الرئيس السنيورة لـ العربية: نتنياهو يسعى للتخريب على الاتفاق بين ايران وامريكا
اجرت محطة العربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول اخر التطورات في لبنان والمنطقة وفي ما يلي نصه:
س: أعود إلى ضيفي من بيروت رئيس الوزراء اللبناني الاسبق فؤاد السنيورة اهلا بك دولة الرئيس. استمعنا الى كلام نتنياهو، وعلى ما يبدو الردّ سيكون حتمياً، ويقال بأنه سيكون قاسياً بخلاف الضربات السابقة الأخرى. بنفس الوقت هناك تحذيرات دوليه من اتساع هذا الرد ليصبح حربا شامله هل تعتقد بان الرد الاسرائيلي سيلتزم قواعد الاشتباك؟
ج: تحياتي لك ولجميع المشاهدين. وبدايةً لا بد لنا من أن نسأل الله تعالى للشهداء، الذين سقطوا نتيجة هذه الجريمة الفظيعة، أن يمن عليهم بالرحمة والمغفرة، كما ونتمنى للجرحى أيضاً الشفاء العاجل.
إنّه لمما لا شكّ فيه ونتيجة لهذه المذبحة، وكما يظهر، فإنّ ردّات الفعل سوف تتخطى ما يسمى بقواعد الاشتباك الحالية، وربما ستتسبب، وإذا لم يجرِ لجمها، بتداعيات خطيره على أكثر من صعيد في لبنان، وبما يدفع المنطقة بالكامل إلى حافة حرب لا يمكن ضبطها.
إنّه، وقبل الدخول في تفاصيل هذه التهديدات، لا بدّ من المطالبة بأن يصار الى اجراء تحقيق موضوعي وشفاف تتولاه وتجريه الأمم المتحدة ومن قبل قوات الأندوف العاملة في منطقة الجولان المحتل، لأنه لا يجوز الاكتفاء بالموقف الإسرائيلي الذي تنقله الرواية الإسرائيلية عما حصل. إذْ لا بدّ من طرح العديد من الأسئلة والتساؤلات لمعرفة حقيقة وملابسات ماذا جرى. هل هذه الجريمة هي جريمة ارتكبها حزب الله، ام انها ارتكبت من طرف آخر؟ وهل هذا الصاروخ انطلق من لبنان؟ أو أنه انطلق من مكان آخر؟ وهل هذه العملية مقصودة أم كانت خطأ؟ ومن هو المستفيد من هذه الجريمة؟ ولاسيما أنه سبق لإسرائيل أن اختلقت أعذاراً واهية في الماضي للاعتداء على لبنان، مثلما حصل في حادثة الاعتداء على السفير الإسرائيلي في لندن/ إنجلترا في العام 1982، حيث شنّت إسرائيل عملية عسكرية بعد ذلك ضد منظمة التحرير الفلسطينية الموجودة في لبنان بعد ما قيل عن محاولة لاغتيال سفيرها إلى المملكة المتحدة، شلومو أرجوف على يد منظمة أبو نضال. وهي لذلك اجتاحت لبنان، ووصل اجتياحها إلى أن دخلت مدينة بيروت. وها هي إسرائيل ربما الآن تحاول ذات المسعى مجدداً.
وعلى ما يبدو، فإنّ إسرائيل وجدت في حادثة مجدل شمس فرصة مناسبة للاصطياد في الماء العكر، وبالتالي للتمهيد لشن حرب واسعة النطاق على لبنان.
هنا لا بدّ لي من أن أذكر هنا رواية يجب التثبت من صحتها، ولكنها تبين بعض الدوافع الحقيقية لنتنياهو في شن الحرب الواسعة على لبنان من أجل تجنب حلول موعد انفجار أزمته الداخلية لمحاسبته بقضايا فساد مثبتة. ذلك فضلاً عما رتبته عليه ما جسدته محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية من ثقل أخلاقي وقانوني عليه، بسبب إدانتها الصريحة والحاسمة له وللاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية.
