تفجير أجهزة الاتصال لدى حزب الله أمر خطير جداً وله تداعياته الدولية الكثيرة

اجرت قناة العربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورات الراهنة من مختلف جوانبها وفي ما يلي نص هذا الحوار:
س: من بيروت ينضم إلينا رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة. أهلاً بك دولة الرئيس إلى الخامسة. بدايةً، نود أن نسمع تعليقكم على ما حدث أمس؟
ج: بدايةً، تحياتي لك ولجميع المشاهدين. إنّ ما حصل البارحة في ما يتعلّق بتفخيخ وتفجير أجهزة الاتصال لدى حزب الله أمر خطير جداً، ليس فقط على صعيد الضحايا الابرياء الذين سقطوا والجرحى الكثيرين، ومنهم عدد كبير في حالة خطرة، ولكن أيضاً لأن هذا الأمر له بداية تداعياته الدولية الكثيرة والخطيرة على كل ما له علاقة بصناعة الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الاتصالات والتجارة العالمية، وما له علاقة أيضاً بالاعتداءات السيبرانية وتأثيراته السلبية الكبيرة على هذه الصناعات والمنتجات والأسواق، وعلى كل الأوضاع الاقتصادية الدولية، والمسائل التي لها علاقة بهذا الشأن.
نعود للحديث على الصعيد اللبناني، فإنّ هذا الاعتداء خطير جداً، إذْ إنّه اعتداء على لبنان وعلى كل لبنان، وهو جريمة كبرى، وهو الذي تسبّب بهذا العدد الكبير من الضحايا والمصابين. وهذا ما يستدعي ويتطلب المبادرة من جميع المعنيين في العالم إلى إدانة هذا العمل الخطير الذي ارتكبته إسرائيل، ومن دون أن تعير أي انتباه أو اعتبار إلى أي أمر أخلاقي او إنساني. والخطير أيضاً كذلك لما يقولون بانّ إسرائيل استشارت ربما قبل ساعة أو أقل من ساعة، المسؤولين في الولايات المتحدة بشأن قيامها بارتكاب هذه الجريمة التي حصلت في يومين متتاليين، وهذا ما يحمّل الولايات المتحدة جزءاً من المسؤولية عن ارتكاب هذه الجريمة الفظيعة.
س: الاميركيون ينفون هذا الامر؟
ج: الإسرائيليون يقولون ذلك. ولكن هل هو من أجل تغطيس الولايات المتحدة في هذه الجريمة. لذلك وبالتالي، فإنّه ينبغي على الولايات المتحدة ان تقوم هي بتحقيقاتها اللازمة في هذا الشأن لدفع التهمة عنها.
ما يهم الآن أن هذه الجريمة التي حصلت تعتبر أمراً شديد الخطورة مما قد يحمل معه إشكالات وتداعيات كثيرة وخطيرة، حيث يمكن أن يصار الى توسيع نطاق المعارك الدائرة، وبالتالي مع ما يستتبعه ذلك من مخاطر كبرى تتعدى لبنان.
س: طيب اسمح لي دولة الرئيس فقط أريد أن أشير ونحن نتحدث الى هذا الخبر العاجل نقلا عن وكالة رويترز الان، وعلى ما يبدو هناك دوي انفجار واحد على الاقل في الضاحية الجنوبية لبيروت. بهذا الإطار دولة الرئيس هل تعتقد بان ما حدث بالأمس هو مقدمة لحرب واسعة في لبنان ولغزو بري إسرائيلي؟
ج: بدايةً، يجب أن نتوقع كل أمر من هذه الطغمة الحاكمة في اسرائيل الان والتي يقودها مجموعة من المتطرفين، وفي مقدمهم نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، الذين يريدون من هجومهم على لبنان أن يعوضوا عن ما لم يستطيعوا تحقيقه في غزة، وذلك بالرغم من كل ما يعنيه ذلك من مآسي وجرائم الإبادة. ذلك أن عدد الضحايا في غزة قد فاق 42000 ضحية وأكثر من مائة ألف جريح ومعاق. إضافة إلى ذلك التدمير المنهجي لغزة، مضافاً إليه ما يجري في الضفة الغربية. هناك من يدفع بالأمور الى مزيد من التردي لتنفيذ أجندته الإجرامية بحق الفلسطينيين واللبنانيين، وبالتالي إلى مزيد من الاحتمال بان يكون هناك عمل عسكري ضد لبنان يقود الى مشكلات أكبر بكثير مما هو حاصل حتى الآن. ولذلك اعتقد ان هناك جهوداً لبنانية وعربية ودولية يجب بذلها، وعلى أكثر من صعيد وجهة، ولاسيما على صعيد الجهة الدولية، حيث يجب تزخيم جميع الجهود من اجل لجم إسرائيل.
