الرئيس السنيورة لـ «الراي»: «حزب الله» يأخذنا إلى حافة الهاوية ولبنان لا يحتمل استدراجه للحرب

-A A +A
Print Friendly and PDF
مكتب جريدة الراي في بيروت وسام ابو حرفوش وليندا عازار خلال اجراء المقابلة

اجرت جريدة الراي الكويتية حوار مع الر ئيس فؤاد السنيورة حول اخر التطورات في لبنان وعلى وجه الخصوص ما يتصل بالتطورات في الجنوب وخلفيات اقرار القرار الدولي 1701 وسبل تنفيذه وفي مايلي نص ووقائع الحوار:

| بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

23 ديسمبر 2023

- لبنان في مأزق والدولة مخطوفة من دويلة «حزب الله»

- ما حصل في 7 أكتوبر أعادَ القضيةَ الفلسطينية إلى الطاولة وشكل تحدياً لمَن أكْثروا من إطلاق المواقف عن وحدة الساحات

- ما يجري في غزة مذبحةٌ انضمّت إلى المذابح الشهيرة في التاريخ وثمة مَن يقارن بينها وبين تدمير برلين

- على «حماس» الانضواء تحت الجناح العربي ولا يمكنها أن تتعاطى على أنها القضية... ففلسطين هي القضية

- غالبية كبيرة جداً من اللبنانيين لا ترضى بأن يُستدرج البلد إلى الحرب

- ما يجري في البحر الأحمر هو وقف الممرّات الدولية وهذا يُعتبر عملاً حربياً

- الادعاء بمُشاغَلة القوات الإسرائيلية جزءٌ من عملية إنقاذ ماء الوجه و«حزب الله» يأخذنا إلى حافة الهاوية

- إيران لا تريد التورط و«حزب الله» لا يريد الذهاب أبعد وكذلك إسرائيل وأميركا ولكن هناك سوابق بإمكان تدحْرُج الأمور

- القرار ليس في يد «حزب الله» بل عند إيران التي يتعيّن عليها أن تقيس الأمور بدقة

- مَن يعُد إلى مَحاضر ليلة 12 أغسطس 2006 ومداولات مجلس الوزراء يجد أنني قلتُ: لا مَكان للتذاكي على المجتمع الدولي ولا أحد يزايد عليّ وعلى الدولة... فإما نوافق جميعاً على الـ 1701 وإما نرفضه

- على إسرائيل أن تنسحب من قرية الماري ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتسهّل حلّ النقاط المتنازَع عليها وفي المقابل على «حزب الله» أن يسحب قواته وأسلحته الثقيلة من جنوب الليطاني

- للأسف لبنان لم يَعُدْ يَظْهَر على شاشة الرادار عند كل أشقائه وأصدقائه... وعلينا التبصّر

- لبنان أمام خياريْن... إما يكون على الطاولة فيتم «تقطيعه» وإما إلى الطاولة مُشارِكاً في ما يُرسم وفق مصالحه

- يجب أن نتعلّم درساً رئيسياً من انتخاب ميشال عون الذي تَصَرَّفَ طوال ولايته على أنه رئيس لفريق

دفعتْ المواجهاتُ العنيفةُ على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بالقرار 1701 إلى الواجهةِ من جديدٍ بعد نحو 17 عاماً على صدوره عن مجلس الأمن الدولي إثر معركةٍ ديبلوماسيةٍ قاسيةٍ خاضَها لبنان على وهْج الحرب التي اندلعتْ بين إسرائيل و«حزب الله» في 12 يوليو 2006.

ورغم أَوْجُهِ الشَبَهِ والاختلافِ بين الحرب «الموْضعية» الدائرة على جبهة جنوب لبنان منذ 77 يوماً وحرب الـ 33 يوماً في الـ 2006، فإن الـ 1701 يشكل الرابطَ بين الحربيْن ومآلاتهما... الجغرافيا هي عيْنها، طرفا الميْدان، وكذلك «المشكلة والحلّ».

«الراي» التقتْ في بيروت الرئيس السابق للوزراء فؤاد السنيورة بوصْفه «رئيس حكومة الـ 1701» القابض على خفايا تلك المرحلة وأسرارها، يوم أدار بصلابةٍ المفاوضاتِ الشاقةَ لإنهاء حرب يوليو وتجنيب البلاد خطريْ الدمار الشامل والانقسام، فنجح بحنكةٍ ودراية في تحقيق الأمريْن معاً رغم الحملات الظالمة التي تَعَرَّض لها.

... هل لبنان في مأزق؟ سؤالٌ - مدخل يُعتبر شاغِل المسرح السياسي، في ضوء رَبْطِ «حزب الله» وبالنار جنوب لبنان بحرب غزة واعتباره جبهةَ مُسانَدةٍ تضغط إسرائيل وبوسائل مختلفة لربطها بـ «ترتيباتٍ» موازية لِما بعد غزة.

