الرئيس السنيورة في حديث لجريدة القبس الكويتية : المستقبل مستمر في دعم فرنجية.. و14 آذار ضرورة

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثاني: 
تحدث عن الخيارات اللبنانية الصعبة والمعقدة

اجرت مندوبة جريدة القبس الكويتية في بيروت حديثا صحافيا مع رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة وكتبت ما يلي : يؤكد رئيس الحكومة اللبنانية السابق رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة لــ القبس ان الكتلة في مرحلة ترقب وانتظار لما ستؤول اليه مجريات الامور، وذلك بعدما رمى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حجراً كبيراً في مياه الاستحقاق الرئاسي.. لكن تيار المستقبل مستمر في دعم سليمان فرنجية.

ويرى السنيورة ان مبادرة جعجع أتت ردّ فعل على مبادرة الرئيس سعد الحريري، لافتا الى ان العلاقة مع رئيس القوات اللبنانية لن تنقطع، وان حركة 14 آذار مستمرة في حمل مبادئها، على الرغم من وهنها.

القبس التقت الرئيس فؤاد السنيورة، وحاورته حول الاستحقاق الرئاسي وآخر التطورات السياسية.

ماذا بقي من قوى «14 آذار»؟.. ما يقال في الشارع غير ذاك الذي يقال على المنابر. منذ نحو سنتين توقّع البعض ان تفجر الانتخابات الرئاسية في لبنان الاصطفاف الثنائي (14 و8 آذار). ما يظهر على المسرح حالياً ان الاصطفاف تجاوز الحافة.

ــــ أفهم كيف يفكر الناس عند حصول أي ازمة، فيرون كأن الامور انتهت. في العمل السياسي يميل المشرقيون إما الى الاندماج والتطابق في كل شيء، وإما ان هناك حربا مستعرة. في عالم السياسة لا يوجد تطابق، بل مفارقات وتلوينات حتى ضمن الفريق الواحد. هذا مهم لابقاء الحيوية داخل الجسم السياسي.

لقد قامت «14 اذار» بحماية مكتسبات تتعلق بالحرية والسيادة والاستقلال والعمل على تطوير النظام السياسي والاقتصادي والعلاقة مع الدول العربية واحترام قرارات الشرعية الدولية، ورفض الدويلة التي تنافس الدولة على مصالحها. ما زالت هذه القيم تحتاج من يحمل لواءها ويدافع عنها، ولا اعتقد انه ظهرت حتى الآن حركة تستطيع ان تتصدى لهذه المهام سوى حركة 14 آذار. الحركات السياسية تصاب بوهن احياناً لكنها سرعان ما تستعيد المبادرة، وتقف من جديد.

معنى الرئيس القوي

حين يطرح الرئيس سعد الحريري النائب سليمان فرنجية، وهو الصديق الصدوق للرئيس السوري، ألا ينبغي التساؤل: لماذا ليس العماد ميشال عون الذي لا تربطه أي علاقة شخصية برأس النظام السوري؟

ــــ مضى علينا حتى الآن اكثر من 19 شهرا من الشغور الرئاسي، ولم نستطع انتخاب رئيس. هناك طرح يحمله تيار المستقبل ويحمله سعد الحريري، وانا كنت مؤمناً الى حد بعيد به، وهو ان رئيس الجمهورية ليس لفريق من اللبنانيين، ومسألة انتخابه ليست قضية تخصّ مجموعة من اللبنانيين، المسيحيين مثلاً، ولا يُعنى بها باقي اللبنانيين من طوائف أخرى. فحسب الدستور الرئيس هو للبلد كله ورمز وحدة الوطن، اي انه يمثل توافق اللبنانيين. وهو المادة اللاصقة لوحدة اللبنانيين ولايجاد مساحات مشتركة بينهم. ثمة من يقول ان رئيس الجمهورية يجب أن يكون قوياً. لكن ماذا نعني بالرجل القوي؟ البعض يقصد بذلك عصبيته الطائفية. انا من أشد المؤمنين بضرورة ان يكون الرئيس قوياً. ليس بعضلاته ولا بعصبيته، بل بفكره وعقله وقدراته القيادية، برؤياه وحكمته. نعلم انه يستحيل حصول رئيس يرضي كل اللبنانيين. وللتوضيح يجب ان يكون قويا ومقبولا في بيئته، ولكن ايضا قويا ومقبولا في البيئات الاخرى.

الحلقة المفرغة من المرشحين الأربعة

ومضى يقول: المشكلة ان مجموعة من المرشحين تمثلت بأربعة توافقوا فيما بينهم على انهم المرشحون الوحيدون وأغلقوا الباب وجعلوا نادي المرشحين لا يتسع لأكثر من أربعة. لذا رحنا ندور في حلقة مفرغة غير قادرين على اختراقها.