س: ولكن الا تعتقد بأن إسرائيل تريد أن تعوض عن خساراتها كما تتفضل في غزة، ولكن الا تعتقد بأنه أيضاً حزب الله يعطيها الذريعة في لبنان؟
ج: هذا صحيح. وتأكيداً على ذلك، فإنّه لا بدّ لي هنا من أن أتطرق إلى أنني، وبدايةً، ومنذ اليوم الثاني لاندلاع حرب غزة نتيجة عملية طوفان الأقصى، فقد بادرتُ إلى إصدار بيان شديد الوضوح، حيث أشدت بهذه العملية التي قامت بها حماس لأجل استعادة حضور القضية الفلسطينية على طاولة البحث على الصعيدين العربي والدولي والقول بان هذه القضية الفلسطينية غير قابلة للتصفية، وانه يجب أن تتوجه الجهود العربية والدولية من أجل إيجاد الحلول العادلة والدائمة لهذه القضية العادلة.
إلاّ أنني أيضاً قلت انه لا يجوز لحزب الله ان يورط لبنان في هذه العملية العسكرية لأسباب ذكرتها آنذاك، ولاسيما بسبب الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تعصف بلبنان، وكذلك لعدم وجود شبكة امان عربية ودولية للبنان، وبسبب الرفض العارم لدى اللبنانيين ضد هذا التدخل من حزب الله وغيرها.
على أي حال، نحن اليوم وصلنا الى هنا وانا اعتقد ان هناك امران يجب على الحكومة اللبنانية ان تجاهر بموقفها في هذا الموضوع وبكل وضوح وصراحة وشجاعة، والتشديد على ضرورة التنبه للمخاطر المحدقة بلبنان. وأيضاً، فإنّه ينبغي على حزب الله ان يفهم ان هناك مخاطر كبرى لا يستطيع ان يستمر في التغاضي عنها والتغطية عليها بكونه يورط لبنان في مخاطر كبرى، وبالتالي سوف تكون العاقبة عليه، ولكن أيضاً وبشكلٍ أكبر على لبنان واللبنانيين. وبالتالي يجب على لبنان ان يؤكد من جديد وبوضوح على أنه يلتزم بالقرار 1701 بحذافيره من أجل تحقيق وقف كامل وعاجل لإطلاق النار.
س: ولكن اي لبنان دولة الرئيس يعني الحكومة هي بيد حزب الله وبالتالي هل فعلا يمكن ان نعول على دور للحكومة في هذا الإطار؟
ج: دعيني أقول بأن هناك مثل لبناني ظريف، ولكن دقيق، ويعطي الصورة كما ينبغي أن تكون عليه الحال في لبنان، والذي يقول: "الديك عليه يصيح وطلوع الضو على الله". يعني أن على اللبنانيين وعلى الحكومة اللبنانية أن تقوم بما عليهم وعليها من واجبات ومسؤوليات ينبغي القيام بها لإنقاذ لبنان. أنا دعني أقول بصراحة، يجب على الحكومة ان تقول رأيها بوضوح وكل يوم بأننا نريد العودة إلى حسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف ونريد تطبيق القرار 1701.
