الرئيس السنيورة لقناة ETC المصرية : محاولات لسيطرة حزب الله على مخيم عين الحلوة
اجرت قناة ETC المصرية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورات وفي ما يلي نصه:
س: معنا من لبنان رئيس الوزراء اللبناني الأسبق السيد فؤاد السنيورة. التحية لأهل لبنان. وسؤالي: ماذا يجري في لبنان الآن وما هو المشهد؟
ج: مساء الخير. وشكراً على الكلمات الطيبة التي قُلْتِها في مداخلتك بشأن لبنان واللبنانيين.
لقد تعرَّضْتِ في مداخلتِكِ إلى عدة مواضيع في الوقت ذاته، ولذلك سأجيب على هذه المواضيع المثارة وبشكل سريع.
في الواقع، وفي المبدأ، لقد حصلت مواجهات عسكرية بين فصائل فلسطينية في مخيم عين الحلوة، والذي هو أكبر مخيم فلسطيني في لبنان، وتسيطر عليه بالإجمال حركة فتح. ولربما هذا ما دفع بعض الدول العربية والأخرى إلى تنبيه رعاياها بأن لا يقتربوا من الأماكن التي تحصل فيها الاشتباكات.
ولقد بدا أنَّ هذا الأمر بمثابة إجراء احترازي من قبل تلك الدول في مثل هذه الحالات. ولكن مع تتالي هذه التحذيرات من أكثر من دولة عربية وغيرها، فإنَّ الأمر أصبح يثير الريبة والشك من أنّه قد يكون بهذا الشأن "وراء الأكمة ما وراءها"، ولاسيما وأنّ هذه المواجهات العسكرية تحصل في ظلّ احتمال أو شكوك كثيرة حول تورّط حزب الله وبعض التنظيمات الفلسطينية الموالية له بدعم بعض التنظيمات الفلسطينية المتطرفة من أجل السيطرة على مخيم عين الحلوة. وبالتالي من أجل تمكين الجمهورية الإسلامية الإيرانية من وضع يدها على القضية الفلسطينية، والهدف الأساس مصادرة القرار الفلسطيني الحر. هذا الأمر بحد ذاته يضيف بعداً جديداً إقليمياً على هذه المواجهات العسكرية أكثر بكثير مما كانت توحي به حتى الآن المواجهات العسكرية السابقة. لذلك، فلربما هذا ما دفع بعض الدول إلى المبادرة إلى إطلاق تلك التحذيرات بهذا الشأن. هذا علماً بأن تلك الاشتباكات قد توقفت الآن. وأنّه، وفي المقابل، فإنّ أكثر الدول لم تقدم على الطلب من رعاياها مغادرة لبنان.
من جهة أخرى، ورداً على ما أَثرتِهِ في سؤالك، لا بدّ لنا من طرح الموضوع بكامل صورته، وهو أنّ لبنان يمرّ الآن بفترة صعبه لجهة عدم القدرة على انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي تبدو واضحة عدم القدرة على إعادة تكوين السلطات الدستورية، وذلك بسبب الموقف المعاند الذي يتخذه حزب الله، والذي يصرّ على المرشح الذي قدمه، ومع أنّ هذا المرشح لا يستطيع أن يحصل على عدد الاصوات الكافية لانتخابه. لذلك، فإنّ اندلاع هذه الاشتباكات في مخيم عين الحلوة الآن، وفي هذه الظروف بالذات، وعقب صدور بيان اللجنة الخماسية التي انعقدت في قطر في 17 تموز الماضي، وكذلك الاجتماعات الفلسطينية التي عقدت في إسطنبول وفي العلمين في جمهورية مصر العربية، زادت من حدّة الشكوك العامة بشأن لبنان وأوضاعه العامة، وإمكانية استعمال لبنان كساحة لإرسال الرسائل السياسية لأكثر من طرف محلي وإقليمي ودولي.
كذلك، ومن جانب آخر، فإنَّ المنطقة ككل أصبحت تُعاني من تطورات خطيرة، إذ أنّ ما يجري في المنطقة وما حولها يبين توجهاً دولياً نحو خوض حروب بالفعل في ساحات مختلفة، هذا مع الحرص على عدم تحويلها إلى حروب كبرى يتم فيها اللجوء إلى السلاح النووي. لذلك، فإنّ هذه الدول الكبرى والإقليمية تبحث عن ساحة أو ساحات من أجل تحقيق المواجهات العسكرية المطلوبة، وبالتالي نرى أن هناك تورطاً متزايداً في أكثر من منطقة. وهذا ما يحصل الآن في منطقة الساحل الافريقي أو ما يجري من قبل إيران في الحرب الدائرة في أوكرانيا، وقيامها بتزويد الجيش الروسي بطائرات الدرونز، وهذا ما قد قلب الموازين العسكرية والاستراتيجية في تلك الحرب القائمة في أوكرانيا. وهذا ربما ما يجعل إيران تحرص على أن تعزز قبضة حزب الله ومن ورائه إيران في بلدان منطقة شرق المتوسط، وتحديداً في لبنان وسوريا والعراق. وحزب الله في ذلك هو ممثل لإيران في هذه المنطقة. لذلك، فإنّ الشكوك تتزايد حول ما يجري في لبنان وحول إمكان أن تتدهور الامور أكثر من ذلك.