الرواية تقول ان هناك تسريبات من واشنطن في أنه لربما هناك تقدم على مسار اتفاق ربما قد يحصل بين الولايات المتحدة وإيران بما في ذلك بشأن الاتفاق النووي بينهما، وأنّ نتنياهو قد أحيط به علماً في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، وهو بالطبع غير راضٍ عنه. ولذلك، فإن له مصلحة ايضاً في التخريب على مثل هذا الاتفاق!!
لقد حصلت مجزرة مجدل شمس التي نجم عنها سقوط هذه المجموعة من الفتيان الشهداء الأبرياء، وذلك في منطقه تعاني من إشكالات كثيرة. حيث أنه، وفي هذه المنطقة لاتزال إسرائيل تحاول دائماً أن تخلق إشكالات في علاقتها مع ابناء الطائفة الدرزية في هذه المنطقة الذين يرفضون الاحتلال الاسرائيلي، وحيث لايزال أكثر من ثمانين بالمائة من سكان هذه المنطقة يحمل الجنسية السورية، وهم بالتالي لهم وضعية خاصة هناك، ولا يشارك معظمهم في الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، وهم لايزالون مقيمين في منطقة الجولان ولايزالون مواطنون سوريون. وبالتالي، فإنَّ لنتنياهو مصلحة في التسبب في مشكلة هناك ليُظهرَ لأولئك المواطنين الدروز أن هناك من يستهدفهم من لبنان، وذلك لفكّ الرباط العربي الذي يربطهم بسوريا وبانتمائهم العربي، ويدفعهم دفعاً ليرضخوا أمام الإغراءات التي تقدمها إسرائيل. وكما يتضح أنّ إسرائيل فشلت في التسبب بفتنة درزية هناك.
في المحصلة، فإنّ إسرائيل اعتادت على اختلاق اعذار لشن اي عدوان تريده على لبنان، وهي الآن تبحث عن مبرر حتى لو لم يكن صحيحا. والحكمة اليوم التي يجب التمسك بها في لبنان تكمن في اسقاط ما تحاول اسرائيل ان تختلقه من مبرر للعدوان على لبنان، وأعتقد أنّ إسرائيل ستفشل في محاولتها هذه بالرغم من الأكلاف الباهظة التي يتحملها لبنان بشرياً ومادياً.
س: ولكن دوله الرئيس، هل تعتقد، وبالظروف الراهنة، أن اسرائيل بحاجة فيما لو أرادت، هذا لو سلمنا جدلا بأن حزب الله ليس هو المعني بهذه الهجمات وان اسرائيل هي من قامت بها من اجل ايجاد ذريعة؟ هل إسرائيل بحاجه لذريعة من اجل توسيع مجال ضرب حزب الله بطريقة قاسية؟ ولاسيما وأنها تقوم بذلك يوميا ولديها كل الذرائع بسبب الضربات المتبادلة بينها وبين حزب الله؟
ج: من دون شك ان الاشتباكات العسكرية التي تجري في الجنوب ومناطق أخرى من لبنان تزداد عنفاً، ويمكن أن تستعملها إسرائيل وبالواقع يستخدمها نتنياهو من أجل استهداف لبنان بشكلٍ كبير. ولكن يجب أن لا ننسى أمراً أساسياً، وهو انّ نتنياهو يحاول أقصى جهده من أجل توظيف هذه الجريمة في مجدل شمس لصالحه للهروب من اسار الضغوط الأميركية التي تفرضها الإدارة الأميركية عليه. في الحقيقة، اننا إذا استمعنا إلى التصريحات التي تدلي بها جميع الاطراف المعنية في ما يجري على الساحة اللبنانية، وما يحصل من عمليات عسكرية يومية، ولاسيما وتحديداً من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإنهما يعبران عن أنهما لا يريدان توسيع نطاق المعارك العسكرية التي تجري حالياً. من جانب آخر، فإنَّ إيران وحزب الله يُصرِّحان بطريقه او بأخرى بانهما لا يريدان توسيع نطاق هذه المعارك العسكرية المستمرة منذ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. لذلك يُطرح السؤال: إذا من هو المستفيد من هذه العملية التي حصلت في مجدل شمس؟ هل هو فعلياً حزب الله الذي أطلق هذا الصاروخ. في هذا الصدد، فإنّه يمكن النظر الى موقع سقوط القذيفة، والتثبت هل هو صاروخ إيراني أم انه جرى تهريبه ليستخدمه فريق آخر؟ ومن أين أطلق؟ هذا إذا ما أبقت إسرائيل على مسرح هذه الجريمة كما هو والله أعلم.
