الرئيس السنيورة : حزب الله لا يحتاج أن يستعمل مطار بيروت الدولي من أجل تخزين الأسلحة والذخائر

اجرت قناة الجزيرة مباشر حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورتات من محتلف جوانبها وفي ما يلي نصه:
مقدمة المذيع : نفى لبنان اليوم الاحد ما اوردته صحيفة تليجراف البريطانية من ان حزب الله يُخزِّنُ في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت اسلحه وصواريخ واصفا ما جاء في تقرير الصحيفة بالأكاذيب. وقال وزير النقل اللبناني ان كل ما كتب في صحيفة التليغراف غير صحيح. إذْ أنه لا سلاح يُهرَّب عبر مطار رفيق الحريري. وأضاف أنّ الجمارك اللبنانية تمثل الدولة في حماية مطار رفيق الحريري الدولي ولا يمكن التشكيك في هذا الجهاز الحكومي، مشيراً إلى أنّ مطار بيروت كان دائما هدفا للعدو الإسرائيلي، وهو يتعرّض حالياً لحملة من صحيفة التليجراف اللندنية.
للتعليق ينضم إلينا عبر الهاتف من بيروت السيد فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق. الرئيس السنيورة أحييك على الجزيرة مباشر، ودعني أبدأ بما كنا نستعرضه الان ونفي لبنان لما قيل عن استخدام مطار رفيق الحريري لتخزين السلاح لحزب الله. لعلَّ البعض كان له تفسير يقول إنّ إطلاق مثل هذه الشائعات في هذا السياق يمهد لفكره استهداف المطار من قبل اسرائيل هل من الممكن ان يكون هذا الطرح وهذا الاستهداف صحيح سيد فؤاد أم لا؟
ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. بدايةً، أنا لست في موقع السلطة التنفيذية لكي أثبت أو أنفي ما جاء في هذا الادعاء. ولكني اعتقد ان ما قام به وزير الاشغال بنفي هذا الأمر من أساسه كان جيداً كخطوة أولى. ولكن خطورة هذا الادعاء باعتقادي تتطلب أيضاً أن تجتمع الحكومة وان تصدر موقفاً واضحاً وحازماً كحكومة، وأيضاً أن تثابر الحكومة على نفي هذا الخبر؛ كما وأن تُبادر بالتالي أيضاً إلى القيام بإقامه دعوى ضد هذه الصحيفة الإنجليزية التي يفترض بها ان تكون صحيفة رصينة، وكما يرد في القول المشهور: "البيّنة على من ادّعى".
ولكن هذا الامر، وبالرغم من عدم وجود معلومات رسمية لديّ، فإنّي اعتقد، ومن خلال التحليل المنطقي للأمور، أنّ حزب الله لا يحتاج أن يستعمل مطار بيروت الدولي من أجل تخزين هذه الأسلحة والذخائر، وحيث أنّه ليس بحاجه الى هذا التخزين في مطار بيروت. لذلك فإنّه، وبالتالي اعتقد أنّ هذا الادعاء، الذي جرى دسه عبر هذه الصحيفة، هو دس وكذب ومقصود منه تشويه صورة مطار بيروت، وبالتالي اعتماد هذه الخبرية المدسوسة للتمهيد من اجل استهداف المطار عندما تقرر اسرائيل ان تهاجم لبنان على نطاق واسع.
هذا التطور الجديد، وكما نراه، ربما يعني أنّ الأوضاع تشير الى احتمال حصول تدهور أكبر بشأن ما قد يحدث من توسيع نطاق الاستهداف العسكري للبنان، أو ربما أن إسرائيل تريد أن تهوّل على لبنان، كما أنه ربما هي تعد العدة للقيام بعملية عسكرية واسعة، وهو ما يقتضي توفر عدد من الشروط الضرورية لذلك. هل هذا ما سيحصل ام لا؟ هناك الكثير من الغموض ونحن بالانتظار لما قد يحصل.
