فندق "غراند اوتيل" – استوكهولم 31 آب 2006

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الرئيسي: 
مؤتمر استوكهولم لدعم لبنان وإعادة إنعاش اقتصاده

 

مؤتمر دعم لبنان وإعادة إنعاش اقتصاده

فندق "غراند اوتيل" – استوكهولم  31 آب 2006

افتُتح "مؤتمر دعم لبنان وإعادة إنعاش اقتصاده" في فندق "غراند اوتيل" في العاصمة السويدية ستوكهولم، بدعوة وتنظيم من دولة السويد، وفي حضور نحو 60 ممثل لدولة، وحشد من الإعلاميين وسط إجراءات أمنية مشددة.

وقد استهل الرئيس فؤاد السنيورة المؤتمر بالكلمة الآتية:

أسمحوا لي أن أتوجه أولا بالشكر إلى الحكومة السويدية، وبشكل خاص، لدولة رئيس الوزراء الأستاذ غوران برسون، ومعالي وزير الخارجية الاستاذ يان الياسون، ومعالي وزيرة التعاون الانمائي الدولي السيدة كارين يامتين لاستضافتهم هذا المؤتمر في ستوكهولم اليوم، وبعد فترة زمنية وجيزة غداة الاحداث المأساوية التي استمرت ثلاثة وثلاثين يوما من دون هوادة وأوقعت خسائر في الارواح واضرار هائلة ببيوتنا وبنيتنا التحتية وبيئتنا ونظامنا الاقتصادي الاجتماعي.

نحن هنا اليوم لنشهد على شجاعة الشعب اللبناني وتصميمه على النهوض مجددا، ولنستمد القوة من تضامنكم ولاطلاع شعبنا والمجتمع الدولي على أهمية الجهود المتفق عليها والمسؤولية الجماعية في معالجة جراح لبنان العميقة. لا حاجة لي أن أذكركم أننا، قبل اندلاع هذه الحرب غير المبررة على البلد وفي الوقت الذي كنا نستعد فيه لتقديم سلة إصلاحاتنا الاقتصادية والاجتماعية خلال مؤتمر بيروت لدعم لبنان، كان اقتصادنا يظهر بوادر نهوض صحية، وكنا نتطلع لعام يسجل أعلى نسبة من السواح والازدهار الاعماري. كنا نعمل على بلورة رؤية اقتصادية شاملة لإعادة إنعاش الاقتصاد وإيجاد حل لمشكلة الدين المتراكم، علما أن الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية التي ألحقت أضرارا فادحة في البلاد وأدت إلى استشهاد عشرات الآلاف خلال الأربعة عقود الماضية قد تسببت بالقسم الأكبر منه. كما كنا قد شرعنا بأخذ تدابير إصلاحية اقتصادية ومؤسساتية لتصحيح العجز المالي ومساعدة الاقتصاد اللبناني على بلوغ أقصى مستويات النمو وتعزيز الإنماء الاجتماعي والاقتصادي المستدام، وخلق فرص عمل.

اليوم، يبلغ الضرر المباشر الذي ألحقه العدوان الأخير بالبنية التحتية وممتلكاتنا الخاصة والعامة مليارات الدولارات، بينها خسارة الناتج المحلي العام وخسارة الوظائف، اضافة الى الاكلاف المباشرة وغبر المباشرة التي سيحملها الاقتصاد على المدى الطويل بما في ذلك الارباح التي لم يتم تحقيقها في قطاعات السياحة والزراعة والصناعة والتي تقدر بالمليارات. فقد قضت آلة الحرب الاسرائيلية المفرطة خلال ايام فقط على الانجازات التي حققها لبنان خلال خمسة عشر سنة من الانماء بعد الحرب. ففي الوقت الذي بلغ فيه النمو نسبة تقارب 6 في المئة هذا العام، نعاني اليوم من ركود كبير ومن تداعياته، وفي الوقت الذي كنا نتطلع فيه لمستقبل واعد، علينا اليوم لملمة اشلاء بلدنا الممزق.

