الرئيس السنيورة : حرب اوكرانيا يجب ان تنتهي بالا غالب او مغلوب

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

اجرت قناة المحور تالمصرية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول موضوع الحرب الروسية على اوكرانيا في ما يلي نصه:

س: ‏نحن نتكلم عن الدول العربية ودول الشرق الأوسط، وهي أكثر الدول تأثراً من تداعيات الحرب على أوكرانيا كان على المستوى السياسي والاقتصادي. هذه الحرب خلطت جميع الأوراق الخاصة في هذه الحرب. هل دخلنا فيما يشبه الاستنزاف؟ وما هي السيناريوهات القادمة؟

ج: ‏لا شكّ أنّ هذا نوع جديد من أنواع الحروب القابلة للاشتعال والتوسع والتمدُّد. وها نحن اليوم قد مرَّ عام كامل على اندلاع هذه الحرب. وهي الحرب التي ما كان لها أن تُشن، والتي لا يمكن ان يخرج منها فريق رابح وفريق آخر خاسر، ولأنها في المحصلة ربما قد تؤدي إلى خسارات كبرى على أكثر من صعيد ولأكثر من طرف.

ربما كانت هذه الحرب نتيجة سوء حسابات أو سقوط في فخ نُصِبَ للرئيس بوتين بعد أن أُثيرت مخاوفه من توسع حلف الناتو ليشمل أوكرانيا التي هي على حدود الاتحاد الروسي. وذلك ما استفزّ الرئيس بوتين من جهة، وربما ما خُيِّلَ له أنها ستكون فرصته لشنّ الحرب على أوكرانيا. وهو قد قام بهذا الاجتياح، ولاسيما بعد أن قام باجتياح سابق في جورجيا وغيرها، وسَكَتَ عنه الغرب، ليُتْبِعْها بضم شبه جزيرة القرم، وحيث سُكت عنه. وكأنّ ذلك كان طُعماً وفخاً سقط فيه الرئيس بوتين لأنّه توهّم أنّه سيصار إلى السكوت عنه، وهو لذلك قد شنَّ هذه الحرب على أوكرانيا، والتي لم تتحقّق بشأنها توفعاته.

على ما يبدو، إنّ أطماع الرئيس بوتين من هذا الاجتياح لأوكرانيا، هي بأن يمد نفوذ الاتحاد الروسي ليعود إلى حدود الإمبراطورية السوفيتية القديمة. وأعتقد أنه قام بذلك خوفاً من توسع حلف الناتو ليشمل أوكرانيا، وأنه بذلك لن يواجهه أحد عندما يشنّ هذه الحرب.

لا بدّ لي من القول هنا، أنه من غير الممكن أن يسكت الغرب على هذا التوسّع الامبراطوري للرئيس بوتين. إذْ أنه ما الذي يمنع الرئيس بوتين حينها من أن يمد يده على جمهوريات أخرى في أوروبا الشرقية، والتي كانت تشكّل في وقت مضى جزءاً من الاتحاد السوفياتي. اعتقد أنَّ هذا هو الأمر الذي أخافَ جمهوريات البلطيق الثلاث (لاتفيا واستونيا وليتوانيا)، لا بل وأخاف دولتين في الشمال الأوروبي وهما السويد وفنلندا ودعاهما للتفكير في الاستعداد للدخول كأعضاء جدد في حلف الناتو. لا بل وأيضاً أخاف دولاً صغيرة في العالم التي تجاور دولاً كبيرة في أكثر من منطقة في العالم، وكذلك أخَافَ دول الغرب جميعاً بما فيها الولايات المتحدة.

المشكلة الأخرى التي يواجهها العالم الآن، هو أنّ هذا الهجوم الروسي على أوكرانيا، سوف يثير شهية دول كبيرة في مناطق أخرى من العالم، لتحذو حذو روسيا في الاستيلاء على تلك الدول الصغيرة.

س: ‏اسمح لي أن أعود إلى حديثك، هل هي أطماع أن نرى هذا الموضوع في روسيا توسيع حلف الناتو واحتمال اندلاع حرب طويلة؟

ج: ‏من دون أدنى شك أنّه كانت هناك ممارسات غربية استفزّت روسيا بشأن توسّع حلف الناتو، ودعاها إلى التخوف من أن تنضم أوكرانيا إلى هذا الحلف. وربما هذا ما دفع بوتين إلى القيام بهذا الهجوم. وهذا كلّه أدخل العالم أجمع في حالة توتر كبيرة، وفي تسابق نحو التسلّح، وهذا ما نشهده الآن من عودة إلى التسلح لدولتين هامتين، كانتا جزءاً من الحرب العالمية الثانية، وأعني بذلك اليابان وألمانيا، واللتان قررتا أن تزيدا مخصصات التسلح في موازناتهما من واحد بالمائة إلى اثنين بالمائة من ناتجهما المحلي.

إنّ ما حصل قد أدخل العالم في جولات جديدة من العنف العسكري والاقتصادي.

