الرئيس السنيورة: لضرورة تطبيق القرار الدولي 1701 الذي خرق من اسرائيل وحزب الله
اجرت قناة العربية الحدث حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورات وفي ما يلي نصه:
س: معنا دولة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة. دولة الرئيس مساء الخير، أهلا بكم الليلة. بداية الحديث عن قرب تنفيذ القرار 1701 حضرتك من الذين هندسوا هذا القرار، وكنت موجوداً عند اقراره وهذا كان في العام 2006. كيف يعقل أنه اليوم في العام 2024 لانزال نتحدث عن تنفيذ هذا القرار؟ هل ما زلنا كذلك؟
ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. القرار 1701 هو الذي جرى إقراره بإجماع أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر، وأقرّه لبنان في الجلسة التي عقدتها الحكومة اللبنانية في الثاني عشر من آب 2006، وحيث وافقت عليه الحكومة أيضا بالإجماع، وليس كما يقول البعض أن حزب الله لم يوافق عليه او تحفّظ عليه. صحيح أنه كانت هناك أفكار عديدة طرحت في تلك الجلسة. ولكن، في المحصلة، فقد وافق عليه الجميع. ولأكون واضحاً، فإنّه وفي تلك الليلة قلت لجميع الوزراء وبحضور رئيس الجمهورية آنذاك إميل لحود أنّه وكقرار صادر عن مجلس الأمن هو معروض علينا، وهو كان حصيلة مفاوضات شديدة وطويلة ومريرة، وحيث تمّ التوصل إلى هذه الصيغة، وحيث أقرَّه أعضاء مجلس الأمن بالإجماع. الآن الذي يريد من الوزراء أن يتحفظ على هذا القرار، فإنّي سأسبقه بالتحفظ عليه. أي أنني لن اقبل بأن يقوم أحد بالمزايدة على رئيس الحكومة أو على الحكومة في هذا الشأن، وبالتالي فقد تمّ إقراره بالإجماع.
المشكلة التي طرأت بعد ذلك هو أنه لم يجر التقيد بأحكام هذا القرار لا من قبل إسرائيل ولا من قبل حزب الله. إسرائيل لم تقم بوقف المخالفات التي لاتزال ترتكبها في 13 نقطة في الحدود على الخط الأزرق. وهي لم تنسحب من قرية الماري التي هي شمالي قرية الغجر. كما أنها لم تقم بأي عمل على الإطلاق فيما يتعلق بتنفيذ القرار بما خصّ مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. على صعيدا آخر، فإنّ حزب الله لم يلتزم بهذا القرار أيضاً لجهة عدم سحب الأسلحة الثقيلة التي كان يفترض أن لا تكون هناك في الأساس وخارج سلطة الدولة اللبنانية. وحيث أنها كانت موجودة، فإنها يجب أن تسحب من هذه المنطقة إلى شمال مجرى الليطاني، حيث يفترض أن يقتصر الوجود العسكري جنوب مجرى نهر الليطاني فقط للدولة اللبنانية ولقوات اليونيفيل. إلاّ أنَّ هذا الأمر لم يجر التقيد به من قبل حزب الله.
