الرئيس السنيورة لقناة دجلة العراقية : نشهد في لبنان متغيّرات كبرى في سوريا وفي المنطقة العربية وذلك بعد ما جرى في غزّةو الضفّة الغربية

-A A +A
Print Friendly and PDF

اجرت قناة دجلة الفضائية العراقية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورات في ما يلي نصه:

س: هناك الكثير من المحاور، بصراحة، التي أود أن أستفيض بها معك. ترامب وغزة، ترامب والعرب، التحولات الكبرى في لبنان، وحتى أحداث صارت من الماضي، لكنها تبقى مؤثرة في المشهد اللبناني، وربما حتى إنعكاسها لا يبقى عند الحدود اللبنانية. الكثير من المحاور أود أن أناقشها معكم، وأتمنى من المُشاهد اليوم أن يستثمر حضوركم المميز معنا لتفكيك هذه التفاصيل.

دعني أبدأ معك من لبنان. حكومة نوّاف سلام، هذا الرجل الذي يريد أن يبحث عن إستقرار حدود لبنان ويريد إعادة ثقة المواطنين بالدولة اللبنانية، وإعاده لبنان قويّا وحاضرا بقوّة في المشهد العربي وحتى الدّولي. اليوم دولة الرئيس نرى لبنان مختلفاً، وبعيداً عن الثلاثية القديمة "جيش، شعب، مقاومة" هل تمتلك حكومة نوّاف سلام الادوات لطي الصفحة القديمة؟

ج: : مساء الخير لك سيدة رانيا ومساء الخير لجميع المشاهدات والمشاهدين في جمهورية العراق الشّقيق والحبيب على قلب كلّ اللبنانيّين.

الواقع أنّنا الآن نشهد في لبنان متغيّرات كبرى، على النّسق الذي نشهده أيضاً من متغيّرات وتطوّرات وتحولات أساسية، أكان ذلك في سوريا أم في المنطقة العربية، وذلك بعد ما جرى في غزّة وما يجري الآن في الضفّة الغربية، وكذلك في العالم من حولنا. الحقيقة أنّه وعلى مدى ثلاثة عقود، كان يجري هناك تدرج في عمليّة السّيطرة على الدولة اللبنانية من قِبل حزب الله ومن ورائه إيران التي استندت إلى نظريّة ولاية الفقيه العابرة للحدود السياسية. وبالتالي عملت إيران على بسط سيطرتها على أكثر من دولة عربية، كما كانوا مسؤولوها يقولون: "أن لدينا السيطرة على أربع عواصم عربية بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء". ذلك إلى جانب التدخلات التي كانوا يقومون بها في أكثر من دولة عربية، والتي كانت تُسهم في زعزعة الاستقرار في تلك البلدان. هذه السيطرة باتت تُهدِّد إستقلال وسيادة لبنان، إلى حدّ بعيد، وتتسبّب في العديد من الانهيارات التي شهدها لبنان ويُعاني منها، ولا سيّما خلال العقد الثاني من هذا القرن، أي إبتداء من الانقلاب الذي مورس على حكومة الرئيس سعد الحريري في بداية العام 2011. ذلك ما أدّى إلى حصول تدهورٍ كبير في لبنان، وعلى أكثر من صعيد وطنيّ وسياسيّ وإقتصاديّ ومعيشيّ ونقديّ وماليّ وغيره. ومنذ ذلك الحين، باتت تتعطّل عملية انتخاب رئيس ا لجمهورية، وكذلك تتعطّل وتتأخر عمليات تأليف الحكومات، حيث دائماً كانت تأتي متأخرة. ولذلك، فقد شهدنا في لبنان سنوات وسنوات من الفراغ القاتل إلى أن وصلنا إلى ما قام به وكرَّره حزب الله في توريط لبنان في حرب مدمرة مع إسرائيل، حيث بادر حزب الله إلى القيام بعمل عسكري على الحدود اللبنانية مع إسرائيل في العام 2006 بدون علم الدولة اللبنانية وبدون إذنها ولا معرفتها، وذلك على الرغم من تأكيد السيد نصر الله بأنّ حزب الله لن يقوم بأي عمل عسكري ضد إسرائيل في اجتماع هيئة الحوار الوطني اللبناني في حزيران من العام 2006. وعلى ذات المنوال، بادر الحزب إلى تكرار عملية توريط لبنان في حرب ضروس مع إسرائيل تحت ما يسمّى نظرية الإسناد والمشاغلة، وذلك ما أدّى إلى ارتكاب هذا العمل الحربيّ الذي أدّى إلى إعطاء الذريعة التي تفتش عنها إسرائيل للتدخل في لبنان، وبالتالي لشن حرب مدمرة على لبنان ابتداءً من الثامن من أكتوبر عام 2023، والتي اشتدّ لهيبها في النصف الثاني من العام 2024.

الآن قد تمّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وجرى تأليف حكومة جديدة برئاسة القاضي نواف سلام.

س: أفهم من كلامكم دولة الرئيس أن مسألة اختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة اللبنانية تعني أن لبنان قد خرج من العباءة الايرانية اليوم؟

ج: لا شك في أنَّ لبنان قد بدأ يخرج من هذه العباءة الإيرانية، ولاسيما بعد حصول هذه المتغيرات التي نجمت عن الحروب التي اندلعت في غزة وفي الضفة الغربية وفي لبنان وسوريا وإيران. هذه الحرب التي اندلعت بين الحزب وإسرائيل أطاحت بقيادات كثيرة من حزب الله. وهنا لا بدّ لي من أن أُذكِّر المشاهدين أنني كنتُ قد حذّرتُ الحزب في الثامن من أكتوبر من العام 2023، أي في اليوم التالي لبدء عملية طوفان الأقصى من التدخل في هذه العملية، وأكَّدتُ على ضرورة عدم توريط لبنان في هذه الحرب.

للأسف، فقد حصل التدخل، كما بعد ذلك، قد أصبح معروفاً ما جرى خلال هذه الفترة الماضية. وبالتالي، وكما أشرت، فقد وصلنا الى النقطة التي لم يعد من الممكن الاستمرار في حالة الفراغ القاتل في لبنان، الذي كان يتسبب به محور الممانعة عبر تعطيل انعقاد جلسات مجلس النواب لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية. الآن قد جرى انتخاب رئيس جديد وحيث ألقى الرئيس جوزف عون خطابَ القسم، والذي كان فيه واضحاً وصريحاً بضرورة العودة إلى إعادة الاعتبار لسلطة الدولة اللبنانية الحصرية والوحيدة، وإلى الإقرار بحصرية وجود السلاح بيد الدولة اللبنانية. وبناء على ذلك أيضاً، جرى تكليف الرئيس المكلف نوّاف سلام، وبالتّالي تألفّت الحكومة وها هي الان سوف تعرض بيانها الوزاري على المجلس النيابي خلال أيام قليلة لنيل الثقة.

