الرئيس السنيورة لقناة الحدث: حزب الله بدأ يتحوّل من حركة كوماندوس أو مقاومة إلى جيش وقد ارتكب خطأً كبيراً بهذا الشأن

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

اجرت قناة الحدث من محطة العربية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة في ما يلي نصه:

س: ضيفنا من بيروت العاصمة اللبنانية رئيس الوزراء اللبناني الاسبق فؤاد السنيورة. السيد رئيس الوزراء اهلا بك على شاشة الحدث وفي هذه التغطية المستمرة للأحداث المتطورة اللبنانية. بالتأكيد المواجهة الإسرائيلية الإيرانية أصبحت في لبنان الآن، ولبنان دخل في هذه المواجهة وفي هذه الحرب بعد أن كان بحسب ما يقوله حزب الله أنه في جبهة إسناد أو هكذا وُصِفت الحالة من قبل حزب الله. اليوم دولة الرئيس كيف ترى المشهد وتطوراته واحتمال أن يتحول نحو اجتياح إسرائيلي بري للبنان. هل سيكون هناك تصعيد أكثر ام يمكن ان تضبط الامور في مرحلة ما؟

ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. أولاً، في الحقيقة المشهد اليوم قد بدأ يتغيّر، ولاسيما بعد ما جرى البارحة من دخول مباشر لإيران، وبالتالي لم يعد المشهد بأن إيران تخوض المعركة ضد إسرائيل بالواسطة فقط، بل أصبحت تتدخل فيها بشكلٍ مباشر ايضاً.

الأمر الآخر، هو أنّ حزب الله، وخلال هذه المرحلة السابقة، بنى سرديته على ان الوسيلة الوحيدة من أجل أن يتمكّن لبنان من الوقوف ندا لإسرائيل، فإنّه ينبغي أن يُصار إلى بناء منظومته الدفاعية الصاروخية التي تولاها حزب الله، والتي أسهب المرحوم حسن نصر الله بالحديث عنها، وفي أنها هي الوسيلة الوحيدة للدفاع الحقيقي عن لبنان. وأنه عبرها يمكن أن يتحقق هذا الردع الاستراتيجي لإسرائيل. وهو كان يقول إننا في حزب الله قادرون على أن نصل الى اي مكان في إسرائيل. وهكذا، وبالتالي، وفي الحقيقة، إنّ حزب الله وعندما قام بذلك، فإنّه كان فعلياً قد بدأ يتحوّل من حركة كوماندوس أو مقاومة إلى جيش. وهو في ذلك، وباعتقادي، أنه ارتكب خطأً كبيراً بهذا الشأن. لأنّه فعلياً لم يدرك، ولاسيما بعد ما شهدناه خلال الاثني عشر شهرا الماضية من ان تصرف حزب الله كجيش، حيث لا يستطيع ان يكون نداً ويواجه جيشا مثل الجيش الإسرائيلي. لأنّ الجيش الاسرائيلي يتمتع بخمس ميزات يتميز بها على جيش حزب الله. بداية بالقوة النارية وثانيا بالقوة الجوية وثالثا بالقوة الاستخباراتية. ورابعاً، بالقوة التكنولوجية وايضا بالدعم اللامحدود الذي تتلقاه إسرائيل وجيشها من الولايات المتحدة ومن المجتمع الغربي.

ما شهدناه البارحة من إطلاق الصواريخ الفرط صوتية لم يكن تمثيلية. ولكنها، وعلى ما يبدو لم تؤد الغرض الاساسي للردع، حيث انّه قد جرى اعتراض قسم كبير منها. وبالتالي، فإنّ ما يسري على الصواريخ التي أطلقتها إيران على إسرائيل يسري أيضاً على الصواريخ التي يمكن أن يستعملها حزب الله ضد إسرائيل. بينما، وفي المقابل، فإنه عندما واجه حزب الله إسرائيل ككوماندوس في المواجهات الحربية البارحة، فقد استطاع حزب الله أن يحقّق بعض الميزات التفاضلية التي لديه، لا بل حقّق تفوقاً على الجيش الإسرائيلي لمعرفته وخبرته في الأرض التي يدافع عنها، وانه قادر في أدائه العسكري في المعركة ككوماندوس وكمقاومة في أن يحقق بعض التماثل مع إسرائيل. ولهذا يجب ان لا يغيب عن نظرنا من أنه ارتكب خطأً عسكرياً لا يمكن تجاهله ولا نكران تبعاته.