وعنه يجيب السنيورة الذي خبر أوضاعاً مشابهة في 2006: «من الطبيعي أنه في غياب المواقف الصارمة سنكون في مأزق. حتماً لبنان في هذا الشأن مخطوف، إذ أُقْحِمْنا في أوضاع خطرة وأصبحنا غير قادرين على اتخاذ القرار المناسب حيالها. فالدولة مخطوفة من دويلة(حزب الله)».

وفي مقاربةٍ أراد منها دولته وضْع «القضية» في نصابها، يقول:«ما حدث في غزة لم يكن بداية التاريخ كما يحلو للغرب وإعلامه تصويره. التاريخ بدأ قبل 75 عاماً وتخللتْه قرارات دولية عدة كرست حقوق الشعب الفلسطيني، وجرى التأكيد عليها في مؤتمر مدريد وفي اتفاق أوسلو رغم كل المحاولات الإسرائيلية لإلغاء حل الدولتين وتَوَهُّم البعض بأن القضية الفلسطينية انتهتْ وجرت تصفيتها وحان دفنها»

وفي رأي السنيورة، ابن صيدا بوابة الجنوب وعاصمته، «أن ما حدث في السابع من أكتوبر وما تلاه جاء ليُسْقِط كل تلك الادعاءات وليؤكد أن القضية الفلسطينية متجذّرة وعصية على محاولات التصفية والانهاء، كما أنها ليست للبيع ولا للإيجار بل مازالت تحفر عميقاً في وجدان الفلسطينيين والعرب. وما حصل جاء ليعيد القضية الفلسطينية إلى الطاولة وشكل تحدياً لمَن أكْثروا من إطلاق المواقف عن وحدة الساحات و«بدنا نعمل هيك وبدنا نسوّي هيك...».

ويذكّر «أبُ» القرار 1701 «كنتُ أول مِن بادر صباح الأحد في 8 أكتوبر، ولم تكن الأوضاع تطورت بعد، إلى القول وبكلام واضح وصريح إن لبنان لا يستطيع ان ينجرفَ أو أن يصار إلى استدراجه لخوض معركةٍ عسكرية، لأن ما من اتفاقٍ داخلي على هذا الشأن. بالعكس هناك غالبية كبيرة جداً من اللبنانيين لا ترضى بأن يصار إلى استدراج البلاد إلى الحرب، كما أن لبنان ليس في مقدوره تَحَمُّل وزر حرب عسكرية قد تؤدي إلى تدميره».

ويوضح السنيورة «أن ما دَفَعَني إلى إعلان هذا الموقف هو إدراكي أن لبنان في هذه اللحظة يعاني ثلاث أزمات متراكمة فوق بعضها: أزمة سياسية - وطنية إذ لم يُنتخب رئيس للجمهورية منذ أكثر من عام، وما يترتّب على ذلك من عدم القدرة على معاودة تكوين مؤسسات الدولة الدستورية. وأزمة اقتصادية – مالية – اجتماعية ترهق اللبنانيين. وأزمة وجود عدد كبير من النازحين السوريين ما يدفع البعض، عن حُسن نية أو عن غير حسن نية إلى طرح مصير الكيان اللبناني. وتالياً كيف يمكن في ضوء كل ذلك خوض معركة عسكرية؟».

ويعيد رئيسُ ما أُطلق عليه في حرب يوليو 2006 «حكومة المقاومة الديبلوماسية» إلى الذاكرة كيف استطاع «تشكيل موقف وطني جامع بين اللبنانيين رغم كل المصاعب. فالحكومة نجحتْ آنذاك في جمْع اللبنانيين الذين احتضنوا بعضهم البعض، كما ان الحكومةَ وإبان معركة مخيم نهر البارد استطاعت جمْع اللبنانيين على موقف واحد. أما الآن فهذا الأمر غير متوافر، وتالياً كيف يمكن خوض معركة عسكرية؟ لذلك هذا هو المأزق الذي نحن فيه. ولذا لا بد من موقف واحد وصريح من الدولة اللبنانية ومن المسؤولين».

ويلفت السنيورة إلى أنه «عندما صدر بيانٌ عن حركة حماس يعلن تشكيل(طلائع طوفان الأقصى)في لبنان سارعتُ إلى اتحاذ موقف واضح يُعارِضُ هذه الخطوة وقلتُ:(اسمحو لنا فيا ما فينا عليها). وكنتُ مُدْركاً أن صدور موقف مني حيال هذا الأمر سيكون له وقعٌ يختلف عما يمكن أن يقوله أي فريق آخر. أنا مؤمن بقضية فلسطين كغالبية اللبنانيين الذين لن يقبلوا بإنهائها أو مصادرتها. نحن معنيون بها وطنياً وعربياً، وتالياً يجب مواجهة المأزق الذي نصطدم به بصراحة ووضوح وليس بالمواقف الرمادية».