في 12 تموز، نفذت اسرائيل تهديدها اعادة لبنان عشرون عاما الى الوراء عندما بدأت غزوها السابع للبنان الذي ادى الى وقوع اكثر من 1100 قتيل، ثلثهم من الاطفال، واصابة ما يفوق 4000 شخص، ونزوح مليون شخص أي ما يعادل ربع المواطنين الذين فقد العديد منهم منزله، وتدمير المنازل والمستشفيات والمدارس والمصانع والطرقات ومعظم الجسور، وتضرر المطارات ومحطات انتاج الطاقة وخزانات المحروقات والمخازن، وفرض حصار قاسي على البلد بكامله مولدا نقصا في المأكولات والمحروقات والمواد الطبية، ومعيقا اعمال الاغاثة الانسانية الاساسية، ومسببا كارثة بيئية شرق البحر المتوسط، ومثقلة كاهل الاجيال الجديدة بمزيد من الالم والمعاناة والدين.

لقد خالفت إسرائيل مرارا وبتعنت القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي بما في ذلك معاهدات جنيف، وفي اختصار، لقد تم تمزيق لبنان الذي كان منذ سبعة أسابيع فقط بلد الأمل والمستقبل الواعد، الى أشلاء من جراء التدمير والنزوح والخراب والموت. ولقد اقترحت، خلال المؤتمر الدولي حول لبنان الذي عقد في روما في 26 تموز، خطة شاملة من سبع نقاط كان مجلس الوزراء الذي كان يضم في صفوفه أعضاء في "حزب الله" قد تبناها بالإجماع وحصلت على إجماع داخلي واسع، إضافة إلى دعم المجتمع الدولي. وقد دعت الخطة إلى إطلاق الأسرى اللبنانيين والإسرائيليين، وانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق، والتزام الأمم المتحدة وضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تحت وصايتها إلى حين إثبات السيادة اللبنانية عليها، وبسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية من خلال انتشار قواها المسلحة الشرعية على الا يكون هناك سلاح او سلطة خارج سلطة الدولة اللبنانية، وتعزيز قوات اليونيفل في جنوب لبنان عبر منحها صلاحيات اكبر وتوسيع نطاق عملها مما يسمح لها بالعمل الانساني وضمان الامن، وسعي الامم المتحدة الى تطبيق اتفاقية الهدنة للعام 1949 بين لبنان واسرائيل (فكون جنوب لبنان اصبح اقل امنا واكثر عرضة للمخاطر بعد العدوان الأخير، فان إعادة العمل باتفاق الهدنة المطور هو الضمان الوحيد الذي يلزم اسرائيل)، والتزام المجتمع الدولي دعم حاجات لبنان الإغاثية والإعمارية والانمائية ومساعدتنا على تخطي الركود الذي تسبب به الاعتداء الأخير".

اما رد إسرائيل فجاء عبر تكثيف اعتداءاتها على المدنيين الأبرياء. أخيراً في 11 آب، وبعد شهر من العدوان المستمر، اتخذ مجلس الامن القرار 1701 الذي دعا الى وقف الأعمال العدائية فورا على ان يتبعه العديد من الخطوات، بما في ذلك انتشار 15000 عنصر من اليونيفل الى جانب القوات اللبنانية المسلحة جنوب نهر الليطاني. وكان مجلس الوزراء رحب بالإجماع بالقرار وانتقل مباشرة الى البدء بنشر قواته في الجنوب لاول مرة بعد ما يقارب الأربعين عاما يليه انتشار 8600 عنصر على طول الحدود مع سوريا. إلا أن رد إسرائيل الأول قضى بتأجيل وقف الأعمال العدائية مدة ثلاثة أيام واصلت خلالها تعذيب لبنان فصبت عليه نار قنابلها القاتلة وتسببت بالمزيد من الموت والدمار. ثم وحتى بعد دخول اتفاق وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ، وفي الوقت الذي بدا فيه المجتمع الدولي عاجزا، لم تلتزم إسرائيل بالقرار 1701 ولم تستكمل انسحابها من كافة الأراضي اللبنانية في الوقت الذي استمرت فيه في استفزازاتها عبر خرق الأجواء اللبنانية يوميا وقيامها بعمليات في عمق الأراضي اللبنانية. كما استمرت في فرض حصارها غير الشرعي ارضا وجوا وبحرا على لبنان حتى الآن في تجاهل واضح لرغبة المجتمع الدولي. وخلفت إسرائيل وراءها آلاف القنابل غير المنفجرة من جراء قصفها المدن والقرى والتلال بقنابل عنقودية في كل أنحاء البلد خارقة بشكل فاضح القانون الإنساني الدولي كونها بطبيعتها لا تميز بين هدف مدني وهدف عسكري وتستمر في القتل والتشويه بعد انتهاء وقف الأعمال العدائية.

