الرئيس السنيورة على راس وفد في بكركي: خطاب البطريرك الراعي هو خطاب سائر الوطنيين اللبنانيين و ثوابتُنا هي الدستورو واتفاق الطائف واسترجاعُ الدولة

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم في بكركي الرئيس فؤاد السنيورة على راس وفد ضم : الوزراء السابقون خالد قباني احمد فتفت وحسن منيمنة  والنائبين السابقين الدكتور عمار حوري والدكتور مصطفى علوش والاستاذ محمد السماك وبعد لقاء مطول مع البطريرك ادلى الرئيس السنيورة ببيان جاء فيه:

نأتي إلى هذا الصرح لزيارة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ولا سيما وان هذا الصرح هو أحد كبار مؤسسي الكيان اللبناني الذي كان ولا يزال ركناً اساسياً من اركان ثوابته الوطنية ومرجعاً روحياً يدعم وحدة اللبنانيين ويعزز رسالة لبنان السامية في العيش المشترك.

لا بدّ لي بدايةً من أن أنوه بخطاب البطريرك الراعي الذي هو خطاب سائر الوطنيين اللبنانيين لجهة حرصه العميق على الدستور وعلى وثيقة الوفاق الوطني واحترامه الكبير للشرعيتين العربية والدولية. كما أنّه لا بد لي أن أؤكد- ومن هذا الصرح- على حاجتنا الماسة في لبنان للدور الذي تقوم به بكركي ودار الفتوى وسائر المرجعيات الدينية والسياسية للتشبث باحترام الدستور وبمقدمته، كذلك لا بدّ لي من أن انتهز هذه المناسبة للتشديد على أهمية ما شهدناه في الأسابيع الماضية من اهتمام عربي ودولي فائق بسلام لبنان وسلامته واستقراره، وحرصٍ على خروجه من الأزْمات التي تعصف به، وهو الخروج الذي يتطلّع إليه اللبنانيون، والذي لا يمكن أن يحصل إلاّ من خلال توفير إرادة وطنية وسيادية واصلاحية.

لقد جئنا اليوم- إخوتي وأنا- للتشاور مع غبطة البطريرك الراعي من أجل دعم المسار الوطني الذي يمضي فيه غبطته بعزيمة واقتدار.

نحن لدينا اليوم عدداً من القضايا العاجلة التي يجب بتها اذ انها لم تعد تحتمل التأجيل، ولاسيما في ظل هذه الانهيارات والانسدادات التي يعاني منها اللبنانيون:

أولاً: إنّه عندما تضطرب الأمور وتستعر الخلافات الداخلية، فإنّه لا يفيد العقلاء والوطنيون غير العودة للثوابت. وثوابتُنا الوطنية قائمة وواضحة وهي الدستور، واتفاق الطائف، واسترجاعُ الدولة اللبنانية المخطوفة في دورها، وقرارها الحر، وسلطتها الحصرية على كامل الأراضي اللبنانية، واحترام الشرعية العربية، وقرارات الشرعية الدولية.

ثانياً: ان البدع والممارسات والمسارات الحالية المخالفة للدستور، واستمرار الاستعصاء على الإصلاح تسبّبت بمجموعها بالانهيار الحاصل على أكثر من صعيد، وأسهمت في تخريب نظامنا الديمقراطي البرلماني وكسرت الإدارات الحكومية والمؤسسات الدستورية والعامة، وحطّمت الاقتصاد الوطني والمالية العامة وأطاحت بالعيش الكريم لدى اللبنانيين، كما أطاحت بسائر المرافق العامة وفي طليعتها مرفق الكهرباء. وقبل ذلك وبعده اتاحت للسلاح المتفلّت وغير الشرعي التسلط والهيمنة على لبنان، ومكّنت العقلية الميليشياوية من التحكم بالقرار الوطني. ولذلك تجب العودة الى التزام المسارات الدستورية والقانونية والوطنية الصحيحة للإسهام في تحقيق الإنقاذ الوطني والسياسي.

ثالثاً: انتخابات رئاسة الجمهورية، وتأليف الحكومة الجديدة، والإنقاذ الاقتصادي، والمعيشي، والإنساني.

  1. يجب أن تجري الانتخابات الرئاسية في مواعيدها الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد الذي يجب ان يتمتع ويحظى بثقة ودعم اللبنانيين وليس بثقة ودعم فريق منهم. إذْ إنّه بات على اللبنانيين أن يستخلصوا الدروس والعبر من ممارسات السنوات المنقضية من هذا العهد.

رئيسٌ يسهمُ مع الحكومة الجديدة في إعادة الاعتبار لنظامنا الديمقراطي البرلماني، ولمبدأ فصل السلطات ولتوازنها وتعاونها، ولاستعادة الدولة وهيبتها، ولاحترام استقلالية القضاء واحترام قواعد الشفافية والكفاءة والجدارة، بعيداً عن المحاصصة والزبائنية والاستتباع والتأكيد على المحاسبة المؤسساتية على أساس الأداء.

  1. لبنان بحاجة ماسة إلى حكومةٍ جديدةٍ، وليست حكومة محاصصة، إذْ بيّنت تجارب حكومات المحاصصة أنهم إذا اتفقوا تحاصصوا، وإذا اختلفوا انصرفوا إلى الهيمنة ووضع اليد على بقايا المؤسسات، وهو ما شهدناه في الإدارات الحكومية وفي قطاعات الكهرباء والاتصالات وغيرها، ثم في القضاء، وكلّها شاهدٌ فجٌ على ذلك.
  2. لقد أضاع لبنان وبسبب ممارسات البعض، ولاسيما من قبل معظم الأحزاب الطائفية والمذهبية والميلشياوية فرصاً عديدة أتيحت للبنان خلال العقدين الماضيين لخوض غمار الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري والمالي والمعيشي، ولم يعد من الجائز الاستمرار في هدر وتضييع الفرص المتاحة الآن، وبالتالي تدمير المستقبل الوطني.