س: لهذا نسأل سيادة رئيس الوزراء بشأن نظرتكم، وبالمقارنة مع حرب 2006، والتي عرضنا بعض تفاصيلها منذ قليل في تقريرنا عن حرب 2006 ربما كانت واضحة آنذاك بسبب اختطاف لجنود إسرائيليين. الهدف الاساسي الاسرائيلي كان من أجل استعادة الجنود ولكن اليوم نرى الحرب من دون قواعد اشتباك واضحة ودون خطوط حمر. برأيكم كيف ستتطور الامور بالنسبة لحزب الله وأنتم ترون أنه قد تمّ القضاء على أغلب قياداته من الصف الاول ربما حزب الله بعد هذه الحرب ان استمر سيكون بشكل جديد وهيكلية جديدة ووجوه جديدة؟

ج: المشهد اليوم، وبعد اغتيال السيد حسن نصر الله وبعد هذه السلسلة من الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في هجومها على لبنان على مدى الاثني عشر شهرا الماضية، ولاسيما ما يحصل على مدى الاسبوعين او الثلاثة الماضيين، فإنّ هناك متغيرات كبيرة.

بدايةً، يجب على الجميع ان يدرك أن هناك تشابهاً وفرقاً في حال لبنان في العام 2006، وما هو عليه حال لبنان الآن في العام 2024. تشابهاً في أنه وفي الحالتين، ان هناك عمليات عسكرية قام بها الحزب من لبنان وعبر الخط الأزرق، وبدون معرفة أو اعلام الحكومة اللبنانية الشرعية بهذا الأمر. صحيح أنّ الفاعل ذاته الذي عاد وارتكب في الثامن من اكتوبر 2023 في كونه قد بدأ يطلق النار على إسرائيل من لبنان، وهو ما يعني أنّ هناك تماثلاً في العمليتين في منشئهما. ولكن هناك بالفعل فروقات كبيرة بين الحالتين.

في الحقيقة انه كانت لدينا في العام 2006 حكومة كاملة الاوصاف وكان هناك رئيس جمهورية، وأن الدولة اللبنانية اتخذت قراراً هاماً وأساسياً بعد العملية التي قام بها حزب الله مخترقاً الحدود عبر الخط الأزرق في العام 2006، وذلك ان الدولة اللبنانية وقفت في ذلك اليوم لتقول موقفها بوضوح وصراحة وجرأة أنها لم تكن على علم بما حدث، وأنها لا تتبنى هذا العمل، ولكنها من جانب آخر، قالت في أنّ لبنان سيقوم بالتصدي للجيش الإسرائيلي، أي انها أوجدت مسافة بينها وبين حزب الله.

دعني أوضح هنا أيضاً أمراً آخر، قد حصل في العام 2023، وهو أنني وفي 8 اكتوبر 2023، وعلى عكس الصمت الذي مارسته الدولة والحكومة اللبنانية، فقد بادرت ذلك اليوم، وبصفتي الشخصية، لأقول انه لا يجوز على الاطلاق ان يقوم حزب الله بالتدخل، ومن غير المقبول أن يُزجّ بالدولة اللبنانية في هذه المعركة. ولقد عددت وقتها أسباباً خمسه وفحواها أن الوضع في لبنان مختلف اليوم عما كان عليه في العام 2006 بأنه ليس لدينا رئيس جمهورية، وحيث لا يستطيع المجلس النيابي أن ينتخب رئيساً، كما أنّه ليس لدينا حكومة مكتملة الأوصاف، كما اننا نعاني من ازمه اقتصادية خطيرة، كما ونعاني من أزمه النازحين السوريين، وأن اللبنانيين بأكثريتهم الساحقة لا يوافقون على الانخراط في هذه العملية العسكرية، وانه لم يعد لدى لبنان شبكة الأمان العربية والدولية التي كانت لديه في العام 2006، وهي الشبكة التي أنقذته في العام 2006.