س : أفهم من كلامكم دولة الرئيس أن مشكلتكم ليست مع إسرائيل في لبنان، مشكلتكم مع السيد حسن نصر الله لأنه بعد استشهاده حُلَّت الامور، يعني تمّ اختيار رئيس جمهورية وتم انتخاب حكومة؟

ج: لا تُقوِّليني ما لم أقُلْهُ يا سيدتي. المشكلة الاساس في المنطقة العربية هي إسرائيل، وفي استمرار العدوان الإسرائيلي الذي تمارسه إسرائيل على الدول العربية وبما فيها لبنان، إنّ هناك أرضًا تحتلها إسرائيل في فلسطين وفي لبنان وفي سوريا، وينبغي عليها أن تنسحب منها.

*س: دولة الرئيس أنا أتحدّث وفق كلامكم هنا عن تشكيل الحكومة اللبنانية التي كانت متأخرة، وعن مسألة عدم انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية التي ربما استمرت لأكثر من سنتين. أنا أتحدث عن هذه النقطة وعن هذا التفصيل. هل كان السبب السيد حسن نصر الله؟

ج: جوابي على هذه النقطة أقول نعم. كان حزب الله، وبالتعاون مع حركة أمل والتيار الوطني الحر التابع للرئيس السابق ميشال عون والنواب المتحالفون مع نظام الأسد يمنعون عملية الانتخاب لرئيس الجمهورية، وكانوا يفرضون التغيب القسري على النوّاب حتى لا يحضروا جلسة الانتخاب. ليس هذا سرّاً. منْ كان يعمل ذلك هم مَنْ كانوا يسمّون أنفسهم بمحور الممانعة، التيار الوطني الحرّ ورئيسه جبران باسيل، ومَنْ كان يدور في دائرة رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون، وحزب الله وحركه أمل. نعم هؤلاء الذين كانوا يعطلون إنتخاب رئيس الجمهورية.

اليوم حصل تغيُّر أساسي في لبنان، بنتيجة الحرب الأخيرة. وهنا، فإنَّ عليّ أن أكون واضحاً، وأقول ما كان أغنانا عن هذه العملية التي جرى فيها توريط لبنان في حرب لا قدرة له على شنّها أو الفوز فيها. لقد قلت لك إنني كنت من الاوائل أو من الوحيدين الذين حذّروا حزب الله من التورط في هذه العملية. ولكنهم تورطوا في هذه الحرب، وأوقعوا لبنان في هذا المأزق الكبير. وهنا أريد أن أذكر أيضاً، أنَّ الحزب، وإضافة إلى تورطه في الحرب مع إسرائيل في العام 2006، بادر بعدها إلى التورط بالدخول في المعارك التي كانت تجري في سوريا، وأدّى ذلك كله إلى كلّ هذه الاشكالات التي حصلت، وكان من نتيجتها أيضًا ما جرى في سوريا، وتسببه في تهجير الشعب السوري في سوريا وإلى خارج سوريا، وفي التسبب في خلق عداوات بين اللبنانيين، وكذلك بين اللبنانيين والسوريين لم يكن من داع لها ولا فائدة منها.

الآن نحن هنا، كيف يمكن أن نُعالج هذا الكم الكبير من المشكلات؟ في الحقيقة، لا يُمكن أن تحصل المعالجات إلا بالعودة إلى احترام سلطة الدستور وإلى حسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، واستعادة الدولة لصلاحياتها الكاملة على كامل الاراضي اللبنانية. هذا هو المدخل الصحيح والوحيد للدخول والتقدم على مسارات الحلّ. يقول الله سبحانه وتعالى في القران الكريم: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} لا يمكن أن يكون هناك رُبّانيْن في طائرة واحدة أو في سفينة واحدة. يجب أن يكون هناك وحدانية في السلطة، ولا يُمكن لوجود دولتين تتنازعان السلطة بين بعضهما بعضاً.

س: ماذا تقصد دولة الرئيس هل كانت السلطة تُدار بأكثر من رُبّان؟

ج: نعم، بالطبع هذا ما كان يجري. لقد كانت هناك دولة لبنانية بالاسم، ولكن كانت هناك دويلة حزب الله بالفعل التي كانت تمارس سلطتها، وممانعتها وفيتواتها على الدولة اللبنانية. في الحقيقة، هذا هو الذي كان يجري في لبنان، وهذا الأمر ليس سرّا على أحد. هم ابتدعوا لهذا الامر عبارات عديدة، ساعة ما يُسمى ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، وساعة الثلث المعطل، وساعة أخرى موضوع حكومات الوحدة الوطنية، والتمسُّك وإعطائها مفاهيم واعتبارات خاطئة، وحيث أصبحت الحكومات في لبنان برلماناً مُصغّراً، ولم تعد مكاناً للقرار، بل أصبحت مكانا للتجاذبات السياسية. هذه الأمور هي التي خرَّبت نظامنا الديمقراطي البرلماني، وأوصلتنا إلى ما وصلنا إليه الآن.

س: أنا الآن مع هذه اللحظة، مع وجود حكومة نواف سلام، كيف ستكون معالجة مسألة الحدود مع إسرائيل، كيف سيكون شكل الحدود بين لبنان واسرائيل خصوصا وأنّ الرواية الاسرائيلية تتحدث عن بقاء احتلال إسرائيل لخمس نقاط عسكرية، وذلك بموافقة أميركا. هل سيكفي الرفض اللبناني الرسمي؟

: سيدتي، دعيني أوضح لك في البداية أمراً مهماً. إنّ القرار 1701 كان ينصّ على أن يلتزم حزب الله، وأن تلتزم إسرائيل بتنفيذه واحترامه. المؤسف أن لا إسرائيل التزمت به، ولا حزب الله التزم بهذا القرار 1701. ولقد كان من نتيجة هذا التلكؤ وهذا التقاعس أننا وصلنا إلى النقطة التي أُلزِمّ فيها لبنان بموجب المفاوضات التي قادها الاستاذ نبيه بري رئيس المجلس النيابي وبإسم حزب الله، وهي التي اضطرتنا وأوصلتنا إلى تلك التفاهمات الثلاثة عشر التي تنص على أمور ما كان من الضروري أن نقع فيها لولا امتناع إسرائيل عن تطبيق القرار 1701، ولولا هذا التقاعس الذي ما مارسه الحزب في عدم الالتزام بالقرار 1701، ولولا تورطه في شن العمل العسكري ضد إسرائيل في الثامن من أكتوبر 2023. الآن ينبغي علينا أن نقوم بتنفيذ القرار 1701 مُرغمين بتنفيذ واحترام التفاهمات الجديدة.

الآن هناك تفاهمات على إسرائيل أن تلتزم بدورها بتنفيذ هذه التفاهمات لجهة الانسحاب من جميع النقاط التي احتلتها. وعلى الحكومة اللبنانية اليوم أن تتولى المسؤولية في تطبيق سلطتها بشتى الوسائل المتاحة، كما أنّ مسؤولية الراعيين الأميركي والفرنسي تنفيذ التزاماتهما في هذا الخصوص.

س: وكيف ستتولى الحكومة هذا الامر، ماذا ستفعل؟

ج: لا أعتقد أنّ الحكومة اللبنانية ستلجأ إلى العمل العسكري. في الحقيقة، لو كان العمل العسكري قد حقّق أي نتيجة مفيدة، لكنا قلنا بوجوب الخوض في العمل عسكري ضد إسرائيل. لكنّ هذا الامر تبيّن عدم نجاعته.

