالجات المطلوبة، والتي هي بالفعل جزء من سلسلة طويلة من الخطوات المهمة التي يجب ان تتم من اجل معالجة المشكلات والانهيارات التي يعاني منها لبنان ويعاني منها اللبنانيون. وهذه السلسلة من القضايا الخطيرة التي يعاني منها لبنان ويتطلب لحلها مجموعة من القرارات الهامة والاساسية، وأولها وليس أصعبها هي عملية تأليف الحكومة.

ها قد مضى على بدء جهود تأليف الحكومة تقريباً حوالي 8 أشهر، وها هم اللبنانيون لا يزالون يعانون الامرين نتيجة هذه القيود والاستعصاءات والعراقيل التي يضعها البعض ضد تأليف الحكومة العتيدة على الشكل الذي طالب به اللبنانيون في أن تكون حكومة إنقاذ من الاختصاصيين المستقلين غير الحزبيين، وهي الفكرة التي صاغها الرئيس ماكرون على أساس من هذه المطالب، وشكّلت جوهر مبادرته الإنقاذية. اللبنانيون يريدون حكومة تدرك وتحس وتشعر بالفعل مع اللبنانيين، والتي يفترض بها أن تحظى بثقة اللبنانيين وبثقة المجتمعين العربي والدولي، وتتولى مهامها في إجراء الإصلاحات التي يحتاجها لبنان واللبنانيون.

ولكن الهول الذي يشعر به اللبنانيون الآن ويضايقهم وتتمثل بهذه الممارسات وهذه العقبات التي تعترض تأليفها، والتي هي في جزء كبير منها ما يخرق الدستور ويخرق القوانين التي يستند عليها لبنان وتخرق المبادئ الأساسية التي قام عليها لبنان وهي فكرة العيش المشترك.

المشكلة الكبرى الآن تتمثل بالممارسات الخطيرة التي يفتعلها بعض السياسيين وكأن شيئاً لم يحصل في لبنان وكأنه لا توجد أي كارثة رهيبة تطبق على رقاب جميع اللبنانيين. وبالتالي هم يظنون أنه لا توجد أي معاناة لدى اللبنانيين. المشكلة أنه لايزال هناك سياسيون ومسؤولون وأحزاب ينظرون إلى أمر تأليف الحكومة من زاوية تحديد حصصهم في التشكيلة الوزارية وما هي الحصص التي يمكن ان يحصلوا عليها في هذه الحكومة وما هي المواقع التي يستطيعون ان يمسكوا بها بتلابيب البلد وتلابيب اللبنانيين.

المؤسف أنّ هذه الممارسات وهذا التصرف سوف لن يؤدي الى النتيجة المبتغاة التي يريدها اللبنانيون. صحيح أن هناك قيوداً واستعصاءات وعراقيل ليست فقط محلية يقوم بها أولئك السياسيون وفي مقدمهم فخامة الرئيس، ولكن هناك قيوداً أخرى يبدو عليها أنها استعصاءات خارجية، وهذه الجهات تمارس ضغوطها وتتلطى وراء رئيس الجمهورية وتحول دون إنجاز عملية تأليف الحكومة بالشكل المطلوب القادر على التصدي للمشكلات التي يعاني منها لبنان، وذلك من أجل الاحتفاظ بلبنان كرهينة لاستعمالها في قضايا لا علاقة للبنان بها.

الحاجة الآن هي لتأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن، والتفرغ بعد ذلك لإيجاد الحلول التي يحتاجها اللبنانيون لإخراجهم من هذا الأتون العظيم الخطير والمهول والذي نتج بسبب كل هذا التراكم للمشكلات وعدم المبادرة لإجراء الإصلاحات التي كان ينبغي أن تتم من سنوات. وها هم اللبنانيون يحصدون نتيجة استمرار الانكار والاستعصاء عن إجراء الإصلاحات التي يحتاجها لبنان من أجل إخراجه من مآزقه المتفاقمة. وهذه الأمور- وياللأسف- هي التي تحول دون إنجاز عملية تأليف الحكومة.

لذلك- وباعتقادي- أنه من الضروري في عملية التأليف، يجب ان تكون الأمور واضحة والبوصلة واضحة اكان ذلك في الموضوع المتعلق بالعودة الى التأكيد والالتزام باحترام الدستور واحترام وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، واحترام الدولة اللبنانية، والتأكيد على سلطتها الكاملة على كل الأراضي اللبنانية والعودة الى احترام استقلالية القضاء والتأكيد على احترام نظامنا الديمقراطي البرلماني واحترام الشرعيتين العربية والدولية.

هذه القضايا يجب ان تكون هي الهاجس الأساس في عملية التأليف، وبعد ذلك تمثل القواعد الواجب الالتزام بها في أداء الحكومة. ذلك لأنه إذا لم يكن هناك من التزام في عملية التأليف في احترام هذه الأمور والقضايا والتزام باحترام اللبنانيين الذين يطالبون بحكومة تمثلهم وبالتالي ترعى مصالحهم، فإن الحكومة الجديدة إذ تألفت على غير هذه الأسس سوف لن تؤدي الى استعادة الثقة من اللبنانيين ولا في استعادة الثقة من المجتمعين العربي والدولي، وبالتالي لن تستطيع الحكومة العتيدة أن تقدم شيئاً للبنانيين. وبالتالي لن يكون هناك إمكانية من أجل إيجاد المعالجات الصحيحة ولإخراج لبنان من هذا المأزق المتناسلة.

أنا أعتقد أنّ هذه الزيارة كانت فرصة للتداول سوية بكل هذه المسائل، والتي نتشارك سوية مع سيدنا المطران وكل الزملاء الذين كانوا موجودين في هذا الاجتماع في رؤيتنا الواضحة للخروج من هذه المآزق، وبالتالي في ضرورة الالتزام الفعلي بها في عملية تأليف الحكومة، وأن تشكل الأسس الواجب احترامها بالتالي في طريقة أداء الحكومة لعملها بعد ذلك. أردنا من ذلك تنبيه المسؤولين الى ضرورة اتخاذ المعالجات السريعة من اجل اخراج لبنان والا سيبقى الوضع سائراً باتجاه المزيد من التدهور وهذا كلّه ليس في مصلحة جميع اللبنانيين.

تاريخ الخبر: 
01/04/2021