هناك ضرورة وجودية للمضيّ بسرعة في خطة الإنقاذ والتعافي وخوض غمار الإصلاح الحقيقي وبجوانبه كافة. إذْ أنّ اللبنانيين باتوا مهدَّدين في أمنهم الوطني وأمنهم المعيشي والبشري والإنساني. ولا عذر لأحدٍ في التأخر أو التردّد لأيّ سببٍ وبأي حجة.

ويبقى السؤال: هل نفقد الأمل؟

والجواب بشكلٍ قطعيٍ الأمل يبقى باللبنانيين جميعاً، وابتداءً من الرئيس الجديد والحكومة الجديدة، الذين عليهم الالتزام- قولاً وفعلاً- بالعودة إلى الدستور واتفاق الطائف، واسترجاع سلطة الدولة اللبنانية الحصرية على كامل أراضيها وبقرارها الحر.

حوار

وقد دار بين الصحافيين والرئيس السنيورة الحوار التالي:

س: هذا كلام جميل ودائماً نسمعه عن انتخابات رئاسية نيابية ووزارية وتشكيل حكومة. هل نستطيع أن نحقق ما تطالب به حضرتك الذي لم يتحقق منذ سنوات عديدة وحضرتك مع أي رئيس للجمهورية؟

ج: بدايةً، هناك قول باللغة الإنكليزية استشهدت به وذكرته أمام غبطة البطريرك الآن، وهو عبارة تقول: "Stand up to be Counted"، ويعني قف لتحسب الناس لك حساباً. يجب علينا أن نتضامن. كل اللبنانيين المؤمنين بلبنان وبسيادة لبنان وحريته وقراره الحر أن يتضامنوا سوية وليعبروا عن رأيهم بوضوح وصراحة وجرأة. ونحن عندما نقف يحترمنا اللبنانيون، ويحترمنا أصدقاؤنا وأشقاؤنا في العالم، وبالتالي هذا هو الطريق لتحقيق التغيير الديموقراطي الصحيح. وهذا هو طريق العمل السياسي الصحيح الذي يمكن أن يقدر لبنان على الخروج من هذه المآزق الكبرى وهذه الانهيارات وهذه الانسدادات.

 

ثانياً، بالنسبة لرئيس الجمهورية. نعم، وكما قلته من على هذا المنبر قبل ثمانية سنوات عندما حضرت إلى هذا الصرح لزيارة غبطة البطريرك خلال فترة العمل من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية في العام 2014، انّ هذا القرار لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد هو قرار وطني وليس قراراً محصوراً بطائفة أو بمجموعة من اللبنانيين. هو قرار وطني.

من جهة أخرى، فإنّ على الجميع أن يستخلصوا النتائج والدروس مما شهدناه وعانينا منه على مدى- وعلى الأقل- الست سنوات الماضية بأنّ رئيس الجمهورية العتيد هو الرجل الذي يجب أن يحظى بثقة اللبنانيين وليس بثقة فريق من اللبنانيين.

رئيس الجمهورية هو الذي يعطيه الدستور هذا الدور بكونه رمز وحدة الوطن، وهو الذي يستطيع بسبب صفاته هذه أن يجمع اللبنانيين، وبالتالي هذا الذي يستطع أن يكوّن الرأي والقرار الوطني الحقيقي في لبنان، والذي يحظى بثقة اللبنانيين.

هذا هو الطريق الوحيد لخروج لبنان من مآزقه وليس هناك من طريق آخر. وعبثاً نبحث إذا استمرينا بحالة الضياع وحالة الانحراف في بوصلتنا الوطنية وبوصلتنا السياسية وبوصلتنا الاقتصادية. فبالتالي يجب علينا جميعاً أن ندرك أنّ لا خروج من هذه المآزق، ما لم نعد إلى احترام أحكام الدستور واسترجاع الدولة من خاطفيها.

أنا أقول هل هناك إمكانية. نعم، هناك إمكانية وعلينا أن نعمل جميعاً وبعمل سياسي تراكمي نستطيع أن نحقق التغيير نحو الأفضل وبالشكل الذي يحظى بثقة اللبنانيين، وبالتالي بثقة المجتمعين العربي والدولي.

س: هل تدعو المعارضة لتوحيد صفوفها قبل الانتخابات الرئاسية؟

ج: بدون أدنى شك. هذا هو الطريق الذي يوصلنا إلى الخروج من هذه المآزق والانسدادات.

س: هل تتوقع الوصول إلى خواتيم سعيدة في موضوع ترسيم الحدود البحرية؟

ج: أتمنى ذلك. هذا علماً أنّ هناك من يسعى إلى عملية تخريب لهذه الجهود السياسية، وبالتالي إلى حرف الانتباه ومحاولة توريط لبنان وإقحامه بما لا يستطيع لبنان أن يتحمله.

نعم، هناك إمكانية ويجب أن يكون هناك موقفاً وطنياً موحداً من أجل الإصرار على ما أقرته الحكومات اللبنانية على مدى سنوات بالنسبة لحدود لبنان في منطقته الاقتصادية الخالصة. هذا الأمر ممكن إذا تضامنا كلبنانيين بموقفنا لجهة التمسّك بحدودنا الحقيقية في تلك المنطقة.

نعم، وعندها نستطيع ومن الممكن أن نصل إلى نتيجة إيجابية.

 

تاريخ الخبر: 
01/08/2022