س: دولة الرئيس هناك إتفاق لوقف إطلاق النار وإسرائيل لم تلتزم به، حزب الله الآن يلتزم بهذا الاتفاق؟

ج: هذا صحيح، ولكن دعيني أوضح. أولاً، انَّ هذا الاتفاق قد التزم الحزب باحترامه عقب ما التزم به الرئيس نبيه بري وكان مفوضاً من قبل الحزب. الآن هذا الاتفاق بات موجوداً. إسرائيل هي الآن التي لا تطبّق هذا الاتفاق، وهي لاتزال تحتل هذه النقاط الخمس، وهي تتذرع بأنّه لاتزال هناك نقاطاً يستمر حزب الله موجوداً فيها وبأسلحته حسب ما تزعم إسرائيل، وبانّ الحزب لم يلتزم بأحكام هذا التفاهم الجديد. برأيي أنّ هذا الأمر يجب أن يُعالج بالسياسة، ويجب أن يُترَك للحكومة اللبنانية لأن تقوم بما عليها لإنهاء هذه الإشكاليات ان كانت صحيحة، وذلك بالتشديد على الراعيين الأميركي والفرنسي بضرورة انسحاب إسرائيل من هذه النقاط فوراً. ولكن، وعلى أي حال، فإنَّ هذا الأمر لا يجوز أن تجري معالجته عبر قطع طريق المطار أو عبر التعدي على قوى اليونيفيل.

في هذا الصدد، لا بدّ لي من التشديد على العودة إلى ما ينبغي علينا أن نلتزم به، وهو العودة إلى إعادة الاعتبار والاحترام للدستور اللبناني، وكذلك إلى اتفاق الطائف، وأيضاً العودة إلى إعادة الاعتبار إلى سلطة الدولة اللبنانية. وبالتالي، فإنَّ هذه الأمور لا تعالج بالاعتصام في الشوارع ولا بإغلاق الطرق. هناك وسائل أخرى يُمكن اعتمادها للتعبير عن رأي البعض، حرية التعبير من حق كلّ لبناني، وبإمكان المحتجين أن يقفوا في مكان ما، وأن لا يقفلوا أي طريق أو طريق المطار، ولا يعطلوا المؤسسات العامة أو الخاصة، أو أن يعرضوا الاستقرار للاهتزاز.

دعيني هنا أن أكون واضحاً، نحن لا نريد ولا يجوز أن نعطي ذريعة لإسرائيل لتستعملها ضدنا. فلبنان بغنى عن استعادة إشعال الحرب من جديد. يجب أن ننظر بحكمة وتبصر إلى الوضع الذي تطور خلال الفترة الماضية، حيث شنّت إسرائيل حرباً طاحنة على لبنان، وذلك بدعم من الولايات المتحدة، وبهذه الطريقة الجهنمية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن. وذلك كان نتيجة عدم التبصُّر الذي مارسناه، وياللأسف، على مدى سنوات وسنوات من المبالغات والشعبويات إلى الحد الذي أوصلنا إلى ما أصبحنا عليه اليوم، وحيث بدأ الموقف الاميركي يطالب بالتهجير القسري لسكّان غزّة. ومن بعد ذلك، فإنَّ عينه على الضفة الغربية لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية. هذا الامر يجب ان نعالجه بكثير من الحكمة والدراية وبالموقف اللبناني الواحد، وليس بمحاولة تفتيت الصف اللبناني.

يا سيدتي، يجب أن نُدرك جميعاً انّ قوة لبنان الاساسية هي في وحدة أبنائه، ويجب علينا أن نعود لاحترام مبدأ أساسي يجب التنبه إليه، وهو أن لا تحارب خصمك أو عدوك باستعمال السلاح الذي هو أقوى منك فيه. يجب أن نعود إلى القواعد الحقيقية التي تمكنّنا من الخروج من هذه المآزق التي نعيشها. الان لا يمكن للبنان ان يعالج هذا الوضع إلا من خلال الاعتماد على موقف لبناني موحد، ويكون ذلك بالعمل على إظهار عدوانية إسرائيل، وهي التي تستمر في اعتداءاتها على لبنان، وفي مخالفتها للتفاهمات الجديدة وللقرار 1701. هذا هو الموقف الذي باستطاعتنا أن نقوم به، وهو ما يمكن أن يؤدي بناء إلى التوصُّل إلى نتيجة معقولة، وذلك دون تعريض شعبنا للمزيد من القتل والدمار.

أما قول الرئيس بري: "أن بيننا الايام". نعم بيننا الأيام، ولكن ماذا يعني الرئيس بري من ذلك؟ هل سندخل في حرب جديدة؟ لقد دخلنا في حرب جديدة، وكانت النتيجة كما شاهدنا. فبالتالي، وكما يقول المثل: "اللي جرّب المجرب يكون عقله مخرب". مطلوب أن نرجع إلى اعتماد العقل والتعقل والحكمة، ونستعمل كل الادوات التي نستطيع أن نتميَّز بها أو نفوز بها على إسرائيل، وبالتالي أن نستعملها، لا أن نستعيد السردية التي أودت بنا إلى الهاوية، وذلك بأننا لدينا سلاح قادر على أن يدمر إسرائيل. يا سيدتي إستعملنا السلاح وكانت إسرائيل أقوى منا في القوة النارية، والقوة الجوية، والقوة الاستخباراتية، والقوة التكنولوجية، وهي عملت ما عملته فينا. لذا علينا أن نعود إلى التبصر وإلى تعزيز الوحدة الداخلية والعودة جميعاً الى خيمة الدولة اللبنانية. ليس هناك من خيارات أخرى للبنان. وإلا ستكون النتيجة المزيد من الآلام الإضافية، والمزيد من الدماء والأرواح والدمار التي سيُعاني منها الشعب اللبناني والدولة اللبنانية.

س: الرئيس جوزيف عون وعد أن يكون السلاح حكرا على الدولة. كيف سيكون السلاح حكرا على الدولة، بينما المقربين من حزب الله يقولون إن الحزب متمسك بسلاحه وقريبا سيعود الى المقاومة، وهل أصلا السلاح في لبنان هو فقط لدى حزب الله؟

: ما قاله الرئيس جوزف عون صحيح، إذْ يجب أن يكون السلاح حصراً بيد الدولة اللبنانية، وهو أمر يجب أن يدركه الجميع وفي طليعتهم حزب الله الذي لديه السلاح، بينما السلاح الآخر هو سلاح فردي، وعلى أي حال يجب ان يكون السلاح حصراً بيد القوى الشرعية للدولة اللبنانية.

على صعيد آخر، فإني أكاد ألمح وكأنّ هناك إنقساما داخل حزب الله، لأنّ ما سمعناه من الامين العام الجديد السيد نعيم قاسم مؤخراً مختلف عما يقوله قادة آخرين من حزب الله. هو قال إسرائيل أقوى منا إستخباراتياً وتكنولوجياً ونارياً وجوياً وسياسياً ودعماً أميركياً، فبالتالي هذا الأمر وما يتعلق بالسلاح يجب أن يُعالج بطرق ثانية، توصلاً إلى وجوب أن يكون حصراً بيد السلطات الشرعية المعنية في الدولة اللبنانية.

