الرئيس السنيورة : جهود التهدئة على الصعيد الاقليمي لا بد وأن تنعكس إيجاباً على لبنان

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

اجرت قناة الحرة حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول الاوضاع الراهنة وفي ما يلي نصه:

س: الآن ينضم الينا من بيروت دولة رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة. دولة الرئيس أهلاً بك في قناة الحرة معنا الليلة. يبدو أن لا مناص للبنان من الخروج من أزماته إلا إذا حلّت مشاكل إقليمية يقع لبنان وغيره تحت تأثيراتها. هل تتفق مع هذه الرؤية؟ ألا يستطيع اللبنانيون حلّ هذه المشاكل بمفردهم إلا إذا تصالح الطرفان نتحدث عن السعودية وإيران؟

ج: بدايةً، مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. حتماً أن العوامل الاقليمية والدولية تلعب دوراً أساسياً في تأجيج الصراع الداخلي في لبنان. هذا مع وجوب عدم الانكار أن هناك عوامل داخلية ومصالح أطراف متعددين من هنا ومن هناك التي تتسبب وتستفيد وتتأثر بهذه العوامل الآتية، والتي تفرض نفسها من الخارج.

واستناداً إلى ما سمعته من قبل ضيفيك السابقين، فإنه من الضروري التذكير بثوابت أساسية بما يتعلق بلبنان وأيضاً بالوضع الإقليمي الذي تفرضه القضايا المعلّقة بين إيران والسعودية، والتي تبين الثوابت التي يتوجب العودة إلى احترامها. الحقيقة، انّ هناك درجة عالية من الانكار لها ولتأثيراتها، ولاسيما من قبل الجمهورية الاسلامية الايرانية. بدايةً للاعتراف انّ لبنان بلد عربي الهوية والانتماء وهذا ما ينصّ عليه دستوره. والأمر الآخر، أنّ لبنان بلد قائم على التنوع بسبب وجود هذه الفسيفساء اللبنانية التي تعتبر في المبدأ مصدر ثراء للبنان وللبنانيين، والتي هي قائمة على فكرة العيش المشترك، وهذه الحقائق لا يمكن لإيران ولا لحزب الله إنكارها أو التغاضي عنها.

والأمر الثالث، أن في هذه المنطقة وجود لعدد من القوى الاقليمية، وأعني بذلك إيران والدول العربية، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومصر وهناك تركيا. من الطبيعي أن هذا الوضع الجيوسياسي يجب أن لا يغفله أحد. ولكن بنفس المقدار يجب أن لا يذهب بعضهم للاعتقاد أنّ بامكانه أن يفرض هيمنته على أي بلد عربي، وأعني بذلك إيران. وبالتالي يجب أن يدرك الجميع مخاطر الاستمرار في فرض هيمنته على المنطقة، وإدراك مدى ضخامة كلفة هذه التصرفات اللامسؤولة. تجدر الإشارة في هذا الصدد، أنه على مدى هذه السنوات الماضية، تحمّلت المنطقة وجميع الأطراف أكلافاً باهظة. وبالتالي يجدر السؤال: كم جرى تضييع لجهود ولأموال ولأرواح في هذه المنطقة خلال السنوات الماضية بسبب هذه الصراعات التي لم تأتِ بأي شيء جيد لهذه الدول. على عكس ذلك، جرى هدر وتضييع أموال وجهود وفرص كثيرة، وها هي شعوب ودول المنطقة تدفع ثمن هذه الأكلاف وهذه الأهوال.

س: دولة الرئيس لكن ألا يبدو هكذا هو المشهد الآن في لبنان؟ عفواً على المقاطقة، يعني هذه الفترة الطويلة، هذه الهيمنة التي تتحدث عنها، أليست موجودة في لبنان فعلياً، وهي التي أدت إلى ما يعيشه لبنان اليوم؟

ج: بدون شك أنّ لهذه العوامل تأثيراتها السلبية على لبنان اليوم. ودعني أضيف تأثيراً سلبياً أساسياً أيضاً ناتج عن ما يقوم به البعض، وأعني بذلك إيران، من خلال عملية استحضار لخلافات اسلامية عمرها ألف وأربعمئة سنة، وبالتالي يجري تجييش العصبيات ودعم حركات التشدد الاسلامي بما يؤدي وكما شهدناه اليوم في هذه الجمعة والجمعة الماضية في أفغانستان وغيرها الكثير مما نراه أيضاً ونعاني منه في اليمن وسوريا والعراق. هذا يتطلب من الجميع ممارسة التبصر والتنبه إلى عواقب كل ذلك.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّه يجب أن ننظر بكثير من التمعن لنتائج الانتخابات التي جرت في العراق هذا الأسبوع التي عبّر فيها العراقيون عن رففضعن للهيمنة الإيرانية.

