الرئيس السنيورة لـ العربية: إسرائيل ترغب في إيجاد منطقة عازله في جنوب لبنان وهي تخالف وتنتهك القرار 1701

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

اجرت قناة العربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول اخر التطورات في لبنان وفي ما يلي نصه:

س: من بيروت ينضم إلينا رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة دولة الرئيس أهلاً بكم. هناك دبلوماسي غربي قال لصحيفة فايننشال تايمز، ولم تكشف الصحيفة عن اسمه قال ان الوصول إلى هذا الحل أي إنشاء المنطقة العازلة في جنوب لبنان، هو أمر صعب للغاية، حيث يتوجب وقف القتال بين إسرائيل وحزب الله وجعل حزب الله يزعن ويقبل بالانسحاب إلى الداخل اللبناني. برأيكم هل تجري هذه المباحثات دولة الرئيس مع حزب الله أو مع الحكومة اللبنانية التي قال رئيسها نجيب ميقاتي أن حكومته لا تملك قرار الحرب والسلم؟ ومن يقوم بهذه المباحثات وهؤلاء الزوار والوفود التي تأتي من فرنسا وأميركا التي تزور لبنان في الأيام الماضية؟

ج: ‏بدايةً مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. ما قاله الشخص الذي تحدثت عنه صحيفة الفايننشال تايمز يقترب من الحقيقة بأن هذا الأمر ليس من اليسير الوصول إليه. حتماً أن إسرائيل تتمنى وترغب في أن يصار إلى إيجاد منطقة عازله في جنوب لبنان. وإسرائيل في هذا الصدد تحاول أن تعود إلى استعادة أساليب قديمة بما يسمى معالجة مظاهر المشكلات، وليس إلى معالجة جوهر المشكلات، وذلك لا يؤدي إلى تحقيق الحلول المنشود.

الحقيقة الآن، أن هناك حرباً مشتعلة في غزة، وهي بالتالي أدت إلى اشتعال الحرب عبر الحدود اللبنانية منذ يوم الثامن من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بين إسرائيل وحزب الله. وبالتالي، فإنَّ إسرائيل تسعى من خلال الاستفزازات التي تقوم بها كل يوم إلى الدفع بهذا الاتجاه نحو المواجهة العسكرية. وهناك حتماً ردود مماثلة لما تقوم به إسرائيل من استفزازات، وذلك حسب ما يسمى بأن حزب الله يلتزم بقواعد الاشتباك.

لذلك، والحال الواقع هكذا الآن في لبنان، فإنّه يجب أن يصار إلى معالجة المشكلة ومن جذورها ككل، وبالتالي التوجه نحو إيجاد واعتماد الحلول الصحيحة، أي نحو حل أسباب هذا الصراع. أما من يتكلم باسم لبنان، فإنه يفترض أن تكون الحكومة اللبنانية، ولكن الحزب هو الذي يمثل الآن الأمر الواقع في لبنان ويتكلم باسمه، ولكن بذلك يقحم لبنان بما لا يريده ولا يقدر عليه.

س: المشكلة الآن تقصد مزارع شبعا التي ما زال لبنان متمسك بها ويقول حزب الله انه هو متواجد على الحدود اللبنانية حتى تحرير آخر شبر من لبنان؟

‏ج: هذا يعيدنا إلى النظر إلى ما تمّ التوافق عليه في القرار 1701. علينا هنا أن نكون واضحين، وأن ننظر إلى الأمور من زاوية فريق منصف في الأمم المتحدة في نيويورك، ومطَّلِع على الأمور بشكل موضوعي وبعيدا عن انتماء إلى هذا الطرف او ذاك. إسرائيل تنتهك هذا القرار وهناك انتهاك أيضا لهذا القرار من قبل حزب الله. الانتهاك الإسرائيلي هو واسع وكبير بكونه لا يلتزم بالانسحاب الكامل من منطقة قرية المري، أي شمالي قرية الغجر التي هي في مرتفعات الجولان السورية. وإسرائيل بذلك تنتهك الحدود عبر عدم الالتزام بالنقاط 13 على الخط الأزرق بينها وبين لبنان، وبكونها ينتهك أيضاً القرار 1701 بالنسبة لعدم الانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

على الصعيد الآخر- أي اللبناني- فإنّ القرار 1701 ينص في البند الثامن التنفيذي منه على أن لا يكون هناك وجود سلاح ثقيل في هذه المنطقة إلاّ من تلك القوى التابعة للحكومة اللبنانية والقوات الدولية المنتشرة هناك.

