الرئيس السنيورة لـ الحدث : حزب الله عاد لوضيعة التميز في حرب الكوماندوس والحل بتنفيذ حرفي للقرار الدولي

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

 

اجرت قناة الحدث التابعة لمحطة العربية التلفزيونية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة حوارا حول اخر التطورات من مختلف جوانبها وفي ما يلي نص الحوار.

س: في ظل المعطيات والتطورات الضاغطة، ولاسيما تلك الآتية من جانب اسرائيل نستضيف هذا المساء من بيروت رئيس الوزراء اللبناني الاسبق فؤاد السنيورة لنناقش معه جوانب من هذا المشهد.

دولة الرئيس، مساء الخير. أهلاً بحضرتكم دائماً على شاشة الحدث وفي الاخبار الليلة. اليوم اسرائيل ومن جانبها تقول انها استهدفت مسؤولاً لدى حزب الله بصيدا. ذلك إلى جانب مواصلتها القصف المدمر والعمليات العسكرية التي لا تتوقف على لبنان. بالمقابل، فإنّ لبنان وحزب الله من داخل لبنان يقول أنّه يهدد المستوطنات الإسرائيلية على الرغم من انه لم يقصف اي مستوطنات جديدة. فعلياً ماذا يُفهمْ من استمرار هذا المشهد حتى اليوم وبهذه الطريقة؟

ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. الحقيقة أنَّ المشهد الذي أمامنا، ولكي يكتمل، فإنّه يجب ان لا ننظر اليه وحصراً فقط من جانب الصورة اللبنانية، بل يجب أن يستكمل من خلال النظر إلى المشهد بكامله والمتدخلين فيه.

على الصعيد اللبناني، يتبيّن ان الفريقين، الفريق الاسرائيلي وفريق حزب الله كلاهما أصبحا مأزومَيْن استناداً إلى ما وصل إليه حال كل منهما حتى الآن. وهذه الأزمة باتت تطاول أيضاً الصورة على الصعيد الإسرائيلي فيما يتعلّق بما يفعله في غزة والضفة الغربية.

يتبيّن من ذلك بأن كل فريق من أولئك الفرقاء قد اندفع في خوضه هذه المعركة العسكرية المتعددة الجبهات من دون ان يكون لديه وضوح كامل بشأن حجمها ولا بمداها ومدتها، ولا كيف يمكن له أن يخرج منها، وماذا يمكن أن يحققه من نتائج. هذا مع شديد حرص كل من هؤلاء الفرقاء بأن لا يدفع بالأمور الى ان تصل الى نهايات لا يريدها ولا يمكن له التحكّم فيها، والتي يمكن أن لا تكون في صالحه.

فعلى الصعيد اللبناني، نرى الآن، وفي خضم هذه الأحداث الصادمة في عنفها الإجرامي والتدميري التي نشهدها، وحيث تقوم إسرائيل بتوسيع نطاق هجومها وقصفها الجوي على لبنان، وعلى أشخاص بعينهم تستهدفهم، والذي بدأ يطاول مناطق عديدة في كل لبنان، وليس فقط في منطقة الجنوب أو في الضاحية الجنوبية لبيروت، ولكن ليشمل أيضاً مناطق أخرى في مختلف أنحاء لبنان. وها قد وصل القصف اليوم الى منطقة حارة صيدا شرقي مدينة صيدا، حيث جرى استهداف أحد القياديين في حزب الله، والذي كان من نتيجة هذا القصف، وكالعادة سقوط وجرح عدد كبير من المدنيين الأبرياء.

الحقيقة هي أنّ إسرائيل، وحتى بعد الإنجازات العسكرية التدميرية والإجرامية والاغتيالية التي تقول أنها قد حققتها في غزة، وكذلك أيضاً في لبنان، فإنها فعلياً لم تستطع وحتى الآن أن تحقق أي من الأمور الأساسية التي وعدت بتحقيقها. ومن ذلك، ما يتعلَّق باستعادة الرهائن، ولا أن تعيد أيضاً النازحين الاسرائيليين إلى قراهم وبلداتهم في الشمال، كما انها لم تستطع وحتى الآن أن تنهي حماس، وكذلك لم تستطع أن تنهي حزب الله. على عكس ذلك، فإنّ إسرائيل ومن جانب آخر، باتت تتعرّض الآن لضربات قاسية وموجعة جداً في عمليتها العسكرية البرية التي بدأتها وتخوضها في حملتها على لبنان.

وعلى صعيد آخر، فإنّ حزب الله وعندما عاد إلى ممارسة مقاومته لإسرائيل بأسلوب الكوماندوس أو من خلال عمليات حرب العصابات، وهي التي يمتاز بها ويحقق إنجازاً فيها، وذلك خلافاً لما لجأ اليه الحزب خلال السنوات الماضية، عندما تحوَّل إلى ما يشبه جيشاً نظامياً، وهو التحوّل الذي يبدو أنه أـسهم في انكشافه أمنياً. وحيث بات الحزب يُسْتَعملُ من قبل إيران التي دفعته إلى أن يتدخل في الاشتباكات الدائرة في المنطقة، وذلك لزيادة سيطرة إيران على تلك الدول. وها هو الحزب الآن مضطر إلى الانسحاب من العراق ومن سوريا، وربما من اليمن. وهو قد أصبح مأزوماً، إذْ لم يكسب شيئاً من تدخله هناك إلاّ بما حققته إيران لجهة زيادة سيطرتها على تلك الدول. هذا علماً أنّ الحزب، وخلال هذه الفترة، قد تعرَّض لاستهدافات موجعة في لبنان بنتيجة القصف المجرم والقاتل والمدمر وعمليات الاغتيال التي مارستها إسرائيل عليه مستهدفة الكثير من قياداته العسكرية والسياسية، ولاسيما أنّه وكجيش لا يتساوى مع الجيش الإسرائيلي بقوته النارية والجوية والاستخباراتية والتكنولوجية، وكذلك بالدعم اللامحدود الذي يحصل عليه من الولايات المتحدة. وها هو الحزب يحاول أن يعوّض عن أزمته هنا وهناك من خلال ما يحاول أن يُنْجِزَهُ الآن في حرب العصابات التي يخوضها ضد إسرائيل، والتي يحاول أن يظهر أنه مازال قادراً أن يؤثر في مجريات الأحداث.

س: تقول حضرتك الآن أن الطرفان باتا مأزومان أكان ذلك بما يتعلّق