اسمحوا لي أن أعلمكم انه، في حال لم ترفع اسرائيل حصارها المهين مباشرة عن لبنان، تماما كما وصفه الامين العام كوفي عنان، وان لم تنسحب مباشرة من الاراضي التي لا زالت تحتلها في لبنان منتهكة بذلك قرار مجلس الامن رقم 1701، فان كل مسار النهوض هذا بما فيه هذا المؤتمر الذي دعوتم إليه جديا ستقوض دعائمه. لذا ادعوكم إلى الانضمام إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وبذل كل الجهود الآيلة الى رفع اية عقبات تمنع الشعب اللبناني من استعادة حريته وسيادته.

ان هدفنا الأول يكمن في تأمين المساعدة الضرورية لمئات الآلاف من النازحين قبل حلول فصل الشتاء، ومساعدتهم على إعادة بناء حياتهم وعشرات الآلاف من المنازل، والاهتمام باليتامى والمصابين، وإعادة فتح المطار والمرافئ وإعادة بناء البنية التحتية الأساسية التي قامت إسرائيل بتدميرها بشكل منتظم، وتأمين الخدمات الأساسية للمناطق الأكثر فقرا وتضررا. وسيكمن التحدي الأساسي في الخروج من الركود عبر إعادة تحريك عجلة اقتصادنا المدمر، فأن الدمار لم يشمل فقط البنية التحتية التي يمكن إعادة بنائها مع الوقت، بل أدى أيضا إلى إعاقة وتعطيل حياتنا الاقتصادية والاجتماعية. أما بالنسبة للمستقبل، فسنعمل على تحقيق النمو المستدام والاستقرار المالي والنمو الاقتصادي الصحي، بالتزامن مع تعزيز وحدتنا السياسية الوطنية وتعزيز مؤسساتنا الديموقراطية. وبالفعل، ما أن توقف القصف، قامت الحكومة بسرعة بإصلاح البنى التحتية الأساسية ومهدت الطريق لعملية إعادة بناء طويلة الأمد.

ان الشعب اللبناني مصمم على بناء دولة قوية، دولة يمكنها استعادة موقعها كموطن للاعتدال حيث يتغلب التسامح والتنوير على التطرف والجهل والظلم، وحيث يفتح المجال أمام المبادرات والقدرات الفردية، دولة تحمل مشعل الحرية والديمقراطية في لبنان فتسود العدالة وحكم القانون، وأنا على ثقة أن هذا المؤتمر المخصص لتنظيم الدعم للبنان والذي يركز على الإغاثة والنهوض بلبنان، على امل ان يشكل الخطوة الأساسية الأولى على الطريق الطويل لإعادة إعمار لبنان. كما لدي ملء الثقة انه، اضافة لتأسيسه للجهود المستقبلية، سيشكل هذا المؤتمر إثباتا للتعاون والشراكة المرتكزة على قيمنا المشتركة. كما سيساعدنا هذا المؤتمر على تخطي الأشهر الصعبة المستقبلية، ويحضر لمؤتمر أوسع لدعم لبنان. أنا أؤمن أن دعم المجتمع الدولي سيكون أساسيا لإعادة إحياء البلد، وأن دعمكم المستمر سيكون حاسما لنجاح التجربة الديمقراطية اللبنانية في جزء من العالم هو بأمس الحاجة للديمقراطية. على المساهمات المالية أن تركز على إعادة تأهيل البنية التحتية وتمكين الأكثر تضررا في مجتمعنا من إعادة بناء حياتهم ومنازلهم، وإعطاء الدفع للاقتصاد عبر إنهاض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في المناطق الأكثر تضررا.