ما أود أن أؤشر إليه في هذا الصدد، أنّ هناك امورا عديده ينبغي جلاؤها، وأنا لا أستطيع ولا يجوز لي أن أوجه اتهامات جزافاً هكذا، لأنه ليس لدينا المعلومات الكاملة، ولكني أطرح تساؤلات. ولذلك ينبغي جلاء ملابسات هذا الامر بشكلٍ كامل، تجنباً لتدهور الأمور إلى ما قد يهدد السلم الإقليمي والسلم الدولي، ولاسيما في منطقة الشرق الاوسط ككل. وذلك يمكن أن يحصل من خلال تحقيق شفاف وموضوعي بعيد عن التحيز تتولاه الأمم المتحدة.
عملياً كلنا يعلم بان أحد الاطراف الاساسيين الذين يريدون أن يتوسّع إطار المعركة العسكرية ويدفع باتجاه توسيع نطاقها مهما كلفت واقتضت هو نتنياهو شخصياً وأيضاً المتطرفين الذين معه في الحكومة وفي إسرائيل، والذين لا ينفكون يؤكدون على ضرورة ان يصار الى توسيع نطاق هذه المعركة العسكرية القائمة. وهم لا يريدون أن يحصل أي تقدم حقيقي باتجاه تحقق السلام العادل والدائم في المنطقة. ولذلك يشددون على ضرورة شنّ حرب واسعة ضد حزب الله غير عابئين بالنتائج التي يمكن ان تحصل، وما هي التداعيات التي قد تنجم عن ذلك.
أنا أقول هذا الكلام مع التأكيد انه ليس خاف على أحد أنني انا شخصيا، وفي اليوم الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أي في اليوم الثاني لطوفان الأقصى، قلت وبصراحه شديدة أن حصول طوفان الاقصى كان مهما، وبكونه قد يسهم فعلياً في استعادة حضور القضية الفلسطينية لتوضع ولتكون على طاولة البحث من قبل الدول المعنية في العالم. ولقد أثبت طوفان الأقصى أن القضية الفلسطينية تحفر عميقا في ضمائر ووجدان العرب والمسلمين وأنها غير قابله لا للبيع ولا للشراء ولا للتصفية. ولكن بالرغم من ذلك كله، فقد كان موقفي، ومن جهة أخرى، واضحاً جداً بأن لبنان لا يستطيع ان ينخرط في مثل هذه المعركة العسكرية لأسباب عديدة لأنّ ظروفه الوطنية والسياسية والاقتصادية لا تسمح له بذلك. ناهيك عن أن لبنان يعاني من أزمة النزوح السوري الكثيف، وأنّ لبنان يعاني، وفي هذه المرحلة، من انقسام داخلي بشأن مسألة تورّطه في هذه المعركة العسكرية، ولاسيما وان لبنان لم يعد لديه شبكة الأمان العربية والدولية التي كانت له في العام 2006. ولأنّ الظروف التي كانت سائدة في العام 2006 لم تعد سائدة في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2023، كما انها ليست سائدة اليوم.
لبنان ما يزال يعيش أزْمات سياسية ووطنية واقتصادية. إذْ أننا لم نستطع، وبعد مضي قرابة السنتين أن ننتخب رئيس الجمهورية الجديد حتى الآن، كما أننا لا نستطيع تأليف حكومة قادرة على إدارة الأمور في لبنان.
