الرئيس السنيورة لسكاي نيوز عربية : كلام وزيرالخارجية خطيئة والثقة انهارت بسبب الادارة السيئة
اجرت محطة سكاي نيوز عربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة هذا هو نصه:
س: معنا الآن من بيروت رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الأستاذ فؤاد السنيورة، دولة الرئيس مساء الخير ومرحبا بك مرة جديدة في غرفة الاخبار. ازمة دبلوماسية كبيرة على ما يبدو اثارتها تصريحات رئيس الدبلوماسية اللبنانية وزير الخارجية. برأيك هل ما صدر أولا عن تفسيرات وعن اعتذارات ومحاولة تفسير هذه التصريحات بانها كانت خارج سياقها هل هذه التفسيرات تلبي المطلوب برأيك؟
ج:. الذي حصل البارحة ليس خطأً، بل هو خطيئة كبرى ارتكبها من يُفترضُ به ان يكون الحريص على العلاقات السوية ما بين لبنان والاشقاء العرب، ولاسيما مع دول الخليج العربي وتحديدا المملكة العربية السعودية. هذا الامر لم يكن زلة لسان. ولكنه يعبر عن مقدار الخفّة المتمادية لدى قائله ويعبر عن عدم إلمامه بالفقه الدبلوماسي، كما يعبر عن ذهنية عنصرية وعن مقاربة يشترك فيها مع التيار الذي ينتمي إليه أساساً فإنّ ما تلفّظ به يعبر عن حالة الاستعلاء والتكبر الأجوف الذي لديه. هذه الخطيئة لا يمكن معالجتها بالاعتذارات الشكلية من قبله أو من قبل رئيس الجمهورية، والتي يمكن القول عنها أنها عذر أقبح من ذنب. الأمر الآن، وبعد أن وقعت هذه الجريمة في حق لبنان وضد مصالح اللبنانيين في علاقاتهم مع الدول العربية، وفي ضوء الاستدعاءات للسفراء اللبنانيين وبداية في المملكة العربية السعودية وفي دولة الامارات من قبل وزارة الخارجية في هذين البلدين، فإنّ هذا يعتبر أمراً خطيراً لم يسبق له مثيل بالنسبة لعلاقة لبنان مع العالم العربي وبالتحديد مع دول الخليج العربي.
كيف يجب أن يكون التصرف الآن، أنا اعتقد انه يجب العودة إلى الاحتكام إلى الدستور، واعتقد أن على كل من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال وبكونهما لا يستطيعان أن يقيلا أي وزير إلا من خلال قرار يتخذ في مجلس الوزراء وبأكثرية الثلثين. وبما أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف اعمال وهي حكومة مستقيلة فبالتالي ما يمكن عمله أن يوجِّها اللوم القاسي إلى هذا الوزير ومن قبل رئيس الجمهورية ومن رئيس الحكومة ويطلبا منه ان يستعفي نهائياً وأن يتوقف عن تصريف الاعمال في الحكومة وبشكل نهائي.
س: دولة الرئيس تتحدث عن لوم قاسي يجب ان يوجهه رئيس الجمهورية ولكن الرئيس عون كان له موقف حول هذا الموضوع فيقول تحديدا ان تصريحات وزير الخارجية تعبر عن رأيه الشخصي ولا تعكس موقف الدولة اللبنانية فالرئاسة اللبنانية تشدد على عمق العلاقات بين لبنان ودول الخليج وفي مقدمتها السعودية. فالرئيس عون اعتبر ان هذا رأي شخصي؟
ج: هذا "ذر الرماد في العيون"، وهو عذر أقبح من ذنب. الآن وبعد أن تعدينا هذه النقطة ولا يمكن معالجتها الا من خلال موقف رسمي لبناني من قبل رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال الآن عليهما أن يوجها لوماً شديدا لهذا الوزير، وبالتالي أن يطلبان منه أن يعفي نفسه كلياً ونهائياً من تصريف الاعمال في الحكومة، وبالتالي أن يصار بعدها الى محاسبته لأنه تسبب بانتهاك خطير لعلاقات لبنان مع الدول العربية.
لا تعالج الأمور بالقول انّ هذا هو رأيه الشخصي. هذا وزير الخارجية، وهو رئيس الدبلوماسية اللبنانية. الواقع أنه ارتكب حماقة وخطيئة ومعالجتها في ظلّ الواقع الحالي وحسب الدستور، انه لا تمكن اقالته إلاّ إذا اجتمع مجلس الوزراء وبأكثرية الثلثين. وبالتالي الآن يجب ان يكون هناك موقف واضح وصريح من قبل رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال بتوجيه اللوم له وإخضاع الوزير للمحاسبة. وهناك وسائل دستورية وقانونية تتم فيها محاسبته كوزير على هذه الخطيئة التي ارتكبت. ولكنه الآن يجب على الوزير أن يبادر فوراً إلى طلب إعفائه وبشكل نهائي من متابعة عمله كوزير للخارجية في حكومة تصريف الأعمال.