س: دولة الرئيس، أعود الى ما كانت قد أشارت إليه بعض التقارير الأميركية قالت بأنّ إسرائيل اختارت أن تقوم بهذه العملية بالأمس خوفا من ان يكشف حزب الله هذه العملية التي تمّ فيها تفخيخ وسائل الاتصال. ولذلك، فإنّ إسرائيل سارعت الى القيام بها. في السابق كان يحكى عن امكانية تأجيل الغزو البري والعملية الواسعة الى ما بعد الانتخابات الأمريكية وغيرها من الاعتبارات التي يمكن لإسرائيل ان تأخذها بعين الاعتبار. هل أصبح الوضع مفتوحا الان خصوصا مع هذه الصور والانفجارات الجديدة التي نشهدها اليوم في بيروت؟
ج: نعم، هذا هو العذر الذي يقدمه الإسرائيليون، وهو ما يسمى عذر أقبح من ذنب. وهو ما يفتح الوضع اللبناني على مخاطر كبيرة وشديدة الهول. على اي حال، أنا اعتقد ان هناك موقفا يجب ان تتخذه الحكومة اللبنانية، وحتى إن كانت ليست هي صاحبة السلطة الحقيقية في لبنان، وان حزب الله هو الذي يخطف الدولة اللبنانية، وهو الذي يستولي على هذه السلطة. ولكن هذا لا يعفيها من مسؤوليتها. ولذلك، فإنّ عليها المجاهرة بموقفها، والتأكيد على أن لبنان يلتزم بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته. وبهذا تحرج إسرائيل، ولاسيما لأنّ هذا القرار أيضاً ملزم لإسرائيل من جهة أخرى. الدولة عليها أن تقوم بواجباتها في احترام مضمون هذا القرار الدولي، وكذلك التأكيد على التزامها في احترام باقي القرارات الدولية الاخرى التي تنص على أمور عديدة لاتزال وحتى الان اسرائيل تتهرب من تطبيقها.
لذلك، فإنّ هذه الأمور باتت الآن مهمة جداً، ونحن في وسط وخضم المعارك الطاحنة التي يمكن ان تحتدم أكثر مما هي محتدمة الان وربما تجر المنطقة الى كثير من الويلات. ولذلك هذا الامر ينبغي ان يصار الى التذكير به وبوضوح كامل وجرأة في التعبير، وهذا ما يستحقه لبنان واللبنانيون. لبنان لا يستطيع ان يتحمل استمرار هذه الأوضاع الصعبة التي تتسبب بشرور كبيرة وكثيرة له وللبنانيين.
س: ولكن الم يفت الاوان لذلك دولة الرئيس يعني هوكستين ذهب الى اسرائيل وعلى ما يبدو لن يزور لبنان كما كان مقررا لان اجتماعاته هناك لم تكن ايجابية أبداً حتى أنّ المبعوث الفرنسي الذي سيزور الاسبوع المقبل جان ايف لودريان يقال بانه لا يحمل معه أي شيء جديد، وبالتالي الا تعتقد بانه يعني إمكانية أن لا تؤدي المساعي الدبلوماسية الى اي شيء ايجابي او على الأقل لردع هذه الحرب، وهي لم تعد مثمرة ولم يعد بالإمكان اصلا التعويل عليها؟
ج: يمكن أن تكوني على حق بأنه قد فات الأوان. ولكن، وعلى الرغم من كل هذه الأجواء الملبدة، فإنَّ هناك عملاً كبيراً وهاماً يجب ان تقوم به الحكومة اللبنانية وهي عندما تقوم بذلك، فإنها تقوم به بكونها المسؤولة، وهي بذلك تعبّر عن رأي الأكثرية الكاثرة من اللبنانيين اللبنانيون الذين عبروا بطرق مختلفة بأنهم كانوا ضد هذا الزج بلبنان في أتون هذه المعركة في الثامن من أكتوبر. وها هم يعبرون بشكل او باخر عن نفس هذا الموقف. الآن من الضروري ان يكون التعبير عن هذا الموقف اللبناني واضحاً لدى الرأي العام العربي والراي العام الدولي من اجل ان يصار الى لجم هذا الجنون الإسرائيلي. اعتقد ان هناك عملا ضرورياً يجب أن يقوم به مجلس الامن الدولي، وتقوم به الجمعية العمومية للأمم المتحدة، التي ستجتمع اليوم للنظر في امور تتعلق بالمنطقة العربية ولما يجري في لبنان. كذلك أيضاً، فأنا اعتقد أنه يجب على الحكومة اللبنانية أن لا تترك الامور على غاربها وبدون اي عمل مبادر للحؤول دون أن يجري التضحية بلبنان الذي لا يستطيع ان يستمر هكذا عرضه لهذه هذه الممارسات المتهورة وغير المحسوبة.
س: شكراً جزيلاً لك رئيس الوزراء اللبناني الاسبق فؤاد السنيورة كنت معنا مباشرة من بيروت.