أما العودة إلى الحرب، فهو أمر يرفضه اللبنانيون. السؤال: مَنْ من اللبنانيين يريد أن يتعرض إلى ما تعرضنا إليه خلال الأشهر الماضية؟ هناك جسر أميركي مفتوح لإسرائيل تغرف منه ما تشاء وعلى كل الأصعدة، وهناك أرمادا أمريكية جاءت إلى لبنان لتخبرنا بصريح العبارة أن هزيمة إسرائيل غير مسموحة، وأنهم مستعدون لاستعمال كلّ قوة لدى الولايات المتحدة لدعم وحماية إسرائيل. كذلك لا بل أنّ إيران الآن قد باتت مُهدَّدَة. ماذا نفعل؟ هل نأخذ اللبنانيين إلى المزيد من الدمار، والمزيد من القتل، وبالتالي إلى المزيد من المعاناة. هل هذه هي الحلول التي يقدمها لنا الحزب الآن؟ ولاسيما وكما بدا واضحاً، فإنَّ القيادات الموجودة الآن لدى حزب الله، والتي أصبحت في الصدارة هي قيادات الصف الثالث أو ما دون، وذلك بعد أن جرى تصفية قيادات الصف الاول والصف الثاني. وهذا كلّه شيء مؤلم. ولكن ها هي الآن النتيجة المأساة التي أصبحنا فيها وعليها. وهؤلاء الأشخاص هم من يتولون القيادة في الحزب إلى جانب قيادات إيرانية. وهم الذين يتولون زمام القيادة اليوم.

لذلك، فإنّي أميل إلى الظن، وحتى الآن، أنهم هم أمْيَل إلى سلوك طريق التطرف بدلا من استعمال العقل والحكمة في معالجة الامور.

الآن يجب علينا أن نؤكد على وجوب أن يكون هناك موقف موحد للبنانيين في مواجهة هذه العنتريات التي تمارسها إسرائيل، وليس في زيادة الشروخات داخل المجتمع اللبناني. ليس هناك من تأييد لبناني للموقف الذي يتخذه المتطرفون داخل حزب الله ومن معظم فئات المجتمع اللبناني. لنكن واضحين وصريحين وشجعان، ولا نأخذ لبنان إلى المزيد من الانهيار. ليس هناك من عطف على هذا التصرف الشعبوي والانتحاري. الموقف الصحيح هو بالفعل الموقف الذي أعلنت عنه في السابع من أكتوبر 2023، وطلبت من الحزب عدم توريط لبنان أو زجّه في أتون الحرب. للأسف، وعلى ما يبدو، أننا لم نتعلم الدرس، وبعد كل الذي جرى، فإنَّ هؤلاء الذين هم من أصحاب الرؤوس الحامية في حزب الله يقولون لنا عملياً أنهم لم يتعلموا الدرس، وبالتالي يجبرون اللبنانيين على أن يتعرضوا للمزيد من الهلاك وللمزيد من المعاناة، وهذا أمر مرفوض.

س: أنت تحدثت عن إيران. إسرائيل الآن تهدد حتى الطائرات المدنية بمنع هبوطها في مطار رفيق الحريري الدولي؟

ما قصة الطائرة الايرانية التي مُنعت من الهبوط في مطار بيروت، لأنه تم الحديث أنّ هذه الطائرة تحمل مساعدات إيرانية لحزب الله، ليس فقط هذه الطائرة، بل الكثير من الطائرات؟

ج: أنا لا أعرف التفاصيل الحقيقية، ولكن على الأرجح، وكما يبدو، أنّ هناك ايعازًا إسرائيليا ربما نُقل إلى لبنان عبر الادارة الاميركية أو المسؤولين الاميركيين، وبالتالي هم أوصلوا هذا التهديد للبنان. بالمناسبة هي طائرة ركاب ليست تابعة للشركة الرسمية (Iran Air) بل لشركة ماهان الإيرانية، والتي صدر بحقها عقوبات. وعلى ما رشح من معلومات بأنّ إسرائيل، حسب ما قيل، على استعداد لقصف الطائرة على مدرج المطار. بنتيجة هذا الأمر، فإنّه من الطبيعي أن يكون من حق السلطة اللبنانية أن تاخذ الاجراءات اللازمة لتجنب مثل هذه الكارثة. هذا الامر غير مقبول؟ نعم غير مقبول. ولكن يا سيدتي، وللأسف، فإنَّ التفاهمات التي جرى الاتفاق عليها، أعطت إسرائيل من خلال التفاهم الضمني الذي جرى ما بين اسرائيل والولايات المتحدة، والتي هي عرّابة هذا التفاهم الذي وقعه الرئيس بري، بأنّ لإسرائيل السلطة على أن تعمل أي شيء تراه يضر بمصالحها. وياللأسف، هذا في المحصلة كان نتيجة التقاعس عن تطبيق القرار 1701 ابتداءً من الرابع عشر من آب في العام 2006.

س: هل تقصد أن اسرائيل هي التي منعت هبوط الطائرة وفق الاتفاق الضمني كما تحدثت؟

ج: بدون أدنى شك، إن هذا الخطر يبدو قد وصل عبر معلومات وصلت الى إدارة المطار في لبنان، بأن هذه الطائرة، وحسب ما نقل من معلومات إسرائيلية جاءت عبر الأميركيين وصولاً إلى الإدارة اللبنانية. هذا على ما يبدو، ولكن ليس لديّ كلّ التفاصيل في هذا الشأن.

س :طيّب دعني أستفيض أكثر في هذا الموضوع إذا سمحت. أنت كنت قبل تسلمك رئاسة الحكومة اللبنانية وزيرا للمالية ولسنوات عديدة في زمن الراحل رفيق الحريري، رفيق دربك. هذه الحقيبة الوزارية شكّلت عائقا لدى حكومة نوّاف سلام، لماذا يصر الثنائي الشيعي على التمسك بحقيبة وزاره المالية باعتبارك كنت وزيراً سابقاً لوزارة المالية؟

ج: : جيد أنك طرحت عليَّ هذا السؤال. دعيني أقول لك أنني كنت وزيراً للمالية في جميع حكومات الرئيس الحريري الخمس، وعلى مدى عشر سنوات، ولكنّ الدستور اللبناني يقول بشكل صريح وواضح أنْ ليس هناك من حظر على أي فئة في لبنان في أن يتسلّم شخص ينتمي إليها مسؤولية أي حقيبة وزارية. كذلك ليس صحيحاً ما يُشاع أن في لبنان وزارات سيادية ووزارات غير سيادية. كل الوزارات في الحكومات اللبنانية، وفي أي حكومة لبنانية، هي وزارات سيادية. كما أنه ليس هناك من حظر على أي أحد ليتسلم أي حقيبة وزارية، كما أنّه ليس هناك من احتكار لأي فريق على أي حقيبة وزارية.