ونسأل عن معنى تحريك «جبهاتٍ من جنوب لبنان إلى البحر الأحمر، مروراً باستهداف الأميركيين في العراق وسورية، فأي تفسيرٍ لتحرك(محور الممانعة)في حدوده الحالية؟ يجيب الرئيس السنيورة:(لا يمكن النظر إلى ما يجري في غزة ومِن حولها بمعزلٍ عما يحصل دولياً. يكاد البعض أن ينسى أن ثمة حرباً كبرى تدور في أوروبا، أي بين أوكرانيا وروسيا، وأن إيران انخرطت فيها في شكل غير مباشر حين زوّدت الروس بالمسيَّرات، الأمر الذي استنفر واشنطن والناتو. كما هناك مواجهة بين الولايات المتحدة والصين، وثمة مشكلة في تايوان وبحر الصين الجنوبي، ومن الطبيعي في ظل هذه المواجهات على المسرح الدولي أن تعمد الأطراف المتصارعة إلى إحداث مناطق نزاع أخرى جديدة)»ويضيف:«وسواء كان الإيرانيون على معرفة بما حدث في 7 أكتوبر أم لا، ففي النهاية ما يجري في غزة أصبح على الطاولة، وتَراجَعَ الاهتمامُ بحرب أوكرانيا كخبرٍ يومي، وصارت غزة هي الحدَث. ولذلك على المرء فهْم ما يجري في ضوء هذه الصورة الكبرى وعليه أيضاً أن يزين خطواته قياساً إليها. الأميركيون ردّوا على ما جرى مباشرة، فعندما بدأت الحرب اتخذوا قراراً ببناء (أرمادا) في شرق البحر المتوسط (حاملات طائرات من الأكبر وغواصة نووية)، إضافة إلى حشدٍ من أساطيل تابعة لدول غربية أخرى».

وينبّه السنيورة إلى أن «دخول اليمن الآن على الخطّ من شأنه إحداث تداعيات خطرة. اليمن نقطةٌ تنطلق منها المسيَّرات (صاروخ بمليوني دولار لإسقاط مسيَّرة بألفي دولار) ما يشكل عمليةَ إستنزافٍ للآخَرين. وما يجب التنبّه إليه أن ما يجري في البحر الأحمر هو وقف الممرّات الدولية وهذا يُعتبر عملاً حربياً. ولا يناسبنا عملياً كعرب أن نُتَّهم بمثل هذا الأمر، رغم أن البعض يهلل له تحت شعار إحراج الأميركيين. علماً أن هذا يعود بالضرر حتى على مصر التي تعتمد في مداخيلها على عائدات قناة السويس، إضافة إلى تداعياتِ ما يجري على أسعار النفط وسوى ذلك».

المذابح الشهيرة في التاريخ

ويقول رئيس الحكومة السابق «علينا معرفة طبيعة ما يحدث وسبل التعاطي معه. حتماً ما يجري في غزة مذبحةٌ انضمّت إلى المذابح الشهيرة في التاريخ حتى ان عدد ضحاياها في شهرين يتجاوز الخسائر البشرية على مدى عامين في أوكرانيا. وثمة مَن يقارن بينها وبين تدمير برلين. ما يحصل غير مسبوق ويُعْطي دروساً على طريقة داوود وجالوت والمقلاع الصغير الذي ضرب قوة كبيرة. وكل ذلك لا بد من أخْذه في الاعتبار، ولكن في الوقت عيْنه على المرء من أن يكون شديد التبصر ويُحاذِر أن يستنفذ حظه (do not push your luck)، وكأننا لا نسمع جلياً آهات الناس وتعبهم والتدمير اللاحق بهم والخسائر الكارثية التي تصيبهم».

 

ويضيف:«يَحضرني الآن ما كان يقوله أستاذنا قسطنطين زريق عن أنه ليس كافياً أن تكون صاحب حق بل أن تستحق هذا الحق. وأعتقد أن الفلسطينيين أثبتوا انهم يستحقون الحق بأن تكون لديهم دولة. فهذا الصمود الأسطوري شديد الأهمية لكن علينا العناية جيداً بسبل مساعدة هذه القضية، فالقمة العربية - الإسلامية التي انعقدت في الرياض كانت في غاية الأهمية من حيث مشاركة 57 دولة ومن حيث القرارات المُلْزِمة التي صدرتْ عنها وحتى لو تراجعت إيران خطوةً إلى الوراء بعدما وافقتْ على حل الدولتين».