ان مشاريع الإغاثة وإعادة الإعمار على المدى القصير، التي وضعت بالاتفاق مع وكالات الأمم المتحدة، مدرجة في الملف الموجود أمامكم الذي يتضمن عناصر التقييم السريع للأضرار الناتجة عن الاعتداء على لبنان، علما انه سيتم تعزيز نتائج هذا التقييم ودعمها عبر دراسة معمقة يتم التحضير لها حاليا. كما يتضمن الملف نموذجا عن مشاريع انعاش القطاعات التي سيكون لتنفيذها اثر كبير في إعادة حياة العديد من أفراد الشعب إلى طبيعتها. إلا أنني أود أن أذكركم أن المطلوب مستوى عال من التمويل لأننا نعاني من أحد أهم مستويات الدين في العالم، أحدثتها بشكل أساسي الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة، حيث يستخدم أكثر من نصف عائداتنا لخدمة هذا الدين".

يسعدني أن أعلن من هنا وأمام هذا الجمع المميز إطلاق مبادرتنا، "إعادة بناء أمة الأمل"، والتي يمكن تحقيقها عبر مجموعة من الآليات تؤمن التنفيذ السريع والشفافية التامة والفعالية. هذه الآليات ستشمل أموال المانحين والمساهمات المباشرة ورعاية مشاريع إعادة إعمار محددة كالقرى والمدارس.

للحصول على سلام حقيقي واستقرار في الشرق الأوسط، علينا معالجة أساس أسباب هذه الحرب. كما أنه من الأهمية بمكان معالجة المسائل العالقة في المنطقة التي نشكل جزءا أساسيا منها معالجة نهائية. ألم يحن الوقت لنا ولإسرائيل أن نتساءل ما الذي ربحته إسرائيل من كل حروبها واحتلالاتها وقمعها وعمليات التهجير التي تحدثها والأسلحة المتطورة التي تملكها والحواجز الأمنية التي تقيمها؟ على إسرائيل أن تدرك أن الحرب لم تمنحها لا السلام ولا الأمن، وأنه لا يمكن لشعوب الشرق الأوسط أن تقاد للانصياع، وإرادتهم على المقاومة ستنمو مع كل قرية تدمر وكل مجزرة تقترف، وأنهم يتطلعون فقط للعيش في حرية وكرامة.

 إن القمة العربية التي عقدت في بيروت في العام 2002 والتي دعت لسلام عادل وشامل ودائم وفقا لمبدأ الأرض مقابل السلام هي الطريق للمضي قدما، وأعدكم، أنتم المجتمعون هنا اليوم، أنني سأعمل معكم من دون كلل لإحقاق السلام في منطقتنا، مهد الديانات العظمى الثلاث وموطن نشوء الحضارات. أدعوكم جميعا للانضمام إلي في بذل كل جهد لتمكين لبنان من استعادة رسالته الإقليمية، كمنارة للتعددية والتسامح والحرية.

إن الحلول العسكرية غير مقبولة أخلاقيا وغير واقعية بالكامل، كما أن المسارات السياسية الجزئية والمبادرات الآحادية الجانب باءت كلها بالفشل. آن الأوان لمجلس الأمن الدولي أن يعاود الإمساك بالقيادة والسعي لإحلال سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، ويمكن أن يطبق حل سياسي شامل عندما تعترف إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بدولة قابلة للعيش ومستقلة، وبحق العودة للاجئين وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتنسحب من كافة الأراضي العربية المحتلة في لبنان وغزة والقدس والضفة الغربية ومرتفعات الجولان السوري، وفقا للقرار 242. عندها فقط يمكن لإسرائيل أن تدخل في سلام عادل ودائم مع جيرانها. فالقرارات التاريخية تتطلب قادة تاريخيين يكونون في حجم الظرف ويؤمنون مستقبلا أفضل لأولادنا.

