كلمة الوزير السنيورة ممثلاً دولة رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري في افتتاح مؤتمر حول حماية الملكية الصناعية في العالم العربي
أيها السادة،
يطيب لي أن أفتتح باسم دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ رفيق الحريري، مؤتمركم هذا الذي ينعقد لمعالجة موضوع حماية الملكية الصناعية في العالم العربي، ويسرنا اختيار جمعيتكم للبنان، مكاناً لانعقاد المؤتمر، لأن ذلك سيتيح لأشقاء وأصدقاء لنا، من أن يشهدوا عودة الأمن والسلام إلى ربوع لبنان، ويطلعوا على ورشة البناء والإعمار التي ينكب اللبنانيون عليها، بعد تجربة الحرب المريرة لاستعادة دور لبنان التقليدي كمركز مالي واقتصادي وثقافي في المنطقة العربية.
أيها السادة،
إن اهتمام لبنان بهذا المؤتمر هو جزء من تراثه السياسي ونظامه الاجتماعي والاقتصادي، ذلك أن لبنان يولي قضايا الملكية والحقوق الفردية، والحريات العامة أهمية كبيرة. والملكية الفردية، بمختلف أوجهها، قد نص عليها الدستور اللبناني، وجعلها في حمى القانون، ومنها، حماية الملكية الصناعية وبراءات الاختراع.
فلبنان من أوائل الدول العربية، الذي أعطى، موضوع حماية الملكية الصناعيةـ، بشقيها، العلامات التجارية وبراءات الاختراع ما تستحقه من اهتمام، فبتاريخ 14/6/1932، صدر قرار المفوض السامي المتعلق بحماية الملكية الصناعية، وتبعته قرارات أخرى، حتى صدور القانون رقم 31 العام 1946 في بداية عهد الاستقلال. كما أكد لبنان اهتمامه بهذا الموضوع بانضمامه إلى اتفاقية باريس بشأن حماية الملكية الصناعية المبرمة بتاريخ 20/3/1883، وتعديلاتها اللاحقة كما انضم إلى اتفاقية مدريد بشأن قمع بيانات مصدر السلع الزائفة المبرمة بتاريخ 14/4/1891، وكذلك انضم إلى اتفاقية نيس لعام 1957 بشأن التصنيف الدولي للبضائع والخدمات، ومؤخراً انضم لبنان إلى اتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة المعروفة باسم "ويبو WIPO".
إن هذا المؤتمر سيطرح على البحث قضايا هامة تتعلق بحماية الملكية الصناعية، ولاسيما لجهة التشريعات الداخلية، في كل بلد من البلدان الأعضاء في جمعيتكم، وأيضاً سبل التعاون بين الدول الأعضاء، لتأكيد هذه الحماية، سواء من خلال وضع اتفاقيات بين الدول العربية أو من خلال تشجيع الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية. ويأخذ هذا المؤتمر في هذا الوقت بالذات، أهمية وبعداً إضافياً، لأنه يأتي بعد توقيع اتفاقية "الغات GATT" التي ستطرح عليكم، ودون شك، مسائل في غاية الأهمية والدقة، على صعيد التبادل التجاري والصناعي بين الدول والتي سيكون لها تأثيرات وانعكاسات على موضوع الملكية الصناعية وطرق حمايتها، ولا بد أن يكون ذلك كله موضع دراستكم وعنايتكم.
أيها السادة،
نتمنى لمؤتمركم النجاح ونرجو أن يخرج بتوصيات تعزز حماية الملكية الصناعية وسبل التعاون بين دولنا، ونقدر لجمعية حماسة الملكية الصناعة في العالم العربي اهتمامها بهذا الموضوع ونؤكد لكم أن لبنان الذي يخطو خطوات واسعة في مسيرة الأمن والبناء والإعمار، ليسره أن يستضيف مؤتمركم وأي مؤتمر آخر، من شأنه تعزيز العلاقات والروابط بين الدول الشقيقة والصديقة، كما كان دأبه دائماً.
بيروت في 14 تشرين الثاني 1994