كما تردّد يقول الرئيس نبيه بري إنه في الطائف جرى الاتفاق على أنْ تكون وزارة المالية من حصّة الشيعة. هذا كلام غير صحيح. الصحيح أنّ هناك منْ تحدث بهذا الأمر في تلك الاجتماعات، ولكنه أمر لم يُتَّفق عليه. ولذلك لا يمكن أن يُصار إلى الادِّعاء بأنّ هناك إتفاقاً قد حصل في مؤتمر الطائف. على سبيل المثال أيضاً، هناك من قال أنّه في مؤتمر الطائف قد قيل إنه يجب أن يكون هناك مجلس للشيوخ وأن يرأسه درزيّ، وهذا أيضاً أمر لم يحصل إتفاق بشأنه. كذلك حُكي في حينها عن صلاحيات لنائب رئيس مجلس الوزراء في غياب رئيس مجلس الوزراء، ولم يتخذ أي قرار في هذا الشأن. وبالتالي ليس كلُّ مَنْ حكى أمراً في اجتماعات مؤتمر الطائف صار كلامه مُنزَلاً. الجميع كل من طرفه تحدّث وطالب وأدلى بدلوه ولكن لم يتم التوافق بشأن تلك الأمور. المهم ما صدر عن الطائف من قرارات وليس ما تلفظ به أحدهم آنذاك. ثمّ إنّ الرئيس بري لم يكن حاضراً في ذلك المؤتمر الذي جرى في الطائف. والثابت أنَّ كلّ مَنْ لا يزال حيّاً حتى اليوم من المؤتمرين الحاضرين في ذلك المؤتمر، أنكروا ونفوْا أن يكون هناك قد جرى إتفاق على أنْ تكون وزارة المالية حكرا على الشيعة.

س: إذًا لماذا يصرّ الثنائي الشيعي عليها؟

: هم يصرّون عليها تبريرًا لما يقولون بإنّهم يريدون التوقيع الثالث، وهذه أيضاً بدعة جديدة لا وجود عملي وفعلي لها. أيّ توقيع ثالث؟ لا يوجد هناك توقيع ثالث. في كلّ مرسوم يصدر عن الحكومة اللبنانية يوقع عليه الوزراء المعنيون، إنْ كان يتخلله محتوى مالي، عندها يوقّع عليه أيضاً وزير المالية إلى جانب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وإذا كان له محتوى إقتصادي أو أمر خارجي أو تعليمي، على سبيل المثال، يوقع عليه أيضاً كل واحد منهم في ما يتعلق بالوزارات المعنية، لكنّ هذا لا يعني أنّ وزير المالية عنده الصلاحية بأنْ يتسيّد على باقي الوزراء، أو أن يمنع إصدار مرسوم أقرّه مجلس الوزراء. وزير المالية لا يمكنه أن يفتح دكّانة على حسابه، ولا دولة على حسابه، وأنّه يستطيع أن يهدد بعدم توقيع مرسوم بشأن قرار صادر عن مجلس الوزراء، بذريعة أنه لا يعجبه. القرار الصادر عن مجلس الوزراء على جميع الوزراء الالتزام به. فإذا كان له محتوى مالي، يجب أن يوقّعه وزير المالية. وإذا رفض فينبغي عليه أن يذهب هذا الوزير إلى بيته ويستقيل أيّاً كان هذا الوزير، إنْ كان مسلماً سنّياً أم كان شيعيّاً أم كان مسيحيّاً.

يجب أن ندرك جميعاً أنّ علينا أن نحترم الدولة. يوجد دولة وعلينا أن نتعامل معها ونعمل فيها ونحترم قراراتها. أمّا هذا الكلام الذي يقال ونسمعه في هذا الشأن كله فهو خارج الدستور، وخارج على إتفاق الطائف، وخارج العقل والمنطق. هذا كله كلام فقط للإستقواء على الآخرين، وبالتالي لا يسري ولا يجوز، ومن المعيب أنْ يُصار إلى إطلاق هذا الكلام على عواهنه في هذا الشأن.

س : لفتتني الصورة التي تضعها خلفك أنت والراحل رفيق الحريري. وبما أنك في سياق حديثنا قد تحدثت عن الراحل رفيق الحريري، البعض يقول إن الفرصة الآن مؤاتية، دولة الرئيس، لإعادة فتح ملف المتَّهمين باغتيال الحريري، خصوصا بعد سقوط نظام الاسد. يعني الان الفرصة مؤاتية والظروف قد تسمح، وأنت تعلم بإنّ ملف الاغتيال السياسي هذا، أغرق سوريا ولبنان.

ج: بدايةً، نسأل الله تعالى أن يكلِّل الرئيس رفيق الحريري برحمته وغفرانه، إذْ أنه في مثل يوم البارحة اغتيل الرئيس رفيق الحريري قبل عشرين سنة. وكما تعلمين، وجواباً على سؤالك، فقد جرى تأسيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وبالمناسبة هذا الانشاء جاء بناء على قرار من الحكومة التي ترأستها عقب صدور قرار ملزم عن مجلس الامن تحت الفصل السابع، بعد أن عمل حزب الله وحركة أمل وانصارهما على تعطيل جلسات مجلس النواب من أجل عدم النظر بمشروع قانون لإقرار المحكمة الدولية الخاصة من أجل لبنان. بالمناسبة كان حزب الله وحركة أمل قد وافقوا على إنشاء المحكمة الخاصة من أجل لبنان في مطلع الاجتماع الاول لهيئة الحوار الوطني التي عقدت في السادس من آذار من العام 2006، ثمّ عادوا وتنكروا لذلك.

على أيّ حال، هذه المحكمة تأسَّست تحت الفصل السابع، وحيث صدر القرار الابتدائي وبعد ذلك صدر القرار الاستئنافي وبالتالي حكمت هذه المحكمة بإدانة خمسة من أعضاء حزب الله. كما أشارت المحكمة أيضاً إلى التورط الذي تورط به النظام السوري في عملية الاغتيال. وبهذه المناسبة المحكمة أعطت الحق للمحكوم عليه بأن يعود الذين حوكموا غيابيا لعدم مثولهم أمام المحكمة بأن يطالبوا بإعادة محاكمتهم. هذا من حقهم حتى اليوم، ولكن حتى الآن لم يتقدم أحد منهم وطلب إعادة المحاكمة، ولم أسمع حتى الان أنّ هناك من ينوي التقدم بطلب إعادة المحاكمة. علما أنّ هذا حقه في أن يقدم نفسه للمحكمة لإعادة النظر بالتهمة المنسوبة إليه، وأن تتولّى المحكمة الدولية بعد ذلك في أن تُحاكمه حضوريا.

س : مع هذا كله، يجب أن لا ننسى دولة الرئيس، رواية حزب الله بأنّ إسرائيل هي المتورطة باغتيال رفيق الحريري، يعني ربّما إذا شهدنا تحركا لهذا الملف، ربما قد يكون بدافع إسرائيلي.

ج: سيدتي إسمحي لي، أنا لست هنا بمعرض تبرئة إسرائيل. إسرائيل أساس أكبر المشكلات التي تواجهنا في العالم العربي، ولكن لا ننسى أيضاً أننا نحن في بلداننا العربية قد تسببنا لأنفسنا بالكثير من المشكلات التي تعصف بنا، أكان ذلك في لبنان أم في سوريا أم في أي بلد عربي آخر.