ويتابع: «على الأهمية الاستثنائية للقمة فإنني أعتقد انها جزء مما ينبغي فعله. هي إنتدبت فريقاً من ثمانية وزراء خارجية قاموا بجولة والتقوا وزراء خارجية الدول الخمس الكبرى. هذا عظيم وضروري ومهمّ لكنه غير كافٍ، فهناك جهد يجب أن يُبذل في اتجاه جميع الدول والمستويات في كل دولةٍ، وحتى الهيئات الأهلية، لتشكيل حالة ضغط، لأن أمامنا الآن عاملين يلعبان لمصلحة القضية الفلسطينية: أولاً الوقت الذي ينبغي استغلاله لتأليب العالم ضد إسرائيل التي تستغلّ كل دقيقة وساعة لمزيد من الدمار والقتل والإمعان في جرائم غير مسبوقة وتُرتكب على مرأى من العالم. والثاني شَرْطُه أن يعود الفلسطينيون إلى تنظيم بيتهم الداخلي ويستعيدوا فلسطينيةَ القضية وعروبتها. فعلى (حماس) الانضواء تحت الجناح العربي ولا يمكنها أن تتعاطى على أنها هي القضية، ففلسطين هي القضية، وهم أداة مشكورة لعبتْ دوراً مُهِمّاً يُسجل لها. كما علينا أن نستعيد إنسانية القضية (الفلسطينية). فنحن لسنا قَتَلة ولا نريد أن نُصَوَّرَ على أننا قتلة. وما قد يكون جرى من انتهاكاتٍ (في 7 أكتوبر) لا يُقارن بما عوّدتْنا إسرائيل على انتهاكه، ولكن هذا الأمر استُغل من وسائل إعلام أجنبية قامت بنسج الأكاذيب حوله. علينا أن نستعيد إنسانيتنا ومظلوميتنا وهذه المعايير مؤشراتٌ ينبغي العمل بوحيها لنصرة قضيتنا. ويجب أن لا يغيب عن بالنا أن أمامنا مسار قد يكون أكثر قسوة من الحرب، هو مسار المفاوضات».

المستوى «المضبوط» من «المُشاغَلة»

وكيف يفسر المستوى «المضبوط» من «المُشاغَلة» الذي حافَظَ عليه «حزب الله»؟ وهل تقاطعت في قراره بعدم فتح الجبهة على نطاق واسع المصلحةُ اللبنانية مع مصلحة إيرانية؟ يجيب السنيورة: «العالم كله غير راغب في توسيع الحرب، وإيران كانت واضحةً منذ البداية عندما قالت إن لا عِلْمَ لها بما حَدَثَ (طوفان الأقصى) ولا علاقة لها»، مذكّراً بما قالته حكومته في 12 يوليو 2006 بعد أسْر حزب الله جنود إسرائيليين من«أننا لم نكن نعلم بذلك ونحن لا نتبنى، أي أخذْنا كدولة مسافةً عن المقاومين. وحزب الله لم يقتنع بسهولة في بادئ الأمر وقمْنا باستدعاء سفيرنا في واشنطن حينها لإعلانه موقفاً مؤيداً (لما جرى)».

ويضيف: «ما يَجْري الآن فعلياً أن حزب الله يوحي بأنه صحيح أنه لم يدخل الحرب إلا أنه يُشاغِل القوات الإسرائيلية التي اضطُرت إلى سحْب ثلث جيشها إلى قبالة الحدود مع لبنان في الوقت الذي يسود الانطباع بأن إسرائيل ارتكبت كل ما يمكن ارتكابه في غزة وليس في وسعها أن تفعل أكثر مما تقوم به، ولذا فإن الادعاءَ بمُشاغَلة القوات الإسرائيلية جزءٌ من عملية إنقاذ ماء الوجه، وتالياً فإن الحزب يأخذنا إلى حافة الهاوية. وهنا لا بد من الانتباه إلى أنه صحيح أن إيران لا تريد التورط وأن حزب الله لا يريد الذهاب أبعد في تدخّله، وكذلك إسرائيل وأميركا، لكن هناك سوابق غير قليلة في التاريخ تقول إن الأطراف المنخرطة في معارك ومزايداتٍ ولم تكن تريد نشوب الحروب ولكنها وصلت إلى نقطة تدحرجت فيها الأمور. وما أخشاه هو أن يحصل ذلك بسوء حساب أو تقدير، أو كما يقال «فمَن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه».

وحين نقول له «من الواضح أننا أمام فكي كماشة... تهديدات إسرائيلية بما هو أدهى وسط ارتقاءٍ في المواجهات العسكرية وحركة ديبلوماسية ضاغطة عنوانها تنفيذ القرار 1701 بحذافيره، فأيّ أفق أمام لبنان ؟ يردّ «يجب أن نكون واضحين وأن يكون للحكومة اللبنانية ورئيسها موقف أكثر وضوحاً وتأكيداً أن لبنان لا يستطيع الدخول في المعركة، لاعتبارات عدة ليس أقلها أننا لا نملك شبكة الحماية التي كنا نتمتع بها في الـ2006، لا سياسياً ولا وطنياً ولا مالياً ولا اقتصادياً. ورغم مرور ثلاثة أعوام وأربعة أشهر على وقوع انفجار المرفأ، لم نستطع التعويض على جميع المتضررين حتى اليوم، ومعالجة انهيار مبنى في منطقة المنصورية أخيراً استغرقت نحو أسبوع. ولو كان انخراط لبنان في الحرب سيغيّر مجريات الأحداث ويقلب الموازين، ربما لاستأهل الأمر التضحية، أما غير ذلك فإنه سيعرّض بلادنا وناسنا لأخطار وأضرار غير محسوبة».