على صعيد آخر، فإنّي أودّ هنا ان أعلق قليلا على هذا الامر منذ بدايته. لقد بادرت شخصياً في اليوم الثامن من أكتوبر الماضي إلى اتخاذ موقف واضح، حيث أشدت وأيدت عملية طوفان الأقصى، وقلتُ أنّ المقاومة الفلسطينية قد حققت بشنّها هذا الهجوم على إسرائيل أمراً في غاية الأهمية، وهو أنّ القضية الفلسطينية ليست للبيع أو التأجير أو للتصفية، وأنّ القضية الفلسطينية استعادت وجودها على طاولة البحث في الدوائر العربية والدولية. وأنه بالتالي لا بدّ من إيجاد حلٍّ عادل وشامل ودائم لهذه القضية الفلسطينية المستعصية على الحل منذ عقود.
ولقد كنتُ واضحاً وصريحاً أيضا بالقول بأنّ لبنان، وبسبب الأزْمات الكبيرة والكثيرة التي تعصف به على الصعد الوطنية والسياسية والاقتصادية وازمه النازحين السوريين، وانتفاء وجود شبكة الامان العربية والدولية التي كانت للبنان في العام 2006 لا يستطيع ان يخوض حرباً، ولأنّ لبنان سيكون بالتالي عرضة للتدمير الكبير، ولخسارة الكثير من الأرواح، وبالتالي التعرّض للكثير من المعاناة وفوق ما يحتمله.
من جهة أخرى، فإنّ ما نراه يحصل الآن أمر غريب، لا بل ومستغرب بشأن تصرف حزب الله بعد أن ضرب بعرض الحائط سيادة وسلطة الدولة اللبنانية. فالحزب ومنذ قرابة سنتين، وهو يعارض انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو يكرر المقولة بأنّه ولانتخاب رئيس الجمهورية، فإنّ لبنان بحاجه الى اجراء حوار بين اللبنانيين برئاسة الرئيس بري. هذا مع العلم أنّ الحوار الذي أمرٌ ضروري ونبيل القيام به، ولكن صدقيته تكتسب مع تطبيق ما يتفق عليه. وهو الأمر الذي لم يحصل بشأن جميع جولات الحوار التي حصلت في السابق.
من جهة أخرى، فإنّ الغريب والمأساة في ذلك ان حزب الله قام بفتح معركة في الجنوب اللبناني ضد إسرائيل دون أن يستشير اللبنانيين. ألا يستحق اللبنانيون أن يُعبِّروا عن رأيهم بشأن هذه الحرب التي أقحمهم بها حزب الله.
كذلك، فإنّه وبشكلٍ مفاجئ، وبحركة تلغي مرجعية وسلطة الدولة اللبنانية من أساسها، فقد عمد السيد حسن نصر الله الى توجيه انذار بفتح الحرب ضد دوله من دول الاتحاد الأوروبي، وأعني قبرص، من دون ان يستشير اللبنانيين. هذا أمر جلل حيث يعرض الحزب لبنان لمخاطر كبرى ولا علم للبنانيين بها ولا علم للدولة اللبنانية بذلك. وهو ذات العمل الذي حصل في العام 2006، ولكن مشكلة اليوم هي أكبر بكثير. حتى الان كما يعلم الجميع أنّ هناك أكثر من 450 ضحية لبنانية سقطت خلال هذه الاشهر الماضية نتيجة القصف المتبادل مع إسرائيل معظمهم من أفراد وقيادات تابعة لحزب الله، كما أنَّ هناك قرى وبلدات كبيرة في جنوب لبنان تعرضت للتدمير الكامل. هذا يعني الاستمرار في تعريض لبنان الى المزيد من المخاطر، وحيث لا علم للحكومة اللبنانية بالأمر والغالبية من اللبنانيين لا تريد ذلك.