أما بالنسبة لمسألة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فإنّي كنتُ أشترط خلال فترة الاجتياح أني لن أخوض مفاوضات نهائية إلاَّ على أساس ان يتمكّن لبنان من استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. ولكن آنذاك اضطررنا، وبسبب الحالة العسكرية التي أصبح عليه حزب الله، والتي تتطلب التوصل إلى قرار سريع لوقف إطلاق النار، وبسبب رفض الحزب لأن يصدر القرار الدولي على أساس الفصل السابع، فقد اضطررنا إلى القبول بتلك الصيغة، ولاسيما أنه لم يكن هناك من استعداد لدى خمسة فرقاء للتجاوب مع مطلب الحكومة اللبنانية، وهي أن يصار إلى وضع مزارع شبع وتلال كفر شوبا في عهده الأمم المتحدة إلى أن يصار إلى ترسيم الحدود لبتّ المشكلة المتعلقة بالسيادة على هذه المنطقة أهي لسوريا أم للبنان. لبنان يقول بأن هذه الأراضي هي للدولة اللبنانية وليست لسوريا ولكن سوريا لم تتعاون في هذا الشأن. وبالتالي، فإنَّ الفرقاء الخمسة لم يتعاونوا معنا وهم سورية وإيران وحزب الله من جهة، وعلى الصعيد الآخر الولايات المتحدة وإسرائيل. هذا علما أنه في العام 2008 وخلال الفترة التي كنت أؤلف فيها حكومتي الثانية، حضرت إلى لبنان آنذاك السيدة كونداليزا رايس وأدلت بتصريح من السراي الحكومي لتقول لقد آن الأوان من أجل أن نجد حلاً لمشكلة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. في ذلك التاريخ انطلقت أصوات عديدة من ممثلي حزب الله ترفض ذلك وتقول أن هذا الأمر تقوم به أميركا من أجل نزع سلاح حزب الله. في هذا الأمر، فإني أرى أنه ينبغي أن يصار إلى توحيد الموقف اللبناني بأننا نريد أن يصار إلى أن تنسحب إسرائيل من هذه المنطقة وأن يلتزم حزب الله التزاما حرفيا وكاملا بالقرار 1701.
لقد سمعت اليوم السيد حسن نصر الله يقول بأن القرار الدولي 1701 لا يوفر الحماية للبنان، وأن هناك اختراقات تحدث كل يوم. هذا صحيح بشأن الاختراقات، ولكن حقيقة المشكلة، أنه يا سيدي، انه عندما لا يطبق القرار 1701 وتحدث كل يوم اختراقات من قبل حزب الله، وكذلك من الطرف الآخر، أي إسرائيل. فمن الطبيعي ان السيد نصر الله يقول ان 1701 لا يوفر الحماية للبنان.
الواقع أن على الطرفين أن يحترما ويتقيدا بموجبات القرار 1701. ونحن علينا أن نلتزم بالقرار وبالتالي أن يصار إلى سحب الأسلحة الثقيلة لا أتحدث هنا عن الأسلحة الفردية مسدس أو بندقية لدى الناس الذين هم موجودون هناك. عملياً لم يتحدث أحد في القرار 1701 عن سحب عناصر حزب الله لأنهم مواطنون وأهل البلاد، وبالتالي يستطيعون أن يبقوا في أرضهم لديهم مسدس أو بندقية هذا ليس سلاح حربي بالمعنى الذي نقصده. لذلك، وبالتالي ينبغي أن يكون للدولة اللبنانية في هذا الشأن موقفاً واضحاً وصريحاً وملتزماً، وذلك كما عبر عنه اليوم رئيس الحكومة- الرئيس ميقاتي اليوم- أننا نريد تطبيق 1701.
س: دولة الرئيس رئيس الحكومة الأسبوع الماضي والأسابيع الماضية كان لديه تصاريح جدلية من ناحية دعم حزب الله واليوم موقف الدولة اللبنانية ما هو وما الذي يجب أن يكون عليه موقف دولة الرئيس في هذا الظرف الحرج إلى هذا الحد وبنفس الوقت عندما نسأل هنا عن دولة لبنانية هنا نسأل عن الجيش لأن المطلوب انتشار الجيش وهناك حديث عن أن الجيش لا تعداد ولا الأموال ولا إمكانات، وبالتالي هل هو جاهز للانتشار؟
ج: صحيح أن الحكومة اللبنانية تعهدت آنذاك بأن تنشر قوة من 15,000 جندي وهذا حصل آنذاك- أي في العام 2006- ولكن ها قد مرّ على صدور ذلك القرار الآن 18 سنة، وبالتالي خلال 18 سنة ربما جرت خلال هذه الفترة الطويلة متغيرات كثيرة. أنا أعتقد أنه يجب أن يكون موقف الحكومة اللبنانية واضحاً، وهو الذي يجب أن يعبّر عن ما تريده الأكثرية الساحقة من اللبنانيين الذين لا يريدون أن يتورط لبنان في الصراع الدائر الآن في غزة ولا سيما بوجود متهورين في الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي والذين يحاولون أن يثبتوا بأنهم استطاعوا أن يحققوا وينجزوا شيئا في هذا الصراع الدائر هناك. وبالتالي يريدون أن يحققوا ربما شيئا على صعيد الوضع في جنوب لبنان وفي شمال فلسطين، وبالتالي أن يحرّفوا انتباه الجميع في الداخل والخارج عما يجري هناك في غزة من جرائم إبادة وحرب ضد الإنسانية، وكذلك أن يحرفوا الانتباه عما يجري في الضفة الغربية.