على ضوء الأمثولات التي تعلمناها من تجربة الأسابيع القليلة الماضية، دعونا نوحد الجهود وننتهز الفرصة للمضي قدما نحو سلام حقيقي عادل ودائم في الشرق الأوسط. أود أن أشكركم جميعا لاهتمامكم بلبنان وإعادة إنعاشه وللمشاركة في هذا المؤتمر. كما أود أن أشكر المساهمين المحتملين في القوة الدولية وفي إعادة إعمار لبنان وإنعاش اقتصاده. واسمحوا لي أن أشكر أخيرا الحكومة والشعب في السويد على هذه المبادرة الطيبة والاستضافة الكريمة".

 البيان الختامي لمؤتمر ستوكهولم

وزير الخارجية السويدي يان إلياسون يتلو البيان الختامي للمؤتمر، وهذا نصه :

إن مؤتمر ستوكهولم لإنعاش لبنان الذي استضافته حكومة السويد بالتعاون مع الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة في 31 آب 2006 ضم ممثلين عن أكثر من خمسين دولة ووكالات الأمم المتحدة ومؤسسات مالية دولية والبعثة الأوروبية والاتحاد الأوروبي ومؤسسات دولية غير حكومية.

وقد أتى انعقاد المؤتمر بناء لقرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة رقم 1701 الذي يقضي باتخاذ خطوات فورية لتأمين المساعدة المالية والإنسانية للشعب اللبناني. وقد ركز المؤتمر على حاجات الشعب اللبناني الملحة وعلى دعم الحكومة اللبنانية خلال أول مراحل الإنعاش بهدف تأمين أسس لانتقال طيع نحو إعادة إعمار طويلة الأمد. وقد تم التعهد خلال مؤتمر ستوكهولم بدفع مبلغ يفوق 940 مليون دولار أميركي. وهذا المبلغ يضاف إلى المبالغ المتعهد بها مسبقا بما يجعل مجموع المبلغ المخصص للإنعاش وإعادة الإعمار يفوق ال1,2 مليار دولار.

ويشمل هذا المبلغ تمويل سلسلة واسعة من النشاطات بدءا من الحاجات الإنسانية للسكن وصولا إلى إعادة الإعمار الطويلة الأمد. لذا فإن هذا المؤتمر حقق غايته بهوامش متقدمة. وقد دعا المؤتمر إلى تطبيق كامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 متضمنا البنود المتعلقة بتأمين الحدود اللبنانية ووضع حد لدخول السلاح باستثناء السلاح للحكومة اللبنانية، وفتح المرافئ والمطارات للخدمات المدنية. ومعلوم أن استمرار الحصار الجوي والبحري المفروض على لبنان من قبل إسرائيل يشكل عائقا واضحا لعملية الإنعاش، وقد حث المجتمعون في المؤتمر إلى سماع نداء الأمين العام للأمم المتحدة لرفع الحصار عن لبنان. وقد شدد المؤتر على حاجة كل الأفرقاء في المنطقة للقيام بما في وسعهم لتسهيل ودعم عمل الناشطين في المجال الإنساني في لبنان.

