الرئيس السنيورة لـ الحدث: من المعيب أن تصل الأمور إلى هذا الدرك وأن تتحوّل مسألة صغيرة لها علاقة بالتوقيت لكي تطرح مسائل لها علاقة بالسلم الأهلي والوفاق الوطني
اجرت قناة الحدث من محطة العربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول التطورات الراهنة في ما يلي نصه:
س: بدايةً، هل كانت ضرورية كل هذه البلبلة وإحداث أزمة تصعِّب حياة اللبنانيين التي هي أصلاً صعبة جداً الآن؟
ج: بدايةً، مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. جوابي على سؤالك في أنَّ هذا الموضوع لم تكن هناك من حاجة إليه على الإطلاق، وهو قرار غير مدروس بشكلٍ كاف وغير صحيح، وبالتالي كان خطأ اتخاذه. والحقيقة أنّه حصل بطريقة أيضاً غير مقبولة. ذلك لأنّ رئيس الحكومة عندما كان في زيارة رئيس المجلس النيابي فوجئ بموقف رئيس المجلس الذي كان مستغرباً. ذلك لأنّ رئيس المجلس طلب من الإعلام أن يبقَ ويستمر في نقل الدردشة التي جرت بينه وبين رئيس الحكومة على الهواء، وهذا أمر مستغرب، ولا يجوز أن يحصل.
على أي حال، هذا ما جرى، ولقد اتخذ هذا القرار. وهذا القرار- كما قلت لك- غير مدروس، وأدّى إلى هذه الدرجة المفتعلة من التشنّج. لذلك، فإنَّ ما جرى بعد ذلك من ردود فعل هو أمر غير مقبول على الإطلاق. إذْ أصبح كل طرف يستغله كما يريد وكما يخدم أجندته السياسية من أجل أن يثير فتنةً وانقساماً حاداً في البلاد إلى الحد الذي أوصل الأمر وكأنّ هناك انقساماً بين اللبنانيين المسلمين من جهة، والمسيحيين من جهة أخرى. وهذا أمر مرفوض ومستغرب. وبالتالي، فإنّه من المعيب أن تصل الأمور إلى هذا الدرك، وأن تتحوّل مسألة صغيرة لها علاقة بالتوقيت لكي تطرح مسائل لها علاقة بالسلم الأهلي والوفاق الوطني.
الأمر الغريب والمستهجن أيضاً، أن يقدم عدد من الفرقاء، ومنهم التيار الوطني الحر وبعض الأطراف الأخرى على خطّ التوتير وإثارة النعرات الطائفية من أجل شدّ العصب المسيحي، ولافتعال مشكلة بين المسيحيين والمسلمين.
هذا أمر مستهجن أن تتحوّل مسألة كهذه لتطرح مسألة الوفاق الوطني على بساط البحث. نعم، هناك خطأ ارتكب، وبالتالي يجب أن يجري تصحيحه وهذا الأمر هو الذي دفعني أنا والرئيس تمام سلام أمس إلى الاجتماع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ونتمنى عليه أن يصار إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الوزراء من أجل أن يصار إلى إقفال هذا الملف فوراً.
س: أنتم الذين نصحتموه بذلك وكيف هو تفاعل معكم؟
ج: البارحة، اجتمعنا به وكان متفهماً وكان مبادراً أيضاً، وبالتالي أعلن البارحة بأنّه سيدعو لعقد جلسة لمجلس الوزراء وهذا ما تم اليوم وبالتالي تم إلغاء القرار السابق وتقررت العودة إلى التوقيت الصيفي ابتداءً من مساء الأربعاء الخميس القادم.
س: دولة الرئيس، حضرتك تقول أنّ ما حصل هو خطأ ويجب وتصحيحه، وتمّ تصحيحه بالفعل. ولكن فعلياً نحن رأينا الفيديو، وقلت إنه خاطئ، لأنّ هكذا جلسة بين الرئيسين أن تؤدي إلى هكذا قرارات على صعيد الدولة، وهل تعتقد أنه خطأ ويجب التغاضي عنه لأنّ لبنان دائماً تمر الأمور دون محاسبة؟
ج: أولاً، لا يجوز تبرير هذا القرار. هذا قرار خطأ، ولاسيما في خضم هذا الوضع المتوتر والمتأجّج والمتطيِّر من كل شيء، والذي يفتح الباب لدخول كل الشياطين.