لكننا، وعلى صعيد آخر، فإننا نعلم موقف حزب الله الذي لايزال يرفض أن يصار إلى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية ما لم يطمئن الحزب بأن الرئيس الجديد سيكون داعماً لاستمرار احتفاظ حزب الله بسلاحه، وهنا يكمن جوهر المشكلة في لبنان.
س: دوله الرئيس كيف يمكن للبنان الرسمي ان يتعاطى مع هذه التطورات. رأينا منذ قليل بأنّ هناك اتصالات مع الجانب الأميركي الذي يريد ان لا تتوسع اسرائيل في ردها على هذه الحادثة. من طرف آخر، هناك أيضاً بعض النواب اللبنانيين الذين تقدموا بعريضة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري طالبوه فيها بدعوة الحكومة الى عقد جلسة استثنائية يعقدها المجلس من أجل مناقشه التطورات الجارية في الجنوب. وحتى الان لا يجري التعاطي بإيجابيه مع طلبهم. باعتقادك هل يمكن للبنان الرسمي القيام باي شيء لمعالجة هذه المشكلة المستعصية أم انه مكبل الى النهاية وكما قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية بأن لبنان بات دولة فاشلة وقد اجتاحتها إيران؟
ج: نعم، صحيح أن لبنان بات مخطوفَ الإرادة من قبل حزب الله ومن ورائه إيران، حيث السلطة في لبنان باتت لمن لديه السلاح غير الشرعي الذي يستقوي به لفرض رأيه على باقي اللبنانيين.
هنا من المفيد يا سيدتي أن أذكِّر المشاهدين انه وفي العام 2006 أي عندما اجتاحت اسرائيل لبنان، فقد كان مطلبي، وأنا كنت حينذاك رئيساً للحكومة اللبنانية، انه من الضروري وحتى نتوصل إلى حل دائم ونهائي للمشكلة التي يتذرع بها حزب الله للاحتفاظ بسلاحه، وهي قضية استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. هذه المنطقة ليست إسرائيلية كما تدّعي إسرائيل. فهي إما سورية واما لبنانية. لبنان يقول انها منطقة لبنانية. وفي كلتي الحالتين يجب ان تنسحب إسرائيل منها كما انسحبت من لبنان في العام 2000. المفارقة تكمن في من وقف ضدي آنذاك في العام 2006، وضد أن يصار الى وضع تلك المنطقة بعهدة الامم المتحدة ريثما يصار الى بت الامر ما بين لبنان وسوريا، أي لمن تعود السيادة على هذه المنطقة. وبالتالي فإنّه، وحسب ما كنت اقترحه وأتمسك به يجب أن يزول الاحتلال عنها وتسحب من يد حزب الله الذريعة التي يتمسّك بها لجهة احتلال إسرائيل لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهي الحجة الأساسية التي لايزال يعتمدها الحزب من أجل التمسك في المحافظة على سلاحه.
آنذاك طالبت بان نجد حلا نهائيا من اجل ان لا تتكرر مثل هذه العمليات، وبأن يستعيد لبنان سيادته على منطقه مزارع شبعا. والذي رفض آنذاك هذه الفكرة هم الأطراف الخمسة الولايات المتحدة واسرائيل من جهة وكذلك ايضا إيران وسوريا وحزب الله من جهة ثانية. وكل فريق كانت له ذرائعه ولكنهما اتفقا سوية على عدم الموافقة على إيجاد حل دائم ونهائي لهذه المشكلة، وكل فريق من طرفه احتفظ بموقفه الذي كان بمثابة مسمار جحا. وهكذا لم نتمكن من تمرير ذلك البند وبشكلٍ واضح في متن القرار 1701.
نحن الآن في لبنان نعاني من عملية اختطاف للدولة اللبنانية من قبل حزب الله وإيران. وهذه المسألة لا يسأل عنها لبنان. عملياً الذي يسأل عنها هو من دفع لبنان الى هذا الموقع الذي أصبح لبنان فيه. وبالتالي ماذا علينا ان نفعل في لبنان. باعتقادي يجب على لبنان وعلى الحكومة اللبنانية أن تدافع عن نفسها قدر ما تستطيع ويكون ذلك بالقيام بكل الاتصالات لاستيعاب الأمر، وللحؤول دون ان تستغل إسرائيل جريمة مجدل شمس لتقوم باعتداء كبير على لبنان. وهذا ما ينبغي أن يطالب به بلبنان من أجل التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي للحؤول دون انفلات الأمور إلى ما هو أسوأ.