لقد شدد رئيس الوزراء السويدي في كلمته الافتتاحية على ضرورة وقوف المجتمع الدولي إلى جانب الشعب اللبناني في جهوده لإعادة إعمار بلده بعد الحرب. وقد أعرب رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة عن تقديره العميق لمبادرة رئيس وزراء وحكومة السويد للدعوة إلى هذا المؤتمر والاستجابة الطيبة من قبل المجتمع الدولي خاصة الدول والمنظمات المشاركة التي قدمت إلى ستوكهولم لإظهار وتقديم دعمهم للبنان. وقد وافقت الحكومات والمؤسسات المشاركة على أن تكون استجابة المجتمع الدولي ثابتة وفي وقتها المناسب وأن تمنح الموارد بطريقة مرنة بما يتوافق مع مبادئ برنامج المنح المناسب. وستطبق الحكومة اللبنانية الآليات والإجراءات الآيلة لتأمين الاستخدام الفعلي للموارد المالية بشفافية في صنع القرار حول تخصيص وإدارة الأموال. وستخصص مساهمات الجهات المانحة التي جمعت خلال المؤتمر أولا من أجل الجهود الطارئة للإنعاش الفوري بناء على تقييم الحاجات من قبل الحكومة اللبنانية وبالتعاون الكامل مع الأمم اللمتحدة، والذي كشف عنه في المؤتمر.

إن الحكومة اللبنانية قدمت مبادرات إنعاش في عدة اتجاهات هي: 1.النزوح واللجوء 2.الألغام والقنابل غير المنفجرة 3.البنية التحتية 4.المياه والصرف الصحي 5.الصحة 6.التربية 7.البيئة 8.البطالة والمعيشة 9.الإنتاج الزراعي 10.الإنتاج الصناعي 11.المساعدة الطارئة لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين. إن العمل الذي قامت به الحكومة اللبنانية ومؤسسات الأمم المتحدة يشكل رسالة جيدة لتأكيد السيادة الوطنية وكيف يمكن للأمم المتحدة ان تدعم بشكل متناسق على صعيد بلد ما. كما أن البنك الدولي والبعثة الأوروبية قد قدمت دعما قيما لهذه العملية. إن المؤتمر منح فرصة للحكومة اللبنانية لتقديم الخطوات التي تقترحها على المدى الطويل لعملية الإنعاش ولجهود إعادة الإعمار بما في ذلك عقد مؤتمر كبير في وقت ومكان يحددان لاحقا. لقد عبر المشاركون بقوة عن دعمهم لحكومة لبنان وعرضوا لدعم مسار الإنعاش وإعادة الإعمار المستمر بطريقة منسقة ومتجانسة. وسيلعب البنك الدولي دورا أساسيا في دعم هذا العمل. إن الحكومة اللبنانية عبرت عن نيتها في متابعة برنامج الإصلاح بالتعاون مع المجتمع الدولي.

وفي هذا الإطار شدد الشركاء على الدور الأساسي لاستراتيجية وطنية للانماء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. كما عبر المشاركون في المؤتمر عن دعمهم الكامل لوحدة الأراضي اللبنانية وسيادة لبنان واستقلاله السياسي. كما دعموا أيضا جهود الحكومة اللبنانية لتمتين مؤسسات الدولة وبسط سلطتها على كامل الأراضي.

وفي هذا الإطار رحبوا بالانتشار الأخير للجيش اللبناني في الجنوب وعلى طول الحدود اللبنانية بالتزامن مع مواصلة تعزيز قوات اليونيفيل والدعوة إلى نشرها بسرعة. إن المشاركين يتطلعون لانسحاب كافة القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان بالتزامن والتوافق مع قرار مجلس الأمن الدولي 1701. وقد أقر المشاركون ايضا الحاجة للتمويل المناسب خلال عملية الإنعاش وإعادة الإعمار. كما أقروا احقية الحكومة اللبنانية القوية لعملية إعادة الإنعاش وشجعوها على الاستمرار في قيادة عملية إعادة الإعمار الطويلة الأمد، وهناك التزامات من المشاركين للاستمرار بالشراكة وتقديم المزيد من المساهمات المالية لدعم جهود إعادة الإعمار والإنماء الطويلة الأمد، إضافة إلى المشاركة في الاجتماعات والمؤتمرات المقبلة للمانحين لدعم لبنان. الرئيس السنيورة بعد ذلك، ألقى الرئيس السنيورة كلمة جاء فيها: "لقد كان يوما طويلا وأود في ختامه أن أنتهز الفرصة للاعراب عن تقديرنا نحن، والشعب اللبناني. وشكرا على اجتماعكم هنا للإعراب عن تضامنكم، ان الشعب اللبناني ليس وحيدا ولا في عزلة، بل إن لبنان قريب من المبادئ التي بني على أساسها.