ونسأله: من الواضح أن الوضع في الجنوب بات مرتبطاً حُكْمياً بالترتيبات التي تُعد لمرحلة ما بعد انتهاء حرب غزة. وإسرائيل واضحة في مطالبتها بتنفيذ الـ1701 بحذافيره وعلى نحو يبعد حزب الله إلى شمال الليطاني، فكيف يمكن إدارة هذا التحدي؟ يقول السنيورة: «لا بد من العودة إلى(الكتاب). نحن لدينا الـ 1701 الذي لم تطبّقه إسرائيل وكذلك حزب الله لم يتقيّد به».

وحين نقاطعه: «ألم يَكن من مصلحة لبنان صدور الـ 1701 تحت البند السابع؟»

 

يجيب«في الـ 2006 كان هذا الأمر سيؤدي إلى مشكلة داخلية. وهمّي الأساسي فعلياً يومها كان إنهاء الحرب وإعادة الناس إلى قراهم. وكنتُ أمام تحدي الحفاظ على وحدة البلاد والتوصل إلى القرار قبل حصول انهيار جبهة حزب الله... وقبل ثلاثة أشهر من وفاته، قال هنري كيسنجر إنه عندما وقعتْ حرب الـ 1973 اتخذنا قراراً بأنه ممنوع هزيمة إسرائيل، وتالياً انطلق جسر جوّي لتزويدها بكل ما تريده من دعم عسكري، لوجستي، مخابراتي وسوى ذلك لإحداث ما سمي حينه بـ «الدفرسوار»، ولذا علينا الانتباه».

ويضيف: «المهم أنه في الـ2006 حصلنا على القرار 1701، الذي ينصّ على انسحاب إسرائيل من جميع المناطق التي احتلتْها، والبقية هي قرية الماري شمال الغجر. وقرية الغجر هي أساساً في الجولان السوري، والإسرائيليون يقولون إن عند احتلالهم لها في 1967 كانت تتمركز فيها الجندرما السورية. والواقع عملياً أن الحدود اللبنانية مع فلسطين تم تحديدها بفعل المشاحنات الفرنسية – البريطانية آنذاك، لكن لبنان وسورية كان كلاهما واقعاً تحت الانتداب الفرنسي فلم يَجْرِ تحديد الحدود بينهما كما حصل بين لبنان وفلسطين، فبقيتْ تلك المناطق غير محسومة، وكانت سائدة نظرية اعتبار مجرى المياه معياراً فإذا كان إلى الغرب فالأرض لبنانية وإذا لجهة الشرق فالأرض سورية».

ويتابع: «عندما انسحبتْ إسرائيل في العام 2000 انبرى البعض في عهد اميل لحود للقول إن مزارع شبعا لبنانية لجعْلها مسمار جحا، في الوقت الذي استمرّت سورية في القول إنها أرض سورية. المرة الوحيدة التي وقف فاروق الشرع يوم كنا في برشلونة وقال إن مزارع شبعا أرض لبنانية، لم يسمعه أحد ولم يتبن كلامه أحد بل على العكس رفض محمد ناجي العطري (رئيس الوزراء السوري آنذاك) هذا الأمر وأرسل لي كتاباً في هذا الخصوص. وتالياً فإن أمر المزارع والسيادة عليها غير محسوم».

 

ويشدد السنيورة على أنه «بصرف النظر عن لبنانية مزارع شبعا أو اذا كانت سورية، فهي بالتأكيد ليست إسرائيلية، ومن هنا كان الطرح الذي قدّمتُه بأن توضع تحت ولاية الأمم المتحدة إلى أن تُحسم السيادة عليها بين لبنان وسورية. وهذا ما تتضمّنه خطة النقاط السبع التي تَقَدّمتْ بها في 2006 الحكومة التي كنتُ أترأسها (إبان حرب يوليو وقبل أن يصدر القرار 1701). وتالياً على إسرائيل اليوم أن تنسحب من قرية الماري ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتسهّل حلّ النقاط المتنازَع عليها (على الخط الأزرق)، وفي المقابل على (حزب الله) أن يسحب قواته وأسلحته الثقيلة من جنوب الليطاني».

ويشير إلى أن المؤشرات تدلّ على أن مثل هذا الأمر ليس من السهل أن يَتحقق«لأن حزب الله لن يتخلى بسهولة عن ذرائع لبقاء وضعيّته خارج الدولة، كما أن إسرائيل عدو لا يمكن الركون إلى نياته وما يضمره، وهذا ما يفسر خطورة الوضع حالياً».