لذلك، ما نتمناه- إن شاء الله- أن لا تتدهور الأمور أكثر من ذلك، وما أتمناه وتتمناه الكثرة الكاثرة من اللبنانيين أن يصار إلى إبداء التعقل والحكمة من قبل الجميع، ولاسيما من حزب الله بالنسبة لما ذكرت حول ما يجري في مخيم عين الحلوة.
أما بشأن التفجير الذي حصل في مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020، وهو التفجير الذي يعد أكبر تفجير غير نووي بتاريخ البشرية، فإنَّ الأمر وما يتعلّق بموضوع دولة الكويت وإعادة إعمار إهراءات القمح في المرفأ، فدعيني أقول لك أن الوزير ربما كان متعجلاً في حديثه، وربما لم يدرك الحقيقة بكاملها بشأنه مبادرة الكويت لتمويل إعادة بناء الإهراءات.
أنا أودّ أن أوضح لك، أنه بعد 10 أيام على حدوث هذا التفجير، بادرت شخصياً للاتصال بالسفير الكويتي آنذاك عبد العال القناعي، وتمنّيت عليه أن ينقل تحياتي وتقديري لصاحب السموّ أمير البلاد في الكويت، وأن يبلغه تمنياتي أن تتبنى دولة الكويت إعادة بناء هذه الصوامع التي تم تفجيرها، وهي التي كان قد جرى بناؤها في العام 1968 بتمويل من صندوق التنمية الكويتي. ولذلك كان التمني على صاحب السمو أمير الكويت أن يقوم بهذه المبادرة، وهو الذي نذكر له وللكويت هنا فضائلها الكبيرة ومساعداتها الكبيرة التي قدمتها- ولاتزال تقدمها للبنان- على مدى عقود وعقود طويلة. ومن ذلك، هذه الصوامع بالذات لكون الصندوق الكويتي هو الذي موَّل بناءها قبل حوالى ستين سنة. وأضفت أنّ هذا ما يجعل لهذه المسألة رمزية كبيرة.
ما تمنيته على صاحب السمو أن يصار إلى الموافقة على تبني عملية إعادة البناء قد حصل بالفعل. إذْ أنه، وبعد 10 أيام من اتصالي بالسفير عبد العال القناعي جاءني سعادته وأبلغني آنذاك بموافقة صاحب السموّ، وأعلنت ذلك أيضاً في الإعلام بأن صاحب السموّ الأمير تبني عملية إعادة البناء باسم دولة الكويت. وقد بادرت دولة الكويت عقب ذلك إلى إعلان موافقتها على هذا التبني.
لا بدَّ من أن أنوّه مرة جديدة كيف أنَّه- وفي الملمات الكثيرة التي طرأت على لبنان- كانت الكويت دائماً تقف إلى جانب لبنان ومعه، ولاسيما في العام 2006 عندما وقفت الكويت بجانب لبنان.
هذا الأمر يبدو أنّه لم تجر متابعته بشكلٍ دؤوب من قبل الحكومة اللبنانية، ولاسيما أنّه يبدو أنّ هناك نوعاً من عدم التوافق حول مكان إعادة بناء هذه الإهراءات. هل سيُعاد بناء الصوامع في ذات المكان أو في مكان آخر. وبالتالي يبدو أنَّ ليس هناك من قرار جازم بشأنها حتى الآن. ولذلك ربما معالي الوزير تعجل بالحديث مستخدماً عبارة لا أعتقد أنها ملائمة.
س: ألا يعلم الوزير أن ليس بإمكان لبنان في ظروفه المالية الحالية أن يعيد بناء الصوامع؟
ج: أنا أعتقد انه يعلم، بل يعلم تمام العلم أنّ لبنان ليس بإمكانه الآن إعادة بناء هذه الصوامع بدون المعونة التي يمكن أن يحصل عليها من الدول الشقيقة في مقدمها من دولة الكويت.
في ضوء ذلك، أنا أعتقد أنّه ومن اجل إنهاء هذه المشكلة، وبدلاً من تركها تتعقد، فمن الأفضل لمعالي الوزير، بدون أدنى شك، أن يعترف بهذا الخطأ ويعتذر عنه، وبالتالي الابتعاد عن إيجاد التبريرات اللفظية بأن هذه العبارة تستعمل في لبنان.
أنا أعتقد أن هذه العبارة غير مناسبة وعلى الوزير أن يعترف انه ارتكب خطأ ويعتذر من دولة الكويت. وهذه بنظري هي الطريقة الصحيحة من أجل معالجة هذه المشكلة وسرعة إنهائها لأنّه إذا تركنا الامور تتفاقم بعد ذلك فإنّه لن يكون بالإمكان تدارك التدهور.
س: لبنان محبوب من كل أقطار العالم العربي.
ج: بدون أدنى شك، انَّ لبنان يعيش في وجدان وضمائر ليس فقط لدى أبنائه، ولكن بوجدان وضمائر الأخوة العرب في كل مكان، وفي مقدمتهم في جمهورية مصر العربية. ونحن دائماً نشكر وقوف جمهورية مصر بجانب لبنان منذ استقلاله وإلى الآن، وهي لم تتوقف عن إبداء وممارسة دعمها لاستقلال وسيادة لبنان وإيمانها بضرورة التمسك بالدستور اللبناني، وكذلك الالتزام الكامل باتفاق الطائف الذي هو الاتفاق الوطني الذي أنهى الحرب اللبنانية والذي يضمن العيش المشترك في لبنان.