أنا أعتقد أن موقف الحكومة اللبنانية يجب أن يكون بدون أي لَبْس وبدون أي سوء فهم أو ارتباك في أنه يجب تطبيق القرار 1701، وبالتالي يجب أن يتمنى لبنان على المجتمع الدولي أن يصار إلى مساعدته في موضوع إيجاد التمويل اللازم لهذا العدد الإضافي في الجيش اللبناني الذي نحتاجه لوجود هذه القوة هناك لضبط الأمور بشكل كامل. الآن وعملياً، يمكن أن يتم ذلك عبر استدعاء الاحتياط واستدعاء المتقاعدين، وتطويع أعداد جديدة للجيش اللبناني هذا الأمر يجب أن يتم وبذلك يعبر لبنان بوضوح عن موقفه ومن دون أي خلل أو أي ارتباك لأن ذلك ليس مفيداً، وهذا ما يقتضي من أشقائنا وأصدقائنا أن يساعدوا لبنان في هذا الخصوص.
س: وزير الخارجية تحدث عن الحاجة لمساعدة في هذا الإطار ولكن دولة الرئيس أنا أستفيد من وجود حضرتك معنا عشية اغتيال أو ذكرى اغتيال رفيق الحريري نسأل هنا هل الاغتيال كان أحد الاسباب أو الدوافع التي أدت إلى ذهاب لبنان إلى هذا المعسكر اليوم إلى هذا المحور الذي أصبح لبنان فيه في هذه المرحلة؟
ج: بدون أدنى شك اغتيال رفيق الحريري كان جريمة مقصودة وخطوة واضحة لإزاحته جسدياً من أجل السيطرة على لبنان والسيطرة على القرار الحر في الدولة اللبنانية هذا الأمر يتبين من خلال التحقيقات التي أجرتها والاحكام التي أصدرتها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وهي قد بيّنت الجهات التي كانت وراء هذه العملية الإجرامية، وكيف وجدنا أن هذا الهدف الإجرامي تدحرج وتفاقم خلال السنوات التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري ولا سيما بعد أن الانقلاب الذي قام به حزب الله في العام 2008 واحتلاله لمدينة بيروت وأيضا بعد الانقلاب الذي جرى على حكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2011. وبالتالي، فقد انزلقت الأمور بعدها ليجري تنفيذ التوسع في السيطرة التي تمارسها إيران على لبنان، وكذلك في ترسيخ هيمنتها على كل من العراق وعلى سوريا واليمن، حيث أصبحت السلطة الإيرانية في جميع تلك البلدان أقوى من سلطة الدولة في هذه الدول الأربعة.