وعن تفسيره لزيارة آموس هوكشتاين لبيروت عشية حرب غزة وخلالها، وسط كلام عن مهمةٍ يضطلع بها في موضوع الحدود البرية مع إسرائيل على قاعدة بتّ النقاط الخلافية على الخط الأزرق بالتوازي مع تسريباتٍ عن أفكار يتم بحثها وبينها وضْع مزارع شبعا في عهدة الأمم المتحدة، يقول السنيورة: «هناك كلام يَجْري تداوله في الأروقة حول كيفية إيجاد مَخارج لهذا الملف. ولا شكّ في أن وضْع الجنوب بات مرتبطاً بمآلات حرب غزة التي رُبط بها بالنار. وهناك رؤوس حامية في إسرائيل تريد لهذه الحرب أن تستمرّ، ناهيك عن بنيامين نتنياهو الذي يدرك تماماً أن رأسه بات تحت المقصلة ما أن تنتهي. ولكن في الوقت نفسه تعيش إسرائيل ظروفاً صعبة. من ملف المخطوفين لدى(حماس) الذي تمارس عائلاتهم ضغطاً داخلياً يضع حكومة نتنياهو أمام موجبات تقديم تنازلات، إلى الرأي العام الدولي الذي يشكّل بدوره عنصراً ضاغطاً في ضوء المآسي الكبرى التي تشهدها غزة والجرائم المرعبة التي ترتكبها إسرائيل. وكل هذه المعطيات تتشابك في خلفية الحرب في غزة التي تتكثّف بالتوازي مع وقائعها الميدانية الاتصالاتُ غير المعلنة، وبينها مثلاً لقاء مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي ايه» مع رئيس الوزراء القطري في وارسو، ولقاءاتٌ أخرى تشكل القاهرة محورَها، من دون أن يكون ممكناً استشرافُ الأفق بوضوح».

ونقول للسنيورة: في ضوء إفراغ المستوطنات ونقْل سكانها إلى مناطق أخرى، وما ظهّرتْه المواجهاتُ على الحدود الجنوبية من أن حزب الله موجودٌ بقوة على الحافة الأمامية، تتعزّز المخاوفُ من أن يَفرض الإسرائيلي أمراً واقعاً على الأميركيين، في ظلّ الوجود العسكري لأكثر من دولة من الناتو في المتوسط وذلك في محاولة لفرض تنفيذ الـ 1701 تحت ضغط النار وعلى قاعدة أن الديناميةَ العسكريةَ بحدودها الحالية جنوباً غير كافية لتحقيق هذا الهدف، فيجيب: «هذا غير مستبعَد. والأمور وصلتْ إلى نقطة تستوجب الكثير من التبصر من حزب الله الذي لا يمكنه المضيّ في المعاندة على أساس أنّ إسرائيل لا يمكنها وغير قادرة. مع العلم أن القرار في ما خص وضعيته وما يقوم به في الجنوب ليس عنده بل في يد إيران التي يتعيّن عليها أن تقيس الأمور بدقة. ويجب عدم إغفال العامل الذي يشكّله رفْض أكثر من 70 ألف مستوطن العودة الى مستوطنات الشمال بحال بقي الوضع على ما كان عليه قبل 7 أكتوبر، وهذا يَضغط أيضاً على القيادة الإسرائيلية ويدخل في حساباتها».

إبعاد «حزب الله»

وفي موازاةِ الحملة الديبلوماسية التي تقوم بها تل أبيب تحت عنوان إبعاد «حزب الله» عن جنوب الليطاني والحضّ على تطبيق الـ 1701 ونجاحها في تشكيل وعاءٍ دولي يحتضن طروحاتها في هذا السياق، يَبرز ارتباكٌ لدى لبنان الرسمي وديبلوماسيته وغيابٌ عما يُرسم للبلد وجنوبه. ويقول السنيورة عن ذلك: «لم يَعُد جائزاً الركونُ إلى المواقف الرمادية. يجب أن نكون واضحين، فنحن دولة مسؤولة أمام المجتمع والرأي العام الدولي، وقد وافقْنا على القرار 1701». ومَن يعُد إلى مَحاضر ليلة 12 أغسطس 2006 ومداولات مجلس الوزراء التي استمرّتْ نحو 5 ساعات (قبل الموافقة على الـ 1701) يجد أنني قلتُ صراحة: «لا مَكان للتذاكي على المجتمع الدولي، فإذا فعلْنا ذلك تَذاكى علينا. وهذا اتفاقٌ تقولون عنه إنه ظالِم، وربما يكون كذلك لأننا لم نحصل على كامل حقوقنا بموجبه، ولكن الآن صرْنا أمام قرارٍ وافقتْ عليه 15 دولة (في مجلس الأمن). وإذا كان هناك طرفٌ لن يقبل بالقرار، فسأكون قبْله وأقول لستُ موافقاً ولا نسير به، ولا أحد يزايد عليّ وعلى الدولة في هذا الشأن، فإما نوافق جميعاً على القرار وإما نرفضه». ويضيف: «علينا أن نكون حريصين على بلدنا وشعبنا وعلى عروبتنا كما على الفلسطينيين، فلا يخوض البعضُ مَعارك تؤدي إلى المزيد من الخسائر».

وفي غمرة الأزمات التي يعيشها لبنان، مالياً وسياسياً، جاء الخطر العسكري على الحدود مع إسرائيل، لترتسم معه مجدداً مشهدية سوريالية تتمثل في أنه رغم كل هذه المَخاطر لم يجد الأطراف الوازنون أرضيةً لإنهاء الشغور الرئاسي وتصفيح الواقع السياسي بوجه عواصف «طرقتْ الباب» من الجنوب. ولا يستغرب الرئيس السنيورة هذا الواقع المؤلم، معتبراً أنّ «حرب غزة جعلتْ احتمالات الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي، الذي يشكّل مدخلَ الخروج من الأزمات، تتراجع في ضوء تبدّل أولويات المجتمع الدولي وتركيزه على هذه الحرب وتداعياتها التي لا تنفكّ تتمدد وليس أقلّها ما يجري في البحر الأحمر».