ولست الآن بوضعٍ أستطيع أن أوجّه فيه إصبع الاتهام لإسرائيل في ما يتعلق باغتيال الرئيس الحريري لانَّ هذا الأمر من واجب المحكمة الدولية. فالمحكمة هي التي نظرت في هذا الأمر ولديها كل المعلومات والملفات، إذا كان لدى أي أحد نظرة ثانية، فليطلب بإعادة المحاكمة ويبرهن ويُظهر ما إذا كان لديه من اتهام يستطيع أن يثبته ضد إسرائيل. نحن حتماً سنكون إلى جانب الحقيقة، كما سنكون إلى جانبها أيضا في التحقيق بقضية تفجير مرفأ بيروت، وأنا لا أعلم من المتسبب بهذا التفجير الكبير الذي حصل في مرفأ بيروت، علما أن السيد نصر الله قدم آنذاك نظرية تقول بأن تفجير المرفأ كان من خلال تفجير إسرائيلي.

في المبدأ، مَنْ كان عنده البيّنة، فليعمل على إثبات ذلك، فلْيُقدِّم هذه الأوراق والإثباتات للمحاكم اللبنانية الخاصة بهذا الشأن. نحن لسنا في معرض ما يسمى إلقاء التهم جزافا. أستطيع القول إنّ اسرائيل في أي حدث يحصل في العالم العربي، فإنها ربما هي تشارك بطريقة أو بأخرى في التسبُّب في المشكلات التي عصفت أو تعصف بعالمنا العربي، ولكن دعونا نُظهر هذه الادانات ونضعها على الطاولة بعيداً عن إلقاء أي كلام شعبوي جزافاً.

س: بعد أيام قليلة سيكون هناك تشييع رسمي للسيد حسن نصر الله، هل وصلتك دعوة، هل ستحضر هذا التشييع؟

ج: نعم، لقد زارني وفد من حزب الله، وهما النائبان حسين الحاج حسن وأمين شري واستقبلتهما، وثمَّنت زيارتهما لي بعد طول غياب، وبالتالي لا أحد ينكر بأنّ السيد حسن نصر الله والسيد صفي الدين قد استشهدا على يد إسرائيل، ولذلك أعتبرهما من شهداء الحرب التي تشنّها إسرائيل على لبنان وفلسطين والبلدان العربية. وبالتالي، فقد تلوْنا الفاتحة عليهما، ولكنني ذكرت للنائبين لدى زيارتهما لي متسائلاً هل أن هذه الزيارة هي فقط من أجل تسليم هذه الدعوة أم أنها بداية لتفكير جديد بدأ يظهر لدى الحزب في مد اليد والانفتاح والعودة إلى منطق الدولة اللبنانية والحوار معنا على هذا الاساس؟ قالوا الآن هذه فقط للزيارة وللدعوة للمشاركة في التشييع، لكن موضوع الحوار هذا أمر نتحدث عنه في وقته.

لذلك، وبالتالي، وفي ضوء ذلك، فقد ذكرت لهما بكل وضوح وصراحة الاسباب التي دفعتني للإعتذار وعدم تلبية الدعوة وحضور التشييع.

لقد أوردت لهم وبصراحة عدداً من الأسباب التي دفعتني إلى عدم المشاركة.

إولاً: لقد تحدثتُ أمام جميع الوزراء وبحضور نواب حزب الله، وفي الجلسة التي تمَّ فيها إقرار القرار 1701 بأنّه ينبغي على جميع الوزراء أن يقوموا بزيارة الضاحية الجنوبية ويشهدوا بأعينهم ماذا الذي ارتكبته إسرائيل من اعتداء ومن إجرام ومن قتل ومن تدمير، ولكي يعودوا بتصميم وعزيمة أكبر من أجل التعاون سوية لمعالجة المشكلات الناتجة عن هذا الاجتياح. وبالتالي، فإنّه لم يكن قد مضى أسبوع على وقف إطلاق النار في لبنان الذي بدأ مفعوله في الرابع عشر من شهر آب من العام 2006 حتى بادرتُ يوم الاحد التالي أي في العشرين من شهر آب، واتصلت بالرئيس بري هاتفياً، وقلت له بأنني أود أن أقوم بزيارة الضاحية واقترحت عليه أن نزورها سويّة. وفعلا ذهبت وإياه إلى الضاحية وهناك فوجئت بجمهور غاضب إستقبلني بالهياج وبالاتهامات وكأنني أنا الذي ارتكبت هذه الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل. وبالتالي كان رئيس بري حكيماً وحازماً في موقفه في استنكار ذلك التصرف.

س: هل تعتقد أن هذه كانت مكيدة لك؟

ج: نعم، نعم كانت مكيدة. وبالتالي، فإنَّ الرئيس بري قال لهم مُعنِّفا إيّاهم هذا غير مقبول غير مقبول. وبالتالي خرجنا من هناك ومسحتها بجلدي.

ثانياً: وبعد ثمانية أيام، زارنا كوفي أنان- الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك- وهو بالمناسبة الشخص الوحيد الذي وقف إلى جانب لبنان في الاجتماع الذي انعقد في منتصف شهر تموز من العام 2006 أمام رؤساء مجموعة الدول السبع. وبالتالي ذهبتُ وإياه في زيارة تفقدية إلى الضاحية لنشهد الدمار، ونشهد على بدء أعمال إزالة الردم. وإذْ فوجئت من جديد بعمل مدَّبر، وبجمهور كبير آنذاك شتمنا وهاجمنا معاً، وبالتالي اضطررنا إلى قطع تلك الزيارة، وبناءً لطلب من الأمين العام كوفي أنان، واستهجاناً منه على هذه التصرفات المستهجنة، وبالتالي حملنا هذه الاهانة وخرجنا.

وبعد ذلك بأيام، دُعيت إلى حضور مهرجان بمناسبة اختفاء السيد موسى الصدر، الاحتفال السنوي بذكرى تغييبه في الأول من شهر أيلول في مدينة صور، فأرسلت نائبيْن مندوبيْن عني وعن سعد الحريري إلى الاحتفال. وهناك فوجئنا بجمهور يصفر لهما، وهذا أمر غير مقبول.

ثمَّ إنّ الامر لم يقتصر على ذلك فقط. فبعد عدة سنوات، واعتقد أنه في العام 2011، إتفقت أنا والسيد علي فضل الله، بعد تواصل مع السيد السيستاني في العراق، أن أذهب وأصلي في المسجد عنده، فكان موقف حزب الله بأن منع السيد علي فضل الله من أنْ يستقبلني وأصلي في المسجد هناك.

لذلك، ولكل تلك التصرفات وأخرى غيرها، هل تتصورين أنّه يُمكن لي أن أذهب إلى المشاركة في هذه المناسبة مع احتمال أن أتعرّض إلى الشتيمة؟

لقد رويتُ لهما هذه الروايات، وهي غيض من فيض. يعني كانت العلاقات متوتره بيني وبين حزب الله، مع إني لا أرى داعيا لذلك.