س: دولة الرئيس، هناك من يستبعد أن تكون هناك خطوة من هذا النوع مسألة اللوم القاسي كما وصفتها حضرتك ربما يكون هناك تفسيرات إضافية او شيء من هذا النوع اما ان يخرج الرئيس عون على سبيل المثال ويوبخ أحد أكبر مستشاريه الذي يمثل الخط الذي يمثله فهذه مسألة مستبعدة. إذا لم يحصل هذا اللوم القاسي ماذا برأيك سيحدث؟
ج: أنا أتخوف من أن يتصرف رئيس الجمهورية على هذا الأساس. هناك إهانة وجهها هذا الوزير بحق دول عربية وهذا الامر لا يعالج بالمراهم. وهذا الامر الذي قاله رئيس الجمهورية بشأن الوزير اليوم هو علاج بالمراهم وحيث فسر ذلك بأن هذا رأيه وأنه لا يلزم الجمهورية اللبنانية هذا غير كاف. الآن الدولة اللبنانية هي التي أصبحت معنية بهذا الامر وعليها وبما تيسر من الأدوات الدستورية أن ترتقي بأدائها وضمن ما هو ممكن وضمن الأدوات الدستورية المتاحة من توجيه اللوم الشديد وتحميله المسؤولية ومن ثم رفع يده بالكامل ونهائيا عن تصريف الاعمال وان يصار الى اخضاعه للمحاسبة.
بعد ذلك هناك إجراءات يجب ان يقوم بها رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال من اجل رأب الصدع في علاقات لبنان العربية. وهذا الأمر لا يعالج بالكلمات المعسولة. هناك اختلال كبير ومتفاقم وعلى مدى سنوات عديدة في السياسة الخارجية اللبنانية وفي علاقات لبنان مع الدولة العربية.
هناك انحراف في هذه السياسة بشكل يخالف مصالح لبنان ومصالح اللبنانيين. الواجب الآن العمل وبشكل جدي من أجل استعادة ثقة المجتمع العربي بالدولة اللبنانية. هذا الاختلال الكبير ناتج بسبب الأداء غير الصالح، والذي هو ضد مصلحة لبنان واللبنانيين. هناك عدد كبير من اللبنانيين الذين يقيمون ويعملون في دول الخليج. الحقيقة أنّ هناك من يتآمر عليهم ويتآمر على لبنان. الذي حصل ليس بغلطة صغيرة بل هو استمرار في ارتكاب الأخطاء والخطايا، والذي تُوِّجَ البارحة بموقف هذا الوزير الذي أصبح وزيراً بالصدفة.
س: الآن هناك ردود فعل صدرت عن الرياض وأبو ظبي، وربما استدعاء الوزراء هناك لإصدار بيان لدول الخليج. كيف تتوقع ان تتأثر العلاقات اللبنانية مع هذه المنطقة وهذه العلاقات متوترة أصلا فكيف باعتقادك ستكون في المرة القادمة؟
ج: أرى أنّ الامر- وكما أصبح عليه- بحاجة الى جهود كبرى من قبل رئيس الجمهورية، وذلك بداية فإنه يكون على رئيس الجمهورية أن يعود إلى تصويب بوصلته من أجل أن تستوي الأمور لديه بالشكل السليم. إذ يجب أن تكون بوصلته وبوصلة الدولة اللبنانية صحيحة باتجاه ما هو في صالح المصالح اللبنانية الحقيقية وباتجاه رأب الصدع في علاقة لبنان بدول الخليج. هناك اختلال كبير حاصل لا يمكن رأبه بالكلمات المعسولة ولا بكلمات صغيرة من هنا أو من هناك.
ما نراه من رد للدول العربية أمر غير مسبوق ولم نشهد له مثيل في علاقات لبنان العربية على مدى سنوات ومنذ استقلال لبنان. هذا الامر لا يستطيع لبنان ان يتحمله لذلك فإنّ هناك أموراً كبرى تقع على عاتق رئيس الجمهورية الآن بوصفه مازال هو رئيس الجمهورية وأيضا بالنسبة لرئيس حكومة تصريف الأعمال، وذلك إلى أن تتألف الحكومة الجديدة.
إنّه ومن ضمن الأشياء التي ينبغي على رئيس الجمهورية أن يقوم بها. بدايةً، أن يفك الاعتقال والحظر الذي يمارسه على تشكيل الحكومة. فهو ما زال يستعصي وخلافا للدستور في عملية التأليف. هنا من المفيد أن يبادر رئيس الجمهورية إلى أن يتفاهم مع رئيس الحكومة المكلف على التأليف. ولكن إذا بقي مصراً على التأليف كما يراه هو ومصراً على حصصه في الحكومة، وذلك خلافاً لجوهر المبادرة الفرنسية، وخلافاً لما يطالب به اللبنانيون الشباب في أن تكون الحكومة العتيدة حكومة مستقلة من غير الحزبيين ومن غير المستفزين لأحد، وبالتالي ممن يستطيعون ان يستعيدوا الثقة المنهارة لدى اللبنانيين بالحكومة اللبنانية، وبالعهد وبالطبقة السياسية، ولاسيما وأن على هذه الحكومة العتيدة أن تستعيد الثقة المنهارة وتستعيد ثقة المجموعة العربية والأصدقاء في العالم. الثقة في لبنان قد انهارت بسبب هذه الإدارة السيئة للأمور، وهي التي أوصل العهد لبنان اليها والتي توجت البارحة مساءا بهذه الخطيئة الكبرى التي ارتكبها رئيس الدبلوماسية اللبنانية. وهذا الوزير ليس موظفاً بسيطاً، إذ أنه هو الذي ينبغي عليه أن يكون الحريص على علاقة لبنان مع الاشقاء العرب والحريص على مصالح لبنان واللبنانيين في العالم العربي.
س: اللافت في هذه التصريحات انها لم تتضمن فقط انتقادات سياسية بل انها تضمنت الى ما وصفه البعض بالتصريحات العنصرية؟
ج: هذا الكلام الذي صدر عن هذا الوزير هو كلام معيب وكلام عنصري مقيت وغير مقبول أن يتهم العرب بهذا الشكل.