س: دولة الرئيس هل سيقبل حزب الله بهذه الأمور التي ذكر بها، وبأي ثمن يمكن أن يقبل حزب الله بعد أن بنى كل هذه الترسانة من الأسلحة الثقيلة. كيف يمكن له أن يسلم السلاح ويبتعد عن الحدود إلى بعد نهر بريطاني؟

ج: حتماً انَّ الأمر ليس بالسهل على الإطلاق. ولكن، وعلى مسار تحقق هذا الأمر، فإنّه فعلياً يتطلب أن تكون هناك مبادرة تبادر إليها إسرائيل بأن تعبر عن استعدادها لتسوية هذه الانتهاكات التي ترتكبها حتى تستطيع بالتالي أن تقول للدولة اللبنانية بداية أنني إذا انسحبت من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وانسجمت مع ما بني عليه القرار 1701، وكذلك ما تبينه النقاط السبع التي استند إليها القرار 1701 بأنها ستبدي استعدادها لأن تسلم هذه المسؤولية في تلك المناطق إلى القوات الدولية. لماذا القوات الدولية؟ لأنّ أمر السيادة على هذه المنطقة الحدودية غير محسوم ما إذا كان لسوريا أو للبنان، أي لمن تعود السيادة على هذه المنطقة، أهي للبنان أم لسوريا؟!

س: هل الجانب اللبناني طرح على هذا الوفد الذي زار لبنان هذه النظرية؟ هل يحاول جاهدا أن ينفذ هذه النظرية التي تتحدث بها هل طرحوها على الوفد؟

ج: ‏أنا ما سمعته من مصادر موثوقة أن الموفد الأمريكي تحدث للرئيسين بري وميقاتي على أساس أن هناك احتمال واستعداد للحديث مع إسرائيل بهذا الخصوص من أجل أن تلبي كل هذه الطلبات التي يفترض أن إسرائيل عليها أن تلتزم بها. طبيعي هذا الأمر يتطلب أن يقتنع حزب الله بهذا الأمر. وهذا أمر ليس بالسهل ويتطلب جهوداً كبيرة لإقناعه وإقناع من هو من خلفه أي إيران.

كلنا يعلم أنه ليس في لبنان أي عطف لدى اللبنانيين على الانخراط في أي عمل عسكري، وفي الأعمال العسكرية الجارية الآن على الحدود اللبنانية، وليس لدى لبنان استعداد أو قدرة على ذلك.

س: دولة الرئيس، ما دمت تتحدث عن الجانب العسكري وأن اللبنانيين لا يريدون الخوض بحرب مع إسرائيل دعنا نتوقف عند ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي الذي قال بأنه سيتم دفع حزب الله إلى شمال نهر الليطاني عبر ترتيبات دبلوماسية ولكن إذا لم تنجح الدبلوماسية فإن إسرائيل ستتصرف بكل ما تملك من وسائل لدفع حزب الله عبر إجراءات عسكرية. هل يمكن اعتبار المساعي الأمريكية الفرنسية البريطانية جهوداً دبلوماسية بالنيابة عن إسرائيل، وبالتالي فشلها يعني أن تتحرك إسرائيل عسكرياً؟