نحن جميعا لبنانيون ويجب أن نتفهم بعضنا وأن نتعامل مع بعضنا وأن ننفتح على بعضنا، فنتقبل بعضنا وليس لنا من خيار آخر غير أن نتعامل مع بعضنا بكل أخوة ومحبة، ولكن ليس بهذه الطريقه يمكن أن نتعامل. لا أريد أن أتحدث عن أشياء أخرى كثيرة جدا هي فعليا كان المقصود منها إطلاق الشائعات ضدي والعمل على تهشيم صورتي باختلاق أمور ليس لها أساس من الصحة، عندي جدول طويل من هذه الأمور. ومع ذلك، فإني لا أحمل غلًّا عليهم، أنا جُلَّ ما أطالب حزب الله به أن يعود إلى كنف الدولة وله ما لنا وعليه ما علينا جميعا. هذا هو الطريق الوحيد للخروج من المآزق التي تحملها هذه المتغيرات والتحولات والمصائب التي تقع على كاهل لبنان وعلى كاهل كل اللبنانيين. ما عاد من الممكن أن نخرج من هذه المآزق إلا بتضافر جهودنا كلبنانيين، وأن نتعاون سوية لتحقيق الإنقاذ. نحن علينا واجب ونريد أن ننقذ لبنان.

: لديّ الكثير من الملفات دولة الرئيس، دعني أنتقل معك الى سوريا، ودعنا نتحدث عن ملف الذاكرة اللبنانية التي تحتفظ بوقائع معقدة مع سوريا، ما الذي يمثله سقوط نظام الاسد أسألك أنت شخصيا؟ عندما سمعت بخبر سقوط نظام الاسد، بصراحة، ما الذي قلته، بماذا شعرت، بماذا فكرت؟

ج: كنت قد عملت من أجل أن يعقد اجتماع صباح يوم الاحد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي لرؤساء الحكومة بمن فيهم الرئيس ميقاتي والرئيس تمام سلام وأنا عند سماحه المفتي للبحث في موضوع التأخر الخطير والمستمر في انتخاب رئيس الجمهورية، ولنؤكد ونشدّد على أن الحاجة باتت ماسّة جداً من أجل المسارعة إلى القيام بذلك. وإذْ فوجئنا بأن الاخبار بدأت تأتي حول مغادرة الرئيس بشار الاسد سوريا ونجاح الفريق السوري الجديد في ان يسيطر على الاوضاع في سوريا. وبالتالي كان لرؤساء الحكومة مع سماحة المفتي موقفاً مؤيداً لانتفاضة الشعب السوري، يعني كان لنا موقف في بنت ساعتها. لقد أخذنا موقفا ثلاثتنا كرؤساء حكومة وسماحته بتأييد هذه العملية، وبالتالي بالتأكيد أيضاً على ضرورة التعامل مع الدولة السورية، بحكمة ودراية والتأكيد على العلاقات التي ينبغي أن تكون علاقات مبنية على الأخوة والصداقة الندية في العلاقة ما بين لبنان وسوريا، وعلى أخوة الشعبين الشقيقين، وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلا البلدين.

س : إذًا أنتم سعداء ببديل بشار الاسد؟

ج :نعم صحيح، وبدون أدنى شك. وأنا أدليتُ بعد ذلك بتصريح لصحيفة الجريدة الكويتية ولجريدة المصري القاهرية أيضاً. بالفعل، لقد سميت ما جرى في سوريا بأنه إنهيار مثيل لانهيار جدار برلين، وهو انهيار جدار برلين العربي، لأنَّ ما جرى في سوريا على مدى 55 عاما من الآلام ومن المعاناة التي عانى منها الشعب السوري من جهة أولى، ومن الاشكالات التي تسبّب بها النظام السوري ليس فقط للبنان، ولكن للطريقة التي كان يتعامل بها مع الكثير من الدول العربية، حيث لم يتورّع هذا النظام عن ممارسة كل أنواع الابتزاز.

من جهة ثانية. اليوم هناك فرصة تتاح في العالم العربي من أجل إخراج سوريا من هذا السجن الكبير الذي قبعت فيه على مدى عدة عقود، وهناك حاجة لإخراج لبنان أيضاً من ذلك التسلط الذي كان يمارسه عليه النظام الامني السوري على لبنان واللبنانيين، والذي ما حصدنا منه إلاّ الكثير من المآسي والمعاناة. أنا أعتقد أن هناك ضرورة لاحتضان عربي للذي جرى في سوريا، من أجل التأكيد على أن تكون البوصلة الحقيقية للنظام السوري الجديد، مبنية على نظام الدولة المدنية التي تحتضن جميع مكوناتها والتي يتساوى فيها الجميع بكونهم أبناء وطن واحد.

س : إذا سمحت لي دولة الرئيس، بعد وفاه حافظ الاسد ومجيء بشار الاسد، أيضاً كانت هناك أنظمة عربية استبشرت بحضور بشار الاسد. الان اليوم يتم الحديث عن الشرع أي عن الجولاني، دعني أقول الجولاني فلديه ملفات وخلفيات دينية متشددة. كيف ترى الشرع؟

ج : أعتقد انه علينا أن نتطلع على هذه الامور بشكل موضوعي، ونسأل أنفسنا أسئلة محددة: هل الوضع بسوريا الآن إحتمالاته للتحسن أحسن من الاحتمالات التي كانت لسوريا عندما كان بشار الأسد رئيساً لسوريا؟ أكيد الاحتمالات الآن أفضل، وبالتالي هناك ضرورة من أجل أن يصار إلى احتضان هذا الوضع الجديد، والعمل معه من أجل أن تكون بوصلته الوطنية والقومية والانسانية والحوكمية مبنية على نظام مدني ونظام يتساوى فيه جميع السوريين بدون أي تفضيل لأحد على أحد. أنا لم أجتمع بالسيد أحمد الشرع الذي هو الان الرئيس الحالي لسوريا، ولكنني اجتمعت بالعديد ممن اجتمعوا به وخرجوا بانطباعات جيدة. نحن لا نريد أن نتكل على تفاسير أشخاص من هنا أو من هناك، أنا اعتقد أنه من خلال الممارسة يمكن أن نحكم عليه، وبالتالي يجب أن نعطيه الفرصة وأن يُحاسب على هذا الاساس. هناك مصلحة في أن تستعاد سوريا الى الحضن العربي، وأن تستعيد سوريا دورها المحوري في العالم العربي.

س: الشرع تحدث عن لبنان وقال عنه بأنه نظام محاصصة ولن يدع سوريا أن تكون شبيهة للبنان. هو حكم مسبقا بهذه النظرة وهكذا ينظر الشرع الى لبنان.

ج: طبيعي هو حكى كما يرى الامور. نحن ما يهمنا في لبنان أنّنا نرى هذه الفرصة فرصة ذهبية لبلدنا، أي أن تكون مناسبة لإعاده صياغة العلاقات اللبنانية- السورية على قواعد صحيحة بحيث يحترم كل بلد البلد الآخر، ولا يتدخل في شؤونه الداخلية. هذا الامر عانينا نحن منه الكثير الكثير على مدى العقود الماضية منذ العام 1975، أي منذ 50 عاماً بالتمام والكمال. ولبنان كان يُعاني الأمرّين من هذه التدخلات والإملاءات من النظام السوري. ولكن يجب أن لا ننسى أن لبنان عانى أيضاً من ستة حروب مدمرة شنّتها عليه إسرائيل. وعلى صعيد آخر، الآن الحدود عندنا ملتهبة في الجنوب، وكذلك في ما ترتكبه اسرائيل ضد سوريا الآن من تعدٍّ واحتلالات جديدة لأراضي سورية.