هذه كلها أمور تشكِّل فروقات شاسعة في وضع لبنان اليوم عما كان عليه في العام 2006. ولذلك، فإنّ الوضع بات يقتضي وقفة صريحة وواضحة وشجاعة من الدولة اللبنانية بما يبين الخطأ الكبير في المقولة التي استند اليها السيد حسن نصر الله في خوض المعركة العسكرية في الثامن من أكتوبر 2023، وهي نظرية الاسناد ووحدة الساحات. وبالتالي، فإنه من المؤسف أنه مازال هناك من يقول بضرورة الاستمرار في ربط الساحة اللبنانية مع الساحة في غزة.

الحقيقة أنه لا يجوز ان يترك وضع لبنان واللبنانيين معلقاً ومربوطاً بقرارات يتخذها آخرون من خارج الحدود. في الحقيقة، فإنّه يجب على لبنان ان يتخذ قراراته بنفسه لا أن يعلّقها على قرارات يتخذها آخرون، لاسيما وان الوضع في غزة بات الآن في انّ الشعب الغزاوي البالغ عدده 2.2 مليون إنسان، أصبح أعزلاً ومشرَّداً ومنهكاً، وغزة باتت مدمرة. فهل من العدل والإنصاف أن يستمر الربط بين الساحتين، وبالتالي يجري تدمير لبنان وقتل أبنائه من أجل إثبات صحة هذه المقولة التي لا يجوز أن تستمر قائمة الآن.

س: نعم نحاول ان نفهم معك واعذرني على المقاطعة دائما ولكن نحاول ان نوضح الكثير من النقاط معك في مسالة الدولة اللبنانية، وانخراط الدولة اللبنانية في الوضع الحالي في شقين الشق الاول المبادرات لوقف النار والمبادرات للتسويات والمبادرات الداخلية. شهدنا اجتماع رئيس الحكومة ميقاتي وجنبلاط ونبيه بري رئيس البرلمان كل هذه القيادات اجتمعت اليوم وجرى الحديث عن الالتزام بـ1701 وبوقف النار وذهاب حزب الله بعيداً عن جنوب الليطاني وغيرها ولكن هل اليوم هذه المبادرات جدية؟ وهل يمكن التعامل معها من قبل كل الاطراف اللبنانية؟ وهل الوقت مناسب للمبادرات أم أنه انتهى الأمر أو لا حديث عن اي مبادرة عن اي تسوية الا بعد وقف النار؟

ج: بدون شك أنّه، وخلال هذه الأسابيع القليلة، فقد حققت إسرائيل عدداً من الانجازات في كونها استطاعت ان تغتال عدداً كبيراً من القياديين لدى حزب الله، وأيضاً اغتالت الأمين العام السيد حسن نصر الله، وهي بالتالي تحاول رسملة هذه الانجازات التي تحققت لديها، وتريد ان تستعملها من أجل أن تُحسِّنَ مواقعها التفاوضية.

في ضوء تلك المتغيرات، فإني اعتقد ان على لبنان ان يحدد موقفه بشكل واضح كما فعلت الحكومة اللبنانية في العام 2006، حيث وقفت الحكومة اللبنانية، وكان لهما موقفا واضحا وضعته على الطاولة في اجتماع روما في خلال شهر تموز 2006، والمتمثل بالنقاط السبع. ولقد قالت الحكومة آنذاك أنّ هذه النقاط السبع هي التي تمثل موقف لبنان وهي التي تفاوض عنه. هذه النقاط السبع جرى اعتمادها من قبل المجتمع الدولي في صياغة القرار 1701.