نحن نتكلم عن لبنان. نعم ونتكلم عن سلطة حزب الله ومن وراءه إيران على الدولة اللبنانية، والتي أصبحت بشكل واضح ضد ما تقتضيه مصلحة لبنان واللبنانيين. ولذلك يجب أن تتخذ كل الجهود من أجل أن تعود السلطة في لبنان للدولة اللبنانية وحزب الله حصراً ويجب أن يعود حزب الله بالتالي حزباً سلمياً غير عسكري. وبالتالي، نحن الآن أمام تحد كبير في هذه المرحلة وهي المرحلة التي فعلياً نرى كيف تبحث إسرائيل عن أي وسيلة من أجل توريط لبنان وهي تحاول أن تستفزه بشكل أو بآخر. ونحن نرى ذلك من خلال الاغتيالات التي ترتكبها إسرائيل للمنتمين لحزب الله وأيضا آخرين فهذا الأمر يجب أن نتنبه له في لبنان. حيث لا يجوز أن يتورط في هذه الحرب، وبالتالي يتورط لبنان، ولاسيما وانّ لبنان يعيش ازمات مختلفة أزمة اقتصادية ووطنية سياسية وأزمة النازحين السوريين وأوضاعه الوطنية لا تمكّنه من أن يتعرّض لكل هذه الازْمات.
في الحقيقة، إنني وفي بيان أدليت به في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023، أي باليوم الثاني لعملية طوفان الأقصى، كنت شديد الوضوح حين اثنيت وشددت على أهمية ما قامت به حركة حماس في هذه العملية التي نجحت في وضع هذه القضية الوطنية والعروبية المحقة مرة جديدة على طاولة اهتمام العالم. ولكن كنت كثير الوضوح ايضاً بأن لبنان لا يستطيع أن يتورط في هذه العملية العسكرية، ولا أن يستدرج من قبل إسرائيل لخوض هذه الحرب لأن ذلك سيكون مدعاة لوقوع ضحايا كثيرين وأيضا لتدمير لبنان ولا يستطيع بذلك ومن جهة ثانية أن يغير بأساس التوازنات العسكرية في هذه المعركة
س: دولة الرئيس يربط مصير لبنان بغزة ورد دائما حزب الله بأنه مصير لبنان مرتبط بوقف إطلاق النار في غزة ونفس الأمر اعتمده رئيس الحكومة هل هذا الامر يجب أن يكون موجودا اليوم؟
ج: في هذا الأمر يجب أن نميز بين أمرين أن هناك من يصر على أن يبقى لبنان مربوطاً بما يجري في غزة، ولاسيما فيما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية الجديدة الذي نعتقد أن انتخابه يشكّل المفتاح الأساسي للبدء بالخروج من الأزمات التي تعصف بلبنان. إلاّ أنه، ومن جهة أخرى، هناك من يحاول أن يربطه بهذا الشأن من جهة أخرى أي من الناحية العسكرية، وهذا شيء آخر. هناك من يقول أنه لا يريد أن يتورط لبنان في الموقف الكلامي الذي نسمعه من حزب الله ومن إيران بأنهما لا يريدان توسيع نطاق الحرب إلى لبنان وغير لبنان ولكنهم بالفعل يستمرون في التقاصف العسكري في هذا الموقف، بينما بالفعل يجب أن يكون هناك موقفاً واضحاً من قبل حزب الله بشكل واضح، وذلك استناداً إلى ما يريده لبنان واللبنانيون الذين في غالبيتهم الساحقة لا يريدون أن يتورط لبنان لأنهم يعرفون، وهم ذاقوا الأمرين من الحروب التي شنتها إسرائيل على لبنان في العام 2006 وفي الأعوام السابقة، وحيث تعرض لبنان إلى ستة اجتياحات إسرائيلية على مدى العقود الماضية ولا يستطيع لبنان أن يستمر على هذه الحال من عدم الاستقرار ومن عدم الوضوح.
اللبنانيون حريصون على أن يحتفظوا بلبنان صيغة للعيش المشترك وملتزمون بتطبيق اتفاق الطائف ولا يريدون الانحرافات عن هذه المبادئ بما يؤدي إلى الإطاحة بهذا السلم الأهلي في لبنان وبهذا التضامن الذي ابداه اللبنانيون في موقفهم لدعم القضية الفلسطينية ودعم سكان غزة ولكن سياسياً دبلوماسياً وإعلامياً.