إنّه وبسبب هذه الحرب، والتي حصلت في أعقاب جائحة الكورونا، قد أثارت وفاقمت موجات خطيرة من التضخم الناتج عن انقطاع سلاسل الغذاء في العالم وارتفاع معدلات التضخم الذي أطاح بالاستقرار الاقتصادي في العديد من الدول، ولاسيما لدى الدول النامية، وتحديداً لدى الدول التي تشكو من هشاشة اقتصادية.

أنا أعتقد الآن بأنّه سيكون لهذه التطورات الخطيرة تداعياتها الكبيرة جداً في زيادة حدّة التشنّج. وهذا كله يدعو إلى التخوف مما قد يحمله مع المستقبل من تدهور وتفلت على أكثر من صعيد.

هذا الوضع المتشنج بالعالم سوف الذي يؤدي إلى مشكلات كبرى سوف تعاني منها كثيراً عدد من الدول العربية، ناهيك عن أن هناك تداعيات اقتصادية ومالية أكبر، ولاسيما بالنسبة للدول التي تشكو من هشاشة اقتصادية كبيرة مثل عدد من الدول العربية.

من جهة أخرى، فإني أظنّ أنّ هذه الحرب، وكأنها تُخاض بالواسطة ضد الصين أيضاً التي تأخذ مواقف حذرة مخافة الانزلاق في هذه الحرب الخطيرة، ولاسيما في أعقاب التهديدات الأميركية.

هذه الحرب تحمل معها رسائل عديدة. لذلك، فإنّ الأمر إذا استمر هكذا وبدون أية ضوابط، فقد ينذر بتطورات خطيرة. واليوم نسمع عن ردّات فعل ومواقف جديدة مثل ما سمعنا حول قرار الرئيس بوتين بالخروج من الاتفاق حول الحد من انتشار الأسلحة النووية المعقود ما بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية.

هذه الحرب برأيي لا يجوز أن تنتصر فيها روسيا كما لا يجوز لها أن تنهزم، ولاسيما بكونها دولة نووية. كذلك الأمر أيضاً بالنسبة لأوكرانيا ودول العالم الغربي. ولذلك أرى أنه يجب التفكير بطريقة جديدة لإيجاد حلٍّ على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب"، شرط أن يصار إلى التشديد على احترام أراضي كل من الدولتين. وهذا أمر ليس باليسير.

س: ماذا عن ‏المخاوف المتزايدة حول الاتفاق النووي الذي يخيم على العالم كله؟

ج: أريد أن أضيف شيئاً هنا، انّ هذه الحرب استدعت دولة مثل إيران لتدخل على الخط وتصدر طائرات الدرون على روسيا، وهي بذلك تدخل على الوضع الأوروبي والدولي، مما سيؤدي أيضاً إلى إشكالات خطيرة.

إنّ تورط إيران في هذا الصراع- وهي كما نعلم- مأزومة الآن بسبب أوضاعها وأزماتها الداخلية والاقليمية والدولية وأيضاً مشكلات العقوبات المفروضة عليها، والتضخم الكبير الذي تعاني منه، فإنّها تعمل- وعلى ما يبدو- في محاولة للخروج من هذه المآزق المتجمعة أن تقوم بتصدير طائرات الدرون إلى روسيا لتعزيز قوتها التفاوضية مع العرب، مما دفعها فجأة وعملياً للدخول كطرف في خضم الصراعات الأوروبية وليس الاكتفاء بكونها عنصر عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية لتصبح أيضاً عنصر لا استقرار في الغرب الأوروبي، وهو الأمر الذي له تداعيات خطيرة جداً لا نعلم ما سوف تكون مآلاتها.

هذا الصراع الذي يشهده العالم مؤخّراً بين الأقطاب الدوليين هو صراع مصالح ونفوذ وليس صراعاً أيديولوجياً، كما أنّه ليس بحربٍ باردة جديدة يمكن أن تنتهي عسكرياً بهزيمة أحد الطرفين. صحيح أنّ الولايات المتحدة وروسيا حرصتا معاً على عدم امتداد الحرب الأوكرانية إلى دول الناتو.

ولكن الأمر لا يمكن معالجته بهذا الإجراء فقط.

برأيي لن يكون هناك منتصر ومنهزم في أزمة أوكرانيا، ولن يحدث انتصار عسكري حاسم لقطبٍ على قطبٍ آخر.

السؤال الآن: هل سيتحمّل العالم أزمة مفتوحة زمنيًّا تنعكس ويلاتٍ اقتصادية ومالية ومعيشية على الغرب والشرق، ولاسيما في حالة عالمٍ منهكٌ اقتصادياً حالياً؟

ربما سيكون المخرج الوحيد من هذه الأزمة هو حصول وساطة أوروبية- صينية مشتركة تحفظ ماء وجه روسيا وتضع لبنات لنظام دولي جديد متعدِّد الأقطاب، ويحفظ مصالح الأقطاب ويحترم خطوطهم الحمراء

تاريخ الخبر: 
23/02/2023