أنا أعتقد أنّ في لبنان مشكلات داخلية تتسبّب في هذه الانهيارات التي يعاني منها اللبنانيون، وكذلك مصالح صغيرة يتأثر بها بعض السياسيين التي تحاول أن تستفيد من هذه التأثيرات الإقليمية السلبية وتبني حساباتها على أساس منها.

س: نعم، أنا أريد أن أستفيد من وجود حضرتك بما تبقى من الوقت. الآن السياسيون اللبنانيون الذين ربما ليست لديهم أصوات حاسمة بحل النزاعات داخل لبنان، ماذا ينتظرون من هذه المباحثات التي تجري بين الطرفين؟ نستمع كثيراً إلى نقاشات ولقاءات كانت سرية وبعد ذلك أصبحت علنية بين إيران وبين المملكة العربية السعودية، وعلى الطاولة هناك الكثير من الملفات ومنها لبنان. ماذا ينتظر اللبنانيون من هذه الاجتماعات؟

ج: بدون أدنى شك، أنّ جهود التهدئة على الصعيد الاقليمي لا بد وأن تنعكس إيجاباً على لبنان. ولكن يجب أن يتم ذلك مع الاقرار أنه ليس هناك من امكانية لأن تتغير الظروف أو أن تتغير الأحوال إذا استمرت هذه الأفكار والتصرفات التي تتوخى وتعمل للسيطرة ومحاولات الهيمنة من قبل إيران للإطباق على دول عربية بعينها. هذا هو جوهر القصة وجوهر المشكلة.

مع إقرارنا بهذا المبدأ، إلاّ أنّ هذا لا يعني أن ليس هناك من امكانية ايجاد نوافذ لاجراء بعض التغيير الداخلي في لبنان إذا حصلت ممارسة التفهم من قبل هؤلاء السياسيين اللبنانيين الذين يغلّبون مصالحم السياسية والمادية والشخصية، أو مصالح التوريث عند رئيس الجمهورية من أجل توريث صهره على مصالح الدولة اللبنانية. لذلك أنا أعتقد أنّه في حصول عوامل خارجية إيجابية- وإذا توفرت- فإنه حتماً ستكون لها نتائج جد كبيرة على الوضع اللبناني، كذلك إذا لم تتوفر الارادة اللبنانية الداخلية من أجل الاستفادة من هذه الفرص، فإنّ احتمالات الاستفادة مع الفرص الإقليمية السانحة تظل محدودة.

س: دولة الرئيس، بقي لدينا ثلاثين ثانية فقط. الآن ما يسمى بالعودة السعودية إلى لبنان أو عودة لبنان إلى السعودية من خلال تصريحات وزير الخارجية الفرحان أنه يجب أن يكون هناك تغيير طبعاً. كانت مشاكل في لبنان لم تتدخل السعودية، الآن عادت. ماذا يعني لك ذلك؟ كيف قرأت هذه العودة السعودية بأقل من دقيقة لو تكرمت؟

ج: بدون شك أن عودة السعودية إلى لبنان أمر جيد. ولكن ما تتوقعه السعودية أيضاً وبسبب هذه العلاقة الأخوية القديمة في أن يكون هناك سعي جاد لدى الحكومة اللبنانية من أجل تصحيح وترميم هذه العلاقة الأخوية. إذا أنه من غير المقبول أن يصبح لبنان بالنسبة للمملكة وكأنه مصدر من مصادر تصدير الارهاب إلى المملكة العربية السعودية وتصدير المخدرات لها.

هذه الخطوة السعودية الإيجابية تجاه لبنان يجب أن يقابلها من طرف لبنان أيضاً، استجابة لهذه الرغبة السعودية في العودة المظفرة إلى لبنان، أعتقد أن هذا الأمر يتطلب موقفاً لبنانياً صريحاً من الحكومة اللبنانية بأن تتصرف بالفعل بأنها حريصة على العلاقات العربية اللبنانية، وبالتالي حريصة على أن يتقدم لبنان باتجاه تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية.

 

تاريخ الخبر: 
08/10/2022