دعني أكون واضحاً أنه مما لا شكَّ فيه ان حزب الله، وإذا اقدمت إسرائيل على شن حرب واسعة على لبنان- لا سمح الله- عبر القيام بعملية عسكرية، وعلى الأرجح ربما تقوم إسرائيل بالعملية العسكرية من دون اللجوء إلى اجتياح برّي. ولكن إذا أقدمت إسرائيل على هذه العملية فبالتالي ربما يستطيع حزب الله ان يلحق ضرراً كبيراً بإسرائيل. ولكن هل سأل أحد ماذا يمكن أن تلحق إسرائيل عندها من خسائر وإزهاق أرواح بشرية ودمار رهيب في لبنان؟ هذا هو السؤال.
س: حديثك في البداية لعل يفهم البعض منه ان حزب الله يتحمل جزءاً من المسؤولية في شن الحرب على الاحتلال الإسرائيلي. ونحن نعلم أنّ إسرائيل في الواقع نفَّذت نحو ألف خرق للأجواء اللبنانية خلال الفترة الماضية كما قال وزير الاشغال او وزير النقل اللبناني اليوم. هذا فضلاً عن أنّ عدداً كبيراً من القيادات والأفراد التابعين لحزب الله، والمدنيين جرى استهدافهم وسقطوا جميعهم ضحايا. فهل من المفترض بحزب الله أن يذهب ليستشير الحكومة وهو يدافع عن نفسه، كما ويُدافع عن أرضه ويدافع عن لبنان كما يرى البعض؟
ج: دعنا هنا أن نكون واضحين، وحتى لا يصار إلى خلط الأمور بعضها ببعض. إسرائيل هي العدو وإننا يجب علينا أن نتصدى لها، ولكن هناك أصول يتوجب الالتزام بها واتباعها. حزب الله ليس السلطة التنفيذية الشرعية في لبنان، وهو ليس الحكومة، وهو ليس لديه الصلاحية في أن يورط لبنان في حرب من دون موافقة سلطاته الشرعية، ولاسيما وأنه بالفعل لا يتحمل المسؤولية في النظام الديمقراطي البرلماني. فبدلاً من ان يعمد حزب الله، وقبل القيام بهذا الامر، إلى التشاور مع الحكومة اللبنانية التي هي السلطة السياسية المسؤولة ليعرف رأيها، ولاسيما أنها هي التي تتحمل المسؤولية، فإنّ حزب الله، وبدون ان يسأل أحداً، ولم يستشر أحداً، بادر إلى أن يقحم لبنان في حرب خطيره كهذه.
لا شك، وكما قلت لك آنفاً انه حتماً إذا- لا سمح الله- عمدت إسرائيل إلى القيام بعملية عسكرية واسعه ضد لبنان، فإن حزب الله قادر على الحاق ضرر كبير بإسرائيل. ولكن السؤال الكبير يبقى: ألا يجدر بالسيد حسن نصر الله وبحزب الله ان يتساءلا ماذا سيحصل بالنسبة للبنانيين وبالنسبة للبنان في حال حصول هذا الاعتداء. ألا يجدر طرح هذا السؤال؟ وهل اللبنانيين على استعداد لأن يتحملوا تبعات مثل هذه الحرب الكبرى؟ وهل هذا الأمر بالفعل لا يؤثر على نسيج لبنان وعلى الوحدة بين اللبنانيين؟ هذه كلها أسئلة يجب أن يبادر الحزب إلى الإجابة عليها قبل أن يعمد إلى شن مثل هذه الحرب بشكل اعتباطي. بهذه العملية التي شنّها الحزب، فإني اعتقد ان ذلك فيه ظلم كبير تسبب به الحزب للبنانيين الذين لا يرغبون بذلك.