ويضيف: "علينا كلبنانيين أن نستخلص العِبَر والدروس مما جرى. وعملياً، ما حصل خلال الأعوام الماضية، أنه نتيجة الألاعيب والمَطامع الصغيرة ونتائجها الكارثية، أو ما اسميه الـ «ميكرو مطامع» والـ «ماكرو تداعيات»، لم نفهم دورَ رئيس الجمهورية في نظامنا. بل قزّمنا رئيس الدولة وصار باحثاً عن حصةٍ في إدارة معينة أو عن وزير ونائب. وليس هذا دوره، فالدستور كان واضحاً في أنه رئيس الدولة وليس رئيس السلطة التنفيذية ولا التشريعية، بل فوق كل السلطات وهو حامل وحامي الكتاب أي الدستور. وتالياً عندما تقوم أي سلطة بما يخالف الدستور وما يناقض العيش المشترك الواحد بين اللبنانيين، رئيس الجمهورية هو مَن يضرب بيده وبقوة الدستور ودوره بضرورة وقف ما يحصل.

 

ويستحضر واقع «بنك انكلترا» المتعارَف أنه «دُرة التاج البريطاني»، وهو بمثابة وزير أو أكثر. ويُستخدم في الإشارة إلى حاكم البنك المركزي (البريطاني) عبارة «حواجب الحاكم»، أي يكفي للحاكم أن يقطب حاجبيه أو أن تنفرج أساريره، ليقول من دون أن يطلب.

وهذه قوة رئيس الجمهورية في لبنان، أي تكفي «حواجب الرئيس» ليستعيد الجميع انتظامهم. «ولكن ماذا فعلنا نتيجة بعض الممارسات؟ جعلْنا الرئيس لاهثاً وراء حصص، وهذا أدى إلى تخريب نظامنا الديموقراطي القائم على أكثرية تحكم وأقلية غير مهمَّشة تعارض. وهنا التوازن ودور رئيس الجمهورية في هذا الصراع».

ويستذكر أنه بعد ثورة 17 اكتوبر 2019 وتقديم الرئيس سعد الحريري استقالته «كان على رئيس الجمهورية وفق الدور المنوط به دستورياً جمْع كل الأطراف في الليلة نفسها ووضْعهم أمام مسؤولياتهم وتشكيل حكومةٍ وفق منطوق الدستور. ولكن ماذا فعل؟ تَطَلَّبَ الأمر 54 يوماً قبل أن يدعو إلى استشارات (التكليف)، بعدما برزت بدعةُ التأليف قبل التكليف. وفي النهاية خرب البلد».

وإذ يؤكد أنه «آن لكل سياسي في لبنان أن يقف ويتبصّر»، قائلاً بمرارة «لبنان لم يَعُدْ يَظْهَر على شاشة الرادار عند كل أشقائه وأصدقائه»، لا يُسْقِط الدور الذي لعبه كسْر التوازنات الداخلية، بالقوة أو بوهج السلاح، في تخريبِ آليات النظام اللبناني ورهْن استحقاقات دستورية، مثل رئاسة الجمهورية وتأليف الحكومات، لموازين قوى داخلية مختلّة ولمقتضيات مشروع إقليمي كبير.

وإذ يذكّر بدور «حزب الله» في تكبير حجم «التيار الوطني الحر»، يضيف: «استوقَفَني أخيراً كلامٌ للنائب جبران باسيل اتهم فيه قائد الجيش العماد جوزف عون بأنه نموذج لقلة الوفاء. وهنا أسأل حين تولى العماد ميشال عون (خريف 1988) رئاسة الحكومة العسكرية التي تألفت من 6 ضباط، كان هو أحدهم، ثم استقال 3 منهم وبقي 3 وزراء فقط. ماذا فعل ميشال عون؟ ألم يتنكّر للرئيس أمين الجميل؟ وألم تكن الحكومة التي تشكلت موقتة وانتقالية من أجل انتخاب رئيس للجمهورية؟ وماذا يكون ما قام به حين حلّ البرلمان آنذاك؟ ألم يكن ذلك لتأبيد نفسه في موقعه؟ صدق مَن قال «الجَمَل لو رأى حدبته».