ج: ‏الآن بدون شك أن الإسرائيليين يدركون أيضاً المصاعب في فتح جبهة جديدة في الشمال بشكلٍ كبير. ولكن، من جهة ثانية، يجب أن لا نغفل أيضاً وجود الرؤوس الحامية في إسرائيل التي تسعى من أجل أن يصار إلى توسيع إطار المعركة وإدخال عناصر جديدة، وصولاً إلى الاشتباك مع إيران. وهذا مما يرضي المتطرفين في إسرائيل، ويرضي نتنياهو المتمسك بالسلطة خوفاً من المحاكمة التي تنتظره. وهم يرغبون بذلك. تلك العناصر ذات الرؤوس الحامية لا تتفق معهم الولايات المتحدة الأميركية، والعديد من الدول الغربية، والذين يحرصون على مبدأ أساسي وهو معركة واحدة في ذات الوقت أي ان لا يصار إلى توسيع إطار هذه الحرب. كذلك الحال بالنسبة لإيران التي عبرت بوسائل مختلفة بأنها لا ترغب على الإطلاق في الانخراط بالعملية العسكرية الجارية في غزة، وهي لا تجهل عواقب ذلك، ولكنها تستمر في الإبقاء على حالة التوتر في المنطقة لتظهر بمظهر المدافع عن حقوق الفلسطينيين، وبالتالي ليستمر التبرير لوجود سلاح حزب الله في لبنان ولتستمر إيران في استعمال الحزب أداة في مشاغلة البلاد العربية، وأيضاً للفت نظر الولايات المتحدة لقدرة إيراني على الاستمرار في التعطيل والمشاغلة في المنطقة العربية.

س: بهذه النقطة دولة الرئيس وهذه الوفود هل تأخذ بعين الاعتبار تنسيق بين حزب الله وإيران التي هي تملك القرار بأمور التصعيد أو تجنب الحرب وليس حزب الله لوحده هو الذي يقرر. هل يتم التشاور مع إيران هل علمتم بأنهم يتشاورون أيضا مع إيران بخصوص الحدود اللبنانية؟

‏ج: ليس لدي أي شك أنه هناك اتصالات ومفاوضات تجري عبر أطراف ثالثين بين الولايات المتحدة وإيران. وهذا الأمر يفترض بكل المعنيين أن يعرفوه ويدركوه لأن هذه أمور أساسية بالنسبة للولايات المتحدة وإيران. الآن مقدار هذا التواصل وأهميته وفعاليته وإمكانية تحققه هو ما سوف تثبته الأيام القادمة. ولكن هناك أيضاً مجال للحديث على أساس أن يصار إلى استيلاد تسوية بشأن هذا الصراع الدائر الآن. وبالتالي إذا استمعنا إلى كلام السيد حسن نصر الله الذي كان يحرص على انتقاء عباراته بأنهم طرف مساند وليس طرف منخرط في هذه المعركة، وأن الحزب حريص على عدم الانخراط المباشر في الحرب. لذلك ما هو مطلوب الآن في هذه المرحلة بالذات من لبنان واللبنانيين التنبه إلى عدم الانزلاق إلى هذه الحرب. وهذا هو الخوف الذي يعتريني ويعتري الآخرين بأنه بالرغم من كل التأكيدات وكل الأحاديث بهذا الشأن، وإبداء عدم الرغبة بالانخراط، فإنّ هناك مخاوف من أن تحصل مفاجأة معينة لتؤدي كما حصل في حروب كثيرة في الماضي وفي الحاضر وفي العديد من دول العالم أن تحصل الحروب عملياً على خلاف ما يتمناه المنخرطون فيها، وعلى أي حال الآن الحرص يجب أن يكون على أن لا ينزلق لبنان الآن بالنسبة للقرار 1701. هذا أمر مهم كثيراً أن يؤكد لبنان عليه، وهو يشكّل بالنسبة للبنان حماية حقيقية. ولكن يجب أن نعلم أيضاً، بل ضروري أن نعلم أنه حتى نصل إلى حل حقيقي في لبنان، فإنه ينبغي أن تتوقف الحرب الجارية في غزة وكذلك في الضفة الغربية.

على صعيد آخر، وهو الصعيد العربي، فإنّ هناك، ومن جانب آخر ضرورة أن يصار على بذل جهد كبير على صعيد الدول التي شاركت في مؤتمر الرياض في القمة الإسلامية العربية، وأتمنى من ذلك أن يستمر الجهد الذي يبذله فريق الثمانية وزراء المنتدبين من قبل هذه القمة في الانتشار في العالم كل وزيرين في طائرة لزيارة كل بلدان العالم لدفعهم لإعلاء صوتهم وتزخيم جهودهم من أجل المطالبة بالإسراع في فرص وقف سريع لإطلاق النار في غزة والتحول نحو إيجاد الحل الدائم والكامل لأسباب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

 

تاريخ الخبر: 
14/12/2023