الظروف في لبنان والمنطقة تتفاعل وتحمل معها مزيدا من الاخطار. عندما اصبحنا مقيدين داخل هذا الاطار الذي وضعه المرشحون الأربعة، جرى التواصل مع الوزير السابق سليمان فرنجية مستندين في ذلك الى عملية مفاضلة. فرنجية يمتاز على الجنرال عون في انه مؤيد لاتفاق الطائف بينما تدرج موقف الجنرال عون تجاه الطائف من الرفض الكامل ثم القبول به ثم التنكر له.

الامر الثاني هو العيش المشترك والمشاركة. وفي هذا الباب نريد رئيس جمهورية يحترم الدستور ويعمل على تطبيقه. قانون الانتخابات المعروف بمشروع القانون الارثوذكسي الذي وافق عليه الجنرال عون ينسف أمرا أساسيا في تركيبة لبنان القائم على العيش المشترك، بينما فرنجية حاول بداية تأييد القانون ثم تراجع عنه.

هل يشارك نواب حزب الله؟

لطالما ردّدتم ان حزب الله ومن ورائه ايران، يعطلان العملية الدستورية ويتلاعبان بالورقة الرئاسية على طاولة التسويات المتعلقة بأزمات المنطقة. مع ترشيح القوات اللبنانية لعون، الا ترى ان نواب حزب الله سيكونون مرغمين على الذهاب الى ساحة النجمة؟

ــــ علينا ان نراقب ونتبصر لانهم في 35 جلسة سابقة قاطعوا عملية الانتخاب. الآن علينا ان ننتظر.

هل ستقاطعون جلسة الانتخاب اذا لاحظتم أن الرياح تميل لانتخاب عون؟ أم انكم واثقون ان هذا لن يحصل أبداً؟

ــــ نحن الآن نتابع مجريات الأمور وبيان الكتلة عبّر عن وجهة نظرنا. اننا مستمرون في توجه رئيس التيار دولة الرئيس سعد الحريري، نعتقد ان لبنان بحاجة لانتخاب رئيس جمهورية وهذا ما دفعنا لايجاد حلول للمأزق.

تشجيع التلاقي

برأيكم هل سهلت مبادرة سمير جعجع الاستحقاق الرئاسي ام العكس؟

ــــ نحن لسنا من المؤمنين انه يجب ان نفسد ما بين اللبنانيين او نشجع ما يؤدي الى تأزيم العلاقات بينهم. نحن نشجع كل خطوات التلاقي التي يكون توجهها حماية لبنان والعمل على تمكين اللبنانيين من اختيار الرئيس الذي يمكن ان يجمع بينهم ويكون عنوانا لوحدتهم. نريد ان يكون لبنان نموذجا لبقية الدول العربية التي تحترم التعدد والتنوع وتعتمد نظام المواطنة على اساس الدولة المدنية.

في ما يتعلق بمبادرة جعجع من الصعب الان اطلاق الاحكام حول ما اذا كانت تسهل ام تعقد. انها وجهة نظر نحترمها وان كنا لا نوافق عليها.. ولكن هذا حقه.

مفاجآت

ما توقعاتكم لجلسة 8 شباط(فبراير)، اي سيناريو تتوقعون؟

ــــ هناك من رمى حجرا كبيراً في المياه. وقبله كانت مبادرة الرئيس الحريري عندما أعلن عن تواصل مع فرنجية وشكل ذلك مفاجأة للناس. كان همنا حينذاك ان نصل الى مخارج لانسداد الافق. الايام المقبلة سترينا ما ستحدث هذه الدوائر من تغير هنا وهناك. الاهم ان نصل الى توافق على اختيار الافضل ونحن ابدينا استعدادنا لدعم ترشيح سليمان فرنجية.

بين عون وفرنجية

هل صحيح انكم تعارضون ترشيح عون لأنه صاحب حيثية شعبية وبرلمانية، مما يحول بينكم وبين التعامل معه كما جرى التعامل مع رؤساء آخرين؟

ــــ فرنجية صاحب حيثية ايضا وان كانت كتلة العماد عون النيابية أكبر بالتأكيد. لست ضد أن يكون الرئيس صاحب حيثية. نقطة ثالثة في المفاضلة بين الجنرال وفرنجية هي ان تجربة المواطن اللبناني من وجهة نظرنا مع الجنرال عون لم تكن مشجعة في الاشخاص الذين ترشحوا على اسمه وتسلّموا مناصب وزارية في كل الملفات: وزارة الطاقة، الاتصالات، الخارجية..بينما استطيع ان اشهد لوزراء فرنجية مثل روني عريجي وزير الثقافة الحالي والوزير بسام يمين الذي تولى وزارة الطاقة في 2005.

هذه هي القواعد التي استندنا اليها في تفضيل شخص على آخر والتي أدت الى ردة الفعل في «مبادرة معراب» والتي تبين انها مشغولة منذ عدة اشهر.

قال النائب د. احمد فتفت اثر اعلان جعجع ترشيح عون ان الكتلة مستمرة في دعم فرنجية حتى النهاية. ما المقصود بحتى النهاية؟

ــــ يعني اننا مستمرون في دعمنا لفرنجية الذي عبر عن استمراره في الترشح.