وأيُّ مَخاطر لأن تكون المنطقة تتجه في نهاية المطاف إلى تسوية متعددة البُعد والساحة، فيما لبنان مكشوف سياسياً وبلا رئيس للدولة وسلطاتٍ مكتملة الصلاحيات؟

لبنان أمام خياريْن

يجيب السنيورة: «لبنان الآن أمام خياريْن، إما يكون على الطاولة وإما إلى الطاولة. على الطاولة أي يتم (تقطيعه)، وإليها أي مُشارِك في ما يُرسم وفق مصالحه. وهناك قول بالانكليزية مفاده: عليك أن تقف كي يُحسب لك حساب. والآن لسنا في موقع الواقفين، ولا نخطر على بال أحد، وعند التسويات لن يراعينا أحد. ورأينا بأمّ العين ما حصل في ناغورنو كاراباخ. ونحن وبدم بارد نتلكأ عن القيام بما يُمْليه علينا الواجب الوطني ونترك للآخَرين أن يتصرفوا بشؤوننا. وبدايةُ المعالجة تكون بانتخاب رئيس للجمهورية لا يكون لفريق. وهذا الدرس الرئيسي الذي يجب أن نتعلّمه من انتخاب ميشال عون الذي تَصَرَّفَ طوال ولايته على أنه رئيس لفريق من اللبنانيين. ونحن أمام هذا التحدي، وإذا تمكنا من انتخاب رئيس يمكنه جمْع اللبنانيين يكون هذا المدخل».

ويضيف: «في السابق كانت هناك نظرية ان لبنان قوته في ضعفه، ثم جاءت مقولة قوة لبنان في مقاومته. ونظريتي أن قوة لبنان في وحدة أبنائه. ورأينا في 14 فبراير 2005 ما أنجزتْه وحدة اللبنانيين، ثم رأيناها خلال حرب 2006، وأيضاً خلال معركة نهر البارد. وهذه المحطات تعكس ما يمكن أن نفعله عندما نكون موحّدين، وما الذي قد يصيبنا متى خرجنا عن مقتضيات هذه الوحدة».

ويختم: «نحن كلنا على باخرة واحدة. وأي ثقب نتسبب به سيجعلنا نغرق جميعاً. ورسالتي أنه لا يمكن لأي بلد أن ينهض ويستمر من دون دولة. وهنا الدرس الثاني الذي لا بد من استخلاصه ومفاده أن لا مكان لازدواجية السلطة في الدولة. ويجب العودة إلى المبادئ الأساسية لقيام الدول، واسترجاع الدولة الوطنية، واستعادة علاقاتنا مع أشقائنا وأصدقائنا واحترام الشرعيتين العربية والدولية وقراراتهما، وأن لا سلطة غير سلطة الدولة. وكلما تأخّرْنا في الانتظام تحت هذه البدهيات نخسر المزيد من الفرص والوقت. وفي اقتناعي أننا مازلنا قادرين على وقف الانهيار المستمرّ وبدء مرحلة الصعود، ولكن الأمر يحتاج إلى إقرارٍ بأن ثمة مشكلة تحتاج إلى حل وقرارٍ بالسير بالعلاج الواضح».

وأختم بـ «إذا كنتَ ذا رأي فكن ذا عزيمةٍ فإن فساد الرأي أن تترددا».

«نُعزي سمو الأمير ونتمنى للكويت الرفعة والتقدم»

برحيل الشيخ نواف الأحمد خسرنا كبيراً من كبارنا في العالم العربي

قال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة «خسرنا في الأيام الأخيرة رَجُلاً كبيراً، من كِبارنا في العالم العربي، ومن بلدٍ أخٍ وصديقٍ لنا، بينه وبيننا الكثير الكثير من المشترَكات».

وأضاف: «إننا نشعر مع وفاة سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد بألمِ الفراق، وهو حقٌّ على كل إنسان. ففي مثل هذا الأمر، ما على المرء سوى الرضا والتسليم بقضاء الله».

وتابع: «وبحزنٍ وتَحَسُّرٍ نعزّي صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد بوفاة الأمير الراحل ونتمنى للكويت وأميرها وشعبها الرفعةَ والمزيدَ من التقدم والازدهار والسير على النهج الذي اختطه كل الأمراء في مواقفهم الوطنية والعربية وفي وقْفاتهم ومواقفهم تجاه لبنان».

وأكد أن لبنان يذكر بالكثير من الشكر والتقدير المواقفَ الأخويةَ التي لطالما اتخذتْها الكويت بوقوفها إلى جانب بلدنا في السراء والضراء، فكانت خير مثالٍ لـ «الصديق وقت الضيق».

 

وقال «لا ننسى دور الكويت في المَساعي لإخماد الحرب اللبنانية والوصول إلى اتفاق الطائف، وبلْسمة جراحنا بعد حرب 2006، وعقب انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020».

وأضاف: «أذكر أنه بعد انفجار المرفأ بأسبوعٍ، اتصلتُ بسفير الكويت في بيروت عبدالعال القناعي وقلتُ له إن الإهراءات بُنيت بدعمٍ كويتي وأتمنى عليكم نقْل تحياتي إلى سمو الأمير وتمنياتي بأن تأخذ الكويت مبادرةً لمعاودة بناء هذا الصرح».

«وفي الحقيقة، غاب السفير القناعي لنحو 10 أيام ثم عاد ليبلغني بقرار تمويل إعادة بناء الإهراءات وصَدَرَ بيانٌ في هذا الشأن. لكن المؤسف أن المزايدات والشعبوية في لبنان وعجْز الدولة عن اتخاذ القرار، فوّت الفرصةَ علينا كما العادة

تاريخ الخبر: 
23/12/2023