بالتالي، وبما خصّ وضعنا الآن، فإنَّ هناك أموراً يجب ان تكون واضحة للمجتمعين العربي والدولي. وبالتالي، فإنه يتوجب أن تتخذ الحكومة اللبنانية قرارات شجاعة بداية بالقول بالالتزام باحترام هذا القرار، وبعودة الجميع إلى احترام القرار 1701، وذلك استناداً إلى ما يمليه علينا تقديرنا لمصلحة لبنان؛ وان تقول الحكومة اللبنانية، وبوضوح، أن ليس من ربط بين الساحات بين ساحه لبنان وساحه غزة، ولاسيما ان ساحة غزة كما ذكرت لم يعد هناك من شيء غير الفلسطينيين الذين يعيشون بهذه الحالة المستحيلة واللاإنسانية التي وصلوا اليها، وأن غزة قد باتت بأكملها مدمرة، وبالتالي يجب على الحكومة اللبنانية أن تعمل، وعلى أن تحاول جهدها من أجل إنقاذ لبنان في هذه المرحلة، وذلك بالعودة الى التطبيق الحقيقي للقرار 1701 بحذافيره كافة.

على صعيد آخر، يأتي موضوع هام جداً، وهو ضرورة العودة الى استكمال عِقْدَ المؤسسات الدستورية، والعمل على أن تستقيم الامور الدستورية، ويكون ذلك بالعودة الى إجراء الانتخابات الرئاسية لرئيس الجمهورية، وبالتالي تأليف حكومة قادرة وفاعلة تفاوض عن لبنان، وتعمل من أجل إخراج لبنان من الأزمات المنهالة عليه.

لا يجوز أن يستمر لبنان وها قد مضى عليه سنتين إلى الآن ومازال من دون رئيس جمهورية.

س: سيد رئيس الوزراء، في مسالة مؤسسات الدولة كنت تتحدث، ولكن كان هناك خلل تقني لثواني معدودات نسمعك الآن؟

ج: أنا أقول إن المؤسسات الدستورية في لبنان يجب أن يعاد تكوينها واعادة تكوينها لا تكون الا بالبدء بانتخاب رئيس جديد للجمهورية لأنّ عملية تأليف الحكومة الجديدة تبدأ مباشرة بعد انتخاب رئيس الجمهورية. والرئيس هو الذي عليه أن يدعو إلى إجراء استشارات نيابية ملزمة. إذاً هناك ضرورة للبدء بهذا الموضوع. وبالتالي يجب ان لا نربط عملية انتخاب رئيس الجمهورية بأي أمر آخر. ولذلك، فإنّ على الرئيس بري أن يبادر، ومن دون أي إبطاء، إلى فتح المجلس النيابي، والدعوة إلى عقد جلسات مخصصة لهذا الانتخاب. ولذلك، لا يجوز أن يعود الرئيس بري إلى تعقيد الأمور لجهة ربطها بوقف إطلاق نار، وهي قرارات يتخذها آخرون.

أيضاً، ومع انتخاب رئيس جمهورية وتأليف حكومة جديدة، يمكن أن يُبادر المجتمع الدولي إلى مساعدة لبنان والتعاون مع لبنان. لذلك إذاً، فإنَّ على لبنان أن يحدّد ما يريده، وعلى لبنان أن يقوم بما عليه أن يقوم به وينفذه، وبأن يقول، وبوضوح، بأنه سوف يلتزم بالـ1701، وأنه سوف يسير قدماً بموضوع اعادة تكوين المؤسسات الدستورية، وأنه سيصار إلى انتخاب رئيس للجمهورية. لقد آن الأوان أن نبادر بأن نقوم بما علينا أن نقوم به، ويكفي بقى تضييع وقت. وبالتالي لا يجوز أن نستمر في ربط الأمور مع بعضها بعضاً. "ساعة بدنا حوار وساعة جيبولي 90 نائب حتى نفتح المجلس ويقولوا بدهم هذا المرشح أو غيره. لأ مش هيك الأمور يمكن أن تتم". يجب ان نعود لاحترام الدستور، الدستور واضح شو بقول كيف تتم عملية الانتخاب لرئيس الجمهورية. هكذا أعتقد كيف ينبغي أن تسير الأمور، وكيف نقنع المجتمع الدولي بأن يتجاوب معنا. نعم، يجب ان يشعر المجتمع الدولي ان الدولة اللبنانية هي التي تفاوض عن لبنان، وهي التي تفرض موقفها ورأيها وقرارها الحر، وعندها سيبادر المجتمعين العربي والدولي لمؤازرتها.

تاريخ الخبر: 
02/10/2024