نحن اليوم هنا وبالتالي وكما نرى فإنّ هناك تسلطا من قبل حزب الله على الدولة اللبنانية. ولقد كنتُ معارضاً لأن يصار الى اقحام لبنان في هذه المعركة العسكرية، ولاسيما انّ هناك موقفاً عارماً من قبل الأكثرية الكاثرة من اللبنانيين الذين لا يريدون هذا التدخل وهذا التورط، ولأسباب عديده، ولاسيما أنّ لبنان لا يستطيع أن يتحمل بأن يتورط في مثل هذه المعركة العسكرية، حيث أنه مثلما ان حرب غزة هي أكبر من غزة. فكذلك أن حرباً واسعة تشنُّ ضد لبنان ستكون أكبر بكثير مما يستطيع أن يحتمله لبنان أو يتحمله.
لذلك، نحن اليوم علينا أن ننظر لنتبين من هو المستفيد من كل ما يجري الآن. ولذلك أطالب بان يصار إلى إجراء تحقيق حيادي حول من هو وراء هذه الجريمة.
الآن الحكومة اللبنانية جل ما تستطيعه هو أن تكثف الاتصالات للحؤول دون توسيع نطاق المواجهات العسكرية، ولتمنع أن تتردى الأمور إلى حدود لا يمكن بعدها ضبط الأمور.
كما يبدو لي أنّ هناك اتصالات على الأقل لترتيب ردّة فعل إسرائيلية مضبوطة Orchestrated Retaliation، وهي المحاولات التي يبذلها الأطراف المعنيون الذين ينسقون بين إسرائيل وحزب الله بطريقة او بأخرى مثل الولايات المتحدة، وذلك على النسق الذي حصل قبل فتره مع إيران والأيام القادمة كفيلة بأن تبين ماذا يمكن أن يحصل.
س: نعم هل يمكن لذلك ان يكون مدخلا لإجبار حزب الله على الالتزام بالـ1701 والعودة الى ما وراء الليطاني؟
ج: دعيني أقول، ولكي نكون واضحين ان عدم تطبيق القرار 1701 بشكل سليم لا يعود السبب في ذلك فقط لحزب الله، ولكن أيضاً يعود السبب فيه لإسرائيل. كلاهما لم يطبقا هذا القرار. إسرائيل لم تطبقه من خلال استمرارها في عدم الانسحاب من نقاط عديدة على طول الخط الأزرق، بالإضافة إلى استمرار احتلالها لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وكذلك لشمالي قرية الغجر اللبنانية، واستمرار اختراقها للأجواء اللبنانية.
من جانب آخر، فإنّ القرار ينص على ان لا يكون هناك سلاح ثقيل في المنطقة جنوب الليطاني. هذا هو القرار 1701 واضح وصريح، وأن تكون لقوات الامم المتحدة اليونيفيل الصلاحية في ان تجوب في المنطقة جنوب الليطاني للتفتيش إن كان هناك من وجود لأسلحة ثقيلة. ولكن لا ينص القرار على منع أشخاص من التواجد في المنطقة حتى ولو كانوا تابعين لحزب الله، ولكنهم من سكان تلك المناطق، إذ لم ينص القرار على انسحاب هؤلاء المجموعات. القرار ينص على عدم وجود السلاح الثقيل، وعلى عدم إدخال هذا السلاح الثقيل إلى أي منطقة في لبنان ما لم يكن سلاحاً تابعاً للسلطات الشرعية اللبنانية. هذه هي المشكلة. القول أنّ هناك مخالفه للقرار 1701 فقط من حزب الله وحده هذا غير صحيح هناك مخالفة مستمرة ترتكبها إسرائيل، وأنها هي أيضاً لم تطبق القرار 1701 من طرفها.