جعجع.. الضرورة

بالتعبير اللبناني «هل انكسرت الجرة» بينكم وبين جعجع؟

ــــ لا ابدا. قلت يوم تأبين محمد شطح أننا نتفق في أمور معينة ونختلف في أمور أخرى. اعتقد ان 14 آذار بالرغم من الهزة التي اصابتها لا يزال هناك حاجة الى وجودها ولعملها وللتعاون في الحفاظ على المبادئ الاساسية التي قامت عليها. ربما انكسر صحن لكن الجرة لا تزال على حالها.

تعرّجات السياسة

بعد أكثر من عقدين في العمل السياسي- مع العلم أنك دخلت السياسة من دون إرث او تقليد - كيف تنظر الى هذه التجربة، هل تراودك رغبة بالانكفاء عن السياسة؟

ــــ خلال مسيرتي في العمل السياسي الذي بدأ بشكل مباشر عندما ألّف الرئيس رفيق الحريري حكومته الأولى واختارني كي أكون وزيرا للمالية على مدى مرحلتين: من نهايات عام 1992 حتى نهايات 1998 ومن عام 2000 حتى 2004. في نهاية تلك الفترة فكرت في العودة إلى العمل الخاص نتيجة أنني عملت لأكثر من عشرة اعوام متقطعة كوزير مالية وأديت ما استطعت وهو كثير جدا من انجازات واصلاحات داخل المالية وفي الاقتصاد اللبناني، على الرغم من كل العراقيل التي واجهتني. منذ اليوم الاول طرحت نفسي رجل دولة وليس سياسيا بالمعنى التقليدي اللبناني. بالرغم من الاحباطات التي وُجهت بها كنت مقتنعا بصوابية الافكار الاصلاحية التي احملها، لكن احيانا معدة المجتمع لا تتحمل هذا القدر من الاصلاحات.

وبعد اغتيال الرئيس الحريري اضطرتني الظروف للعودة الى رئاسة الحكومة، والآن لا أفكر على الاطلاق بترك العمل السياسي.

المنطقة العربية المشتعلة.. وقرن المآزق الكبرى

قلنا للرئيس السنيورة : هل لديك شعور بان لبنان والمنطقة العربية في مأزق كبير لا يبدو الخروج منه ممكنا في المدى المنظور ؟ لماذا وصلنا الى هذا المأزق برأيك؟

-خلال السنة الماضية كان لي سلسلة من المحاضرات. في المغرب ألقيت محاضرة بعنوان «العرب نكون أو لا نكون»، ثم في جامعة أوكسفورد، وبعد ذلك في برلين حول موضوع اللاجئين، وأخيراً في مكتبة الاسكندرية، وهي حول الديموقراطية في القرن الـ 21. قلت ان العالم العربي مرّ خلال القرن العشرين بالكثير من المراحل: الخروج من السلطنة العثمانية الى الدخول في الانتداب والدولة الوطنية والدولة العسكرية. الدولة العسكرية قامت على الإرغام. تعهدت الانظمة العسكرية تجاه مواطنيها باسترداد الارض المحتلة، والكرامة، والمشاركة في القرار وتحسين مستويات العيش والتعليم. الارض لم تسترد ولا الكرامة أعيدت ولا التنمية تمت. في عام واحد حصلت 3 تطورات مهمة والرابع بعد ذلك بعشرين عاما. الاول هو الاجتياح الروسي لافغانستان مع ما أطلقه من شرور وتشدد. الثاني توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، وخروج مصر من مسؤوليتها ومن دورها، ما ترك فراغاً لم يجرؤ احد على تعبئته. الثالث نجاح الثورة الاسلامية في ايران التي حملت نظرية تصدير الثورة على قاعدة اعطائها لبوساً دينياً باسم ولاية الفقيه العابرة للحدود السياسية. ترافقت هذه الأحداث مع سيطرة اسرائيل على جزء كبير من الاراضي الفلسطينية. واخيرا ما شهدناه في مطلع القرن وهو غزو صدام حسين للكويت والاجتياح الأميركي للعراق. كان العراق يمثل دولة حاجزة بين الداخل الاسيوي والبحر المتوسط، وهو الدور الذي لعبه على مدى 3000 سنة منذ كانت هناك امبراطورية يونانية وامبراطورية فارسية.

ثورة بلا سياسة

ويخلص الرئيس السنيورة الى القول: هذه الأحداث فاقمتها ظروف اقتصادية اجتماعية وتفاوت في الثروة وسوء ادارة الشأن العام. كانت هناك حالة تأجج وغضب محتدم عبّر عن نفسه بعد سنوات بالربيع العربي. كانوا يقولون لماذا لا يحدث في المنطقة العربية تغيير، ويتحدثون عن الاستثناء العربي. لقد حلّ الربيع العربي من دون ان يكون لدينا تراث في العمل السياسي نتيجة الانظمة القمعية.

تاريخ الخطاب: 
24/01/2016