هذه القيم وسوف يدافع عنها اللبنانيون بما ملكت أيديهم، سيدافعون عن الحرية والسيادة وفي الوقت نفسه سيحترمون القانون والعدالة والحياة البشرية والكرامة. لقد بذل عمل كبير خلال الأسابيع الماضية لصون كرامة اللبنانيين ولوضع حد للعدوان الوحشي الذي طال لبنان.

أود أن أشكركم على مجيئكم بدعوة كريمة من السويد حكومة وشعبا ومن هذه المنصة أود أن نعرب عن شكرنا للحكومة السويدية وللشعب السويدي ولرئيس الوزراء ولصاحب المعالي وزير الخارجية وصاحبة المعالي وزيرة التعاون للتنمية الدولية على العمل المبذول بهدف جمع هذا الحفل الكريم الذين جاؤوا ليقولوا نحن مع الشعب اللبناني وسنظل معكم.

واجتماع اليوم كان ناجحا على صعيد الإعلان عن الدعم والتضامن وعلى صعيد الكلمات التي تم الإدلاء بها والتعهدات التي تدل على أن الشعب اللبناني لا يقف وحيدا.

 هذه الالتزامات بتقديم العون سوف نسخرها للاستخدامات التي تودونها أنتم وسننسق مع كل مؤسسة وجهة مانحة كي تتأكدون تماما أن أصحاب الحاجة إليها سيتلقونها. وبهذا سنضمن للبنانيين وللمجتمع الدولي أن هذا المال سوف يذهب لشد أزر من هم بأمس الحاجة إلى المعونة. طبعا نحتاج إلى كثير من التنسيق، وأنا أتفق تماما مع ما قاله دولة رئيس وزراء السويد وآمل أن نستمر بالتنسيق معا بحيث يستمر هذا المؤتمر في بذل التنسيق مع الجهات المانحة المختلفة كي تصرف الأموال بما يجب. ورئيس مؤتمرنا سيتابع العمل الذي بدأ اليوم والذي سيستمر.

سأعيد قراءة كافة هذه التعهدات وسنرى كيف يمكننا أن نطمئن شعبنا الذي مر بفترة عصيبة حيث نستطيع أن نخفف عن كاهله وأن نقلل من معاناته ومن آلامه وأن نطمئنه للمستقبل، هذا مهم جدا ومهم أيضا أن نساعد في تنمية الشعور لديهم أن دولتهم ستقف إلى جانبهم وستبذل قصارى جهودها لخدمتهم وأن دولتهم ليست وحيدة بل أن أوطانا صديقة ستقف إلى جانبها. نود أن نجمع شمل اللبنانيين كي يستطيعوا أن يعملوا مع حكومتهم ودولتهم بثقة، وأنا على يقين من أننا سنفلح في هذا المسعى.

أود أن أشكر حكوماتكم على دعمها السخي وتعرف هذه البلدان أن هذا المؤتمر ليس إلا خطوة أولى تتبعها خطوة أخرى على شكل مؤتمر آخر للنظر في احتياجات إعادة الإعمار ووضع الاقتصاد اللبناني على السكة مجددا وذلك لتصحيح الخلل المالي كي يستطيع لبنان أن يكرس اهتمامه للنهوض بطموحات شعبه.

