الخسائر التي تكبدها لبنان نتيجة عدوان تموز وكيفية إدارة الأزمة
تسبب أوسع وأشرس عدوان عرفه لبنان في تاريخه المعاصر والذي شنته إسرائيل في العام 2006، بخسائر وأضرار بشرية ومادية جسيمة على لبنان ككل. فقد اضطر قرابة الثمانمائة ألف لبناني إلى النزوح عن قراهم وبلداتهم، واللجوء إلى أماكن لم تتعرض للقصف الإسرائيلي. كما سقط بنتيجة ذلك الاجتياح أكثر من 1,250 شهيداً وخلّف أكثر من 4,500 جريحاً، كما نجم عنه خسائر مادية واقتصادية هائلة مباشرة وغير مباشرة كان لها آثارها السلبية على البلاد واقتصادها وكذلك على نموها المستقبلي لسنوات طويلة قادمة.
ولقد تركزت جهود الحكومة اللبنانية في المرحلة الأولى من مواجهة العدوان على تحريك كافة إداراتها ومؤسساتها العامة للقيام بأعمال الإغاثة لتمكين المواطنين من جهة أولى من البقاء في أماكن سكنهم ومدهم بكل مقومات الصمودلمنع تفريغ المنطقة من السكان، والعمل من جهة ثانية على إدارة شؤون النازحين عن ديارهم ومساكنهم من أجل تأمين إقامة مؤقتة كريمة لهم في المناطق الآمنة التي لجأوا إليها. هذا فضلاً عن مدّهم بمستلزمات الحياة من مواد غذائية ومواد طبية وأعمال رعائية وغيرها.
وما أن توقفت الأعمال الحربية في 14 آب 2006، حتى بادرت الحكومة إلى توجيه كل إمكاناتها للعمل على تأمين عودة فورية للنازحين إلى أماكن سكنهم الأصلية المتضررة وإلى منازلهم المدمرة. كذلك فقد عملت الحكومة على إطلاق ورشة جبّارة لإعادة التأهيل والإعمار والنهوض لما دمر أو تضرر بسبب العدوان. ولتحقيق ذلك، قامت رئاسة مجلس الوزراء باستحداث وحدة خاصة في رئاسة الحكومة,حيث نشطت هذه الوحدة في مجالي التواصل مع كافة الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة، ومع الدول والمنظمات الدولية المانحة، من أجل ملاحقة تنفيذ الأعمال ذات الطابع الاغاثي والإنمائي العاجل، وكذلك التنسيق بين الجهود المبذولة من جميع الأطراف التي تقدمت للمساعدة بشكل يضمن فعاليةً أكبر في عمليات الاغاثة وتنفيذ إعادة التأهيل والإعمار، وبطريقة تلتزم الإنجاز بدرجة عالية من الإفصاح والشفافية وبكلفة أقل وسرعة أكثر في التنفيذ. وقد تمكنت تلك الوحدة من القيام بعدة أمور كان من أهمها:
- وضع الأطر العملية والتنفيذية لتنظيم وإدارة مساهمات الدول والجهات المانحة من أجل إعادة الإعمار واستعادة النهوض الاقتصادي: ولقد تمثلت تلك الجهود باعتماد الأساليب التالية:
- التنظيم والإشراف على تقديم المساعدات وإدارتها من أجل تقديم الإغاثة العاجلة للمتضررين والنازحين عن بلداتهم وقراهم والتي تم تمويلها بداية وبشكل جزئي من أصل مبلغ الثلاثين مليار ليرة لبنانية التي تمكنت الحكومة من تأمينه على شكل سلفة خزينة لصالح الهيئة العليا للإغاثة. وبعد ذلك وبشكل مؤقت عن طريق استعمال جزء من السيولة التي توفرت لدى الهيئة من أصل المبالغ النقدية المودعة مباشرةً في حسابات الهيئة العليا للإغاثة لدى مصرف لبنان أو حسب ورودها في حساب وزارة المالية لدى مصرف لبنان والتي جرى تحويلها فوراً بعد ذلك إلى حساب الهيئة لدى مصرف لبنان (يراجع الجزء ثالثاً من هذا التقرير).
- الإشراف على عملية التبني التي تقدمت بها الدول والهيئات الواهبة من أجل إعادة إعمار القرى والبلدات المتضررة أو الجسور أو البنى التحتية التي تولت تلك الجهات الواهبة تمويل تنفيذها أو عمدت إلى تنفيذها مباشرة وكذلك ما اضطرت الهيئة إلى تمويل تنفيذه على حساب الخزينة اللبنانية وكذلك تمويل الجزء المتبقي من المساعدات المقدمة لأصحاب الوحدات السكنية المدمرة أو المتضررة والتي لم يتوفر لها من يتبناها وتحملت الخزينة اللبنانية عبء تمويلها.
- المساعدة في الإشراف على صندوق النهوض اللبناني (Lebanon Recovery Fund - LRF) الذي جرى إقرار إنشائه في مؤتمر الدول المانحة الذي عقد في مدينة ستوكهولم
- التنسيق ما بين الإدارات والمؤسسات العامة فيما خصّ تبني إعادة إعمار الجسور المتضررة وتركيب الجسور المؤقتة وكافة البنى التحتية المدمرة أو المتضررة من كهرباء وتعبيد طرق متضررة وترميم مدارس وأبنية عامة وشبكة اتصالات وغيرها.
- التنسيق مع الجهات المانحة بخصوص إصلاح شبكات المياه المتضررة في الجنوب
- التنسيق ما بين الإدارات المعنية والدول المانحة فيما خصّ تركيب البيوت الجاهزة والمدارس الجاهزة في القرى والبلدات المتضررة
- التواصل مع الدول المانحة من أجل تسهيل عملية تبني إعادة إعمار القرى والبلدات المتضررة في الجنوب وباقي المناطق المتضررة وكذلك إعادة إعمار الأبنية المتضررة في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت
- التنسيق مع الجهات المعنية فيما خصّ إعادة إعمار المدارس والمستشفيات المدمرة او المتضررة
- التنسيق مع الاستشاري خطيب وعلمي ومع البلديات ومجلس الإنماء والإعمار فيما خصّ تأمين السلامة العامة في الأبنية المتصدعة ولاسيما في منطقة الضاحية الجنوبية، لجهة تدعيمها أو هدمها
- إنشاء قاعدة معلومات شفافة بشأن المشاريع الجاري أو المنوي تنفيذها من قبل الدول المانحة والمنظمات الدولية في قطاعات مختلفة، وملاحقة تطور العمل المنجز فيها ومن اجل ذلك تم استحداث موقع خاص للهيئة العليا للإغاثة تحت اسم (www.dadlebanon.org)
- الإسهام في إعداد مشاريع القوانين الخاصة بإعادة الإعمار
- التنسيق مع وزارة المال من أجل تحضير التقرير المتعلق بـ"تقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية للحرب" الذي جرى إعداده بالتعاون مع البنك الدولي
- وضع الآليات اللازمة لتحديد ودفع المساعدات عن الأضرار اللاحقة بالوحدات السكنية وغير السكنية المدمرة او المتضررة في جميع المناطق اللبنانية.
- تنسيق برامج النهوض المبكّر التي تكفَّل بتمويلها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
التنسيق والمتابعة بشأن الهبات العينية التي تقدم بها المانحون عن طريق الهيئة العليا للإغاثة أو قاموا هم مباشرة بتقديمها أو بتنفيذها تحت إشراف الهيئة.