س: يعني اسمح لي سيد فؤاد ما يعني حديثك لعله يفهم ايضا وكان حزب الله هو الذي ذهب لحرب إسرائيل. العكس هو ما يحدث الان اسرائيل هي التي تخترق للأجواء الإسرائيلية، وهي التي تقتل القيادات حزب الله يعني سامحني الان من يذهب للحرب هو بنيامين نتنياهو هو الاحتلال الاسرائيلي والعكس فاذا رد حزب الله يعني اين المشكل هنا؟
ج: اسمعني قليلاً. حيث ينبغي علينا أن نتروى حتى لا نستعجل في إطلاق الأحكام جزافاً في هذا الامر. ليس خافياً على أي مُطَّلع ان الذي بدا العملية العسكرية في لبنان في يوم الثامن من أكتوبر هو حزب الله. ولهذا، فإنّ حقيقة السؤال الواجب طرحه الآن: الا يجدر بالسيد حسن وبحزب الله ان يتشاور مع الحكومة اللبنانية في هذا الشأن. ألا يجب أن يتروى السيد حسن قبل أن يقحم لبنان في هذه المعمعة الخطيرة بدون استشارة السلطة اللبنانية الشرعية التي تتحمل هذه المسؤولية. هذه هي القضية. ليس هناك من جدال حول ان اسرائيل عدو او غير عدو. إسرائيل هي العدو. ولكن دعني أبيّن لك وبوضوح أن لبنان تحمل على مدى هذه العقود الماضية ما لم يتحمله اي بلد عربي. لبنان تعرّض لستة اجتياحات إسرائيلية على مدى العقود الخمسة الماضية. لقد دمر لبنان، لبنان مازال حتى الآن يعاني من تبعات هذه الحروب منذ العام 1975. وهو يتحمل كل ذلك بسبب القضية الفلسطينية ودفاعاً عنها، ولا نقول ذلك تمنينا ولا نقول ذلك باننا نتفضل على الإخوة الفلسطينيين. هذا واجبنا في ما نقوم به باتجاه القضية الفلسطينية. هذا واجبنا القومي وواجب الأُخوّة العربية، ولكن ان يصار الى تحميل لبنان ما لا يستطيع تحمله اعتقد ان هذا الامر لا يوافق عليه ولا يريده اللبنانيون، وليس في الصالح العربي القيام به.
س: سيد فؤاد، يعني وهذا اخر يعني اخر طرح يعني اسمح لي عندما تقول ان حزب الله هو الذي بدا يوم الثامن من اكتوبر وكأنك أيضاً تتبنى الرواية الإسرائيلية تقول ان حماس هي التي بدأت في 7 اكتوبر رغم ان الاحتلال منذ أكثر من 70 عاما يعني اسمح لي ضرب لبنان يعني دعني أكمل يعني اختراق اجواء لبنان ضرب لبنان ما زال اسرائيل وما زالت اسرائيل تحتل اجزاء من لبنان هذا سابق للثامن من اكتوبر سيد فؤاد؟
ج: عفواً، اسمح لي قليلاً ولا تخلط الأمور. أظن أنك غلطان الذي جرى في عملية طوفان الأقصى من قبل الفلسطينيين هو أمر مختلف قطعاً. انا اعتقد انه كان لي موقف واضح منذ البداية فيما أدليت به في الثامن من أكتوبر الماضي، حيث بادرت إلى الإشادة بهذه العملية العسكرية التي قام بها الفلسطينيون، وان هذا حقهم في شن هذه العملية العسكرية لاستعادة وطنهم الذي حرمتهم منه إسرائيل والمجتمع الدولي. أما بالنسبة للبنان، لبنان فقد خاض لبنان في العام 2006 حرباً وصدر قرار من مجلس الامن في هذا الشأن. لذلك، فإنّ اللبنانيين يفترض بهم أن يستشاروا بشأن خوض هذه المعارك، حيث لا يستطيع الحزب، وهو في خارج السلطة الشرعية أن يقحم السلطة اللبنانية واللبنانيين بأمر لم يُستشاروا به. هذا هو جوهر القضية وبالتالي حتى لا نحمل الامور أكثر مما تحتمل.