مؤتمر صحافي مشترك بين الرئيس السنيورة وإلياسون

  • وزير خارجية السويد يان إلياسون: نحن ممتنون جدا للتعاون الذي شهدناها اليوم مع حكومة لبنان، لقد عملنا بكد ليل نهار لإظهار إشارات تضامن مع شعب وحكومة لبنان التي ستبسط سلطتها على كامل الأراضي وتبعث برسالة أمل إلى شعبها. إن استجابة المجتمع الدولي كانت صلبة وكريمة. وقد تم تخصيص مبلغ يفوق 940 مليون دولار من الوعود. جرى كلام عن أرقام أكبر ولكن تم تقليصها بسبب طبيعة القروض في بعض الحالات على مدى طويل من أجل إعادة الإعمار. ونحن سعداء للغاية بتقديم ليس فقط رسالة معنوية وسياسية لرئيس وزراء لبنان وحكومته وشعبه ولكن أيضا كانت دعما ملموسا، وكانت إشارة من قبل العديد من الدول في العالم التي تشعر أن الكثير من الأمور يتوقف على نجاح الرئيس السنيورة. نحن سنكون معا بقوة لوقت طويل بسبب الصداقة الطويلة التي تربطنا بلبنان وببعض الشخصيات فيه. وأنا سعيد أني عملت مع الرئيس السنيورة وفريق عمله الذي قصد ستوكهولم مع سبعة من أعضاء حكومته.
  • الرئيس فؤاد السنيورة : لقد اكتشفنا اليوم أن الصديق وقت الضيق، وأن لبنان ليس وحده بل هناك العديد من الدول الصديقة التي ستقف مع لبنان بهدف نجاح لبنان في هذا التحدي ونهوضه مجددا وتلبية تطلعات شعبه. نحن نشكر جميع من ساهم في إنجاح هذا المؤتمر وسنعمل بجد مع كل منهم ومع الرئيس الوزراء والحكومة السويدية اللذين دعيا إلى هذا المؤتمر. ولقد عملا بجهد وكانا خلف نجاح هذا المؤتمر.

أود أن أشكر كل من المشاركين بشغف لكي يقولوا أنهم يريدون فعلا مساعدة لبنان. أعتقد أن الطريق أمامنا طويل وهذا المؤتمر ليس سوى نقطة انطلاق نحو المؤتمر الآخر الذي سيساعد لبنان على تلبية شروط إعادة الإعمار ووضع اقتصاده على عجلة النمو مجددا وأن نلبي تطلعات اللبنانيين لأن يكونوا بلد النمو وأيضا بلد الحرية الديمقراطية والتسامح والاعتدال، وأن نعمل جميعا على تحرير كافة أجزاء لبنان ورفع الحصار وانسحاب إسرائيل من كل بقعة من أراضي لبنان التي لا تزال محتلة، وفي الوقت نفسه العمل على إحلال سلام عادل وشامل في المنطقة. وبسبب المشاركين في هذا المؤتمر سنعمل بجهد وسنكون على قدر التحدي وتطلعات شعبنا والحكومات المانحة.

سئل الرئيس السنيورة: هل كنت تتوقع هذا الرقم من المساعدات وهل هو مبلغ كافة لعملية إنعاش لبنان؟

أجاب:أنا أنظر دائما من وجهة إيجابية، وأعتبر أنه إنجاز مهم جدا حققناه اليوم، وهذا سيمهد الطريق أمام جهود إضافية وأنا أقول أن ما حققناه اليوم عظيم وسنبني عليه وأنا واثق أن الذين وقفوا اليوم إلى جانب لبنان سيستمرون في دعمه بسبب ما يمثله لبنان، وأعتقد أننا سنحقق نجاحات أكبر في المرحلة القادمة.

سئل مدير وزارة الخارجية نيكلاس كابن: ما هو تفصيل المساعدات؟

 أجاب:إن أكبر المبالغ قدمت من قبل الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول الخليج، المملكة العربية السعودية والكويت، والبعثة الأوروبية والعديد من الدول الأوروبية. فالولايات المتحدة قدمت 175 مليون دولار والبعثة الأوروبية 54 مليون دولار وعدد من الدول الأوروبية التي تعهد كل منها في مؤتمر روما بتقديم ما بين 20 و30 مليون دولار، والمملكة العربية السعودية والكويت قد قدمتا سلة من المساهمات.

مداخلة الرئيس السنيورة: سبق لنا أن تلقينا المساهمات السعودية والكويتية وهذه المساعدات لا تدخل ضمن ما تقرر اليوم.