س: طيب دوله الرئيس ايضا هناك تقارير تتحدث عن ان الوضع الميداني تغير كثيرا منذ العام 2006. هناك أنفاق لحزب الله، والتي لم تعد تقتصر على الضاحية وبيروت والبقاع وانما امتدت الى كل المناطق اللبنانية. بالمستقبل ما الذي يجب فعله لتفادي توريط كافة المناطق اللبنانية باي حرب قد تشنها اسرائيل بسبب وجود هذه الانفاق؟
ج: يجب أن نكون واضحين. لقد أثبتت الأحداث والأيام الماضية أنّ المعالجات التسكينية بالمراهم باتت غير ذات جدوى وأنها لا تستطيع ان تحل المشكلة من جذورها. ولذلك يجب أن نعود مره جديدة للتفكير الجدي والمجدي في هذه القضية، ولاسيما بعد أن تمنعت إسرائيل عن تطبيق كل ما اتفق عليه في مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو ورفضت تطبيق المبادرة العربية للسلام ورفضت تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.
إنه، وبسبب استمرار هذا التعنت الإسرائيلي من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حصل طوفان الأقصى، وبالتالي قامت اسرائيل ومنذ السابع من أكتوبر بما لانزال نشهده من عمليات الإبادة الجماعية والتهجير القسري والتدمير المنهجي للأبنية والمدارس والمستشفيات وغيرها، والقتل الوحشي والتجويع والتعطيش لسكان غزة. ولكن كل ذلك لم يؤدِ الى أي نتيجة ولم تتحقق الأهداف التي وضعتها إسرائيل. ولذلك، فإنّ الاشتباكات التي تجري عبر الحدود اللبنانية مع إسرائيل ربما أنها ستستمر، إذ لا ضمانة أن توقف إسرائيل عدوانها على لبنان حتى بعد وقف القتال في غزة.
هناك وجهة نظر واضحة بدأت تتشكل في العالم لجهة ضرورة العودة إلى اعتماد الحلول الكاملة والدائمة لهذه القضية، ذلك أن استمرار هذه القضية الفلسطينية دون حلٍّ دائم سوف يؤدي الى المزيد من التشنج والمواجهات والحروب، وبالتالي الى المزيد من التشدّد والكراهية والتعصب، ولاسيما أنّ المعالجات التسكينية لم تعد قادرة على حل المشكلات. على العكس من ذلك، فإنّ الأمور إنْ تُركت هكذا، فإنّه لربما تحصل أمور ومواجهات لا يمكن التحكم بها بعد ذلك.
أنا اعتقد انه قد آن الاوان لان تطرح هذه القضية المستعصية وبشكلٍ كامل على الصعيد الدولي لإيجاد الحل الدائم والعادل، ولاسيما أنّها قد باتت قضية تتعلق بحقوق الانسان. إذْ أنه، إذا ما استمرَّت الأمور على هذا المنوال، وفي خضم الظروف المعقدة والمتداخلة والمتوترة التي يعيشها العالم حالياً، وفي ظلّ هذا التشدّد المتزايد الذي نلاحظه، وهو ما أبرزته نتائج الانتخابات التي جرت مؤخراً في أوروبا وتجري الآن في الولايات المتحدة بان هناك تشدداً متزايداً قد ينجم عنه احتمال أن تتدحرج الأمور نحو التسبب بإيجاد محاور، وخلافات وحروب دولية عميقة وخطيرة.
لهذه الأسباب إذا كان هناك من دور يجب أن تقوم به الولايات المتحدة والدول الغربية اليوم هو أن يتجه الجميع باتجاه ايجاد حل حقيقي وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، وذلك عبر الدبلوماسية النشطة، وعبر الاتصالات من أجل إيقاف هذه الحروب المشتعلة، والتوجه نحو الحلول الدائمة والعادلة.
شكراً لك رئيس الوزراء الاسبق فؤاد السنيورة كنت معنا مباشره من بيروت.