المشكلة الأساس- كما قال رئيس الحكومة- ليست مسألة توقيت صيفي او توقيت شتوي. هناك مشكلة متمادية في لبنان الآن، وتتعلّق بعدم التمكن من انتخاب رئيس الجمهورية، وحيث أصبح موقع رئيس الجمهورية شاغراً. وبالتالي هذا الأمر يتطلب من الجميع التوصل إلى توافق في هذا الشأن. ولا يمكن أن يتم ذلك عبر أن يقوم حزب الله بتمرير مرشحه لكي يصار إلى انتخابه رغم أنه لا يحظى بالأكثرية ولا أيضاً بالأكثرية اللازمة لعقد جلسة انتخاب الرئيس. كما أنه ليس هناك عند الطرف الآخر أكثرية في هذا الشأن.
هناك محاولات من أجل تجميد الوضع عند هذين الموقفين وهذا لا يجوز. أعتقد أن هذا الأمر يتطلب تفاهم. وبالتالي إدراكاً أن هناك حاجة لأن يأتي رئيس جمهورية يكون فعلياً على مستوى أن يكون رئيس جمهورية بصفاته ومؤهلاته، والذي هو- كما تعلم- رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، لكي يتمكّن بدوره وعبر رئيس حكومة وحكومة تؤمن وتعمل من أجل تحقيق الإصلاح والنهوض.
س: هذا المطلب المنطقي والواقعي فعلياً، ولكن بنفس الوقت ما حصل كذلك يوم الجمعة بموضوع التوقيتين رأى فيه البعض- وبحسب معلومات كذلك وردتنا- أنه هو واجهة لأمور أخرى كانت تحدث بالخفاء من أجل إلهاء اللبنانيين بموضوع التوقيتين للتغطية على أمور أخرى (موضوع الجمارك صفقة سيارات لمسؤولين وصفقة المطار الجديد)؟
ج: أعتقد أنَّ هناك خلط بين هذه الأمور الثلاثة، وهي منفصلة، وهي كلّها ما كان يجب أن تحدث، والتي يجب أن يصار إلى وقفها.
الأول، وقد الذي جرى وقفه.
والثاني، وهو موضوع تلزيم "ترمينال تو" المبنى الثاني في مطار بيروت، وهو كما علمت، فقد جرى إحالة الأمر إلى ديوان المحاسبة بطلب من رئيس الحكومة، وأيضاً بمعرفة وبطلب من رئيس هيئة الشراء العام.
أما بموضوع الجمارك أنا أعتقد بأن هذا الموضوع أنه ليس بهذه البساطة يمكن إخفاء مثل هذه العملية إن كانت صحيحة. لذلك، أعتقد أنَّ هذا الأمر- وبمجرد أن يصار إلى الإعلان عن هذه المسألة- فإنه يجب اعتباره كإخبار، ويجب على المدعي العام المالي مباشرة والمدعي العام التمييزي أن يحقّقا في هذا الأمر.
وبالتالي أنا برأيي انّ هذه الأمور التي تثار، وفي هذه الأجواء المحتقنة، فإنّه يجب التنبه لها، ولاسيما وأن كان كل أو فريق واحد يحاول أن يخلق من هذه المسائل وسيلة من أجل حرف انتباه اللبنانيين عن المشكلة الأساس.
يا سيدتي، المشكلة أنّ هناك دولة بالاسم، وأنّ هناك من جانب آخر دويلة تتحكم بأمور الدولة اللبنانية. وهذه الدويلة يترأسها حزب الله، وهي مستمرة في بسط سيطرتها على الدولة اللبنانية.
س: هل الرئيس ميقاتي شريك في هذا الموضوع بموضوع دولة حزب الله؟
ج: أنا لا أعتقد. لا أعتقد على الإطلاق. على أي حال، إنّ هذه القرارات التي اتخذها الرئيس ميقاتي، الآن جرى عملياً تم التخلي عنها.
س: دائماً الرئيس ميقاتي يتهم بأنه على مواجهة مع المسيحيين، طبعاً اتهم بذلك من قبل الرئيس عون والتيار الوطني الحر، والآن يتهم بذلك ويدافع عن نفسه دائماً؟
ج: أنا أعتقد بأننا نحمِّله أكثر مما ينبغي، حتى أنّ هذه الأخبار التي نقلت عن لسانه عن عدد المسيحيين وعدد المسلمين صار فيها سوء فهم. وبالتالي هناك من يحاول تحويل الأمور إلى مشكلات طائفية من أجل شد العصب في البلد.
نحن في لبنان توصلنا إلى اتفاق الطائف، وتوصلنا على أن نوقف العد، ويجب علينا العودة إلى الدستور. وكل هذه المشكلات التي تجري إثارتها ليست سوى محاولة من أجل حرف الاهتمام وتوجيه النقاش نحو الأمور الجانبية لخلق خلاف بين اللبنانيين بدلاً من العمل على معالجة المشكلات الأساسية في جوهرها وليس فقط في مظاهرها.