س: إسمح لي دولة الرئيس، لدي أيضا محور مهم وربما أكثر تأثيرًا وحتى تعقيدًا من لبنان وسوريا، ألا وهو ملف غزة، يعني إذا أردنا مثلا أن نضع بوصلة وأردنا ان نحدد خيارا، هل ممكن أن تصطف الانظمة العربية لمواجهة نتنياهو ولمواجهه ترامب، من سيقود العرب مصر أو السعودية؟ أو العودة الى محور الساحات، المقاومة، باعتبار أنه إلى الآن لا توجد خطة إذا صح التعبير عربية لمواجهه مشروع ترامب.

ج : أول شيء، كما يقول المثل كالمستجير من الرمضاء بالنار. بشأن ما نشهده اليوم ويقوله الرئيس ترامب، إنَّ أفضل ما سمعت من تعليق عن الرئيس الأميركي ترامب هو ما قاله المعلق أو الكاتب الصحفي الامريكي توماس فريدمان حيث وصف الذي تقدم به الرئيس ترامب من اقتراحات بشأن غزة بأنه ليس تفكيرا خارج الصندوق، بل هو تفكير خارج العقل وخارج المعقول. فهذا هو اللامعقول بعينه.

أنا اعتقد بأن هنالك موقفاً عربياً واحداً بدأ يتبلور الان وهو ليس موقفا خارج إطار العقل والزمان والمكان، هو فعليا موقف عربي يستند الى وجدان العرب أينما كانوا ولوجدان المسلمين أيضاً أينما كانوا ولوجدان كل من يؤمن بحقوق الانسان أينما كان حول العالم، بأنّ هناك حقّاً يستحقه الفلسطينيون في أن يكون لهم وطنهم وأن تكون لهم دولتهم الحرة والسيدة والمستقلة. وبالتالي، فإنَّ هذا الامر الذي يتقدم به الرئيس ترامب الان هو خارج إطار المعقول، وهو اللامعقول بعينه. هو يتصرف وكأن غزة قطعة أرض ليس لها أصحاب.

س : هو يتحدث عن أن تصبح غزه عقارا. طيب إذا كان خيار ترامب خارج العقل وخارج المعقول اليوم، والاجماع العربي ضد هذا الطرح هو إجماع نادر، ماذا سوف يقدم هذا الاجماع النادر؟

: أنا أعتقد أن كل رئيس عربي يُدرك حقيقة موقف قاعدته الشعبية، وليس فقط قناعته الشخصية. انّ كلام ترامب عن غزة غير مقنع ومرفوض ولا يمكن أن يحصل. دعينا ننظر إلى الأمور مرة جديدة من موقع العقل والحكمة والحزم معاً بأننا يجب أن نؤكّد على أن يعود الفلسطينيون لتصويب بوصلة قضيتهم الفلسطينية بشكلٍ صحيح. وأنا هنا أريد أن أذكر بثلاثة أمور أساسية حول ما يجب أن يقوم به الفلسطينيون لمعالجة قضاياهم المحقة.

أولاً، وجوب العمل على إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، إذْ لا يُمكن أن يصل الفلسطينيون إلى حقوقهم المشروعة كفلسطينيين إذا استمروا في حال الخلاف والتصادم الذي مازال قائماً بين الفلسطينيين. يا سيدتي في يوم الخامس من أكتوبر 2023، أي في اليوم السابق للسادس من أكتوبر كان الفلسطينيون بمخيم عين الحلوة في لبنان يتقاصفون بين بعضهم، ولانزال وللأسف على مثل هذه الحالة بشكلٍ أو بآخر.

الأمر الثاني، هو في إستعادة فلسطينية وعروبة القضية الفلسطينية. يجب أن نتوقف عن أن تكون القضية الفلسطينية سلعة تستعمل من قبل من شاء من أجل تحقيق مآربه أو تحسين قوته التفاوضية أو لأموره الشخصية.

أما الامر الثالث، فهو يجب ان يكون واضحا لنا جميعا أن القضية الفلسطينية هي الاساس، وليست قضايا الفصائل الفلسطينية، ليست القضية قضية حماس ولا قضية فتح. القضية الفلسطينية هي القضية الأمّ وهي الأساس. وعلينا أن نعرف كيف ندافع عنها. هذا الامر يجب ان يكون محسوما. هذه ثلاثة أمور أساسية. وطالما مازلنا نتخاصم بشأنها فسوف نبقى على ما كنا عليه، بل إلى الغرق في المزيد من الانهيارات والمآسي.

س : أود أن أختم معك بصراحة دوله الرئيس إذا سمحت لي أود ان أسال سؤالا أخيرا لأن الوقت انتهى. لدينا في العراق، لا أعرف إذا كنت تدري أم لا، لدينا مصطلح متداول هو لبننة العراق، هذا المصطلح يعني نسخ التجربة اللبنانية في بلدنا. هل ممكن أن نشهد عرقنة لبنان من الناحية السياسية؟

ج : يا سيدتي، لقد تعلمت من خلال تجربتي، أنَّ الحكيم هو الذي يتعلم من أخطاء غيره، والرجل العاقل يتعلم من أخطائه. أما الغبي، فهو الذي لا يتعلّم من أخطاء غيره ولا من أخطائه. أنا أعتقد أن هناك أخطاء ارتكبت في لبنان، وبالتالي نتمنى على أشقائنا في العراق أن لا يقعوا في الأخطاء ذاتها التي وقع فيها لبنان، وبالتالي أن يعودوا إلى التأكيد على تضامنهم مع بعضهم بعضاً، وأن يدركوا أنّ مصلحتهم الحقيقية في أن يعيشوا في وطن واحد، وأن يتعاملوا مع بعضهم بعضاً بود وانفتاح وتعاون وتضامن، وأن مصلحة وطنهم العراق هي الأساس. فقوة العراق تنعكس إيجاباً على حُسن عيش وسلام عيش العراقيين، وعلى ازدهار العراق. وبالتالي، فإنَّ قوة العراق هي قوة للبنان أيضاً وقوة إضافية لكل العرب. وأعتقد أنه قد آن الاوان أن نتعلم ليس فقط من أخطائنا بل وأن نتعلم من أخطاء غيرنا، وأن لا نرتكب مثل هذه المشكلات والحماقات التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه.

س : رأيتُ صورة دولة الرئيس في لبنان جمعت بين أحمد الشرع وصدام حسين ومعهما الراحل رفيق الحريري كيف يتم الجمع بينهم ماذا تعني هذه الفكرة؟

ج : بصراحة، لا علم لي بذلك، ولكن في هذه الأيام، وفي ظل هذه التقنيات الجديدة. كل واحد بإمكانه اليوم أن يدخل إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ويعمل مثل هذه الصورة، ويحاول أن يوهم الآخرين بأشياء قد لا تكون صحيحة أو مزورة، وذلك لإيجاد المزيد من الشروخ داخل مجتمعاتنا وبالتالي، يجب أن نبتعد عن سلوك الطرق التي تؤدي بنا إلى الانزلاق نحو الأزقة والزواريب التي يريد البعض أن يدفعونا إليها. هناك إمكانية للخروج من ذلك من خلال استعمال العقل والحكمة والتبصر والشجاعة والابتعاد عن الشعبويات التي لا ينجم عنها إلا الخسران.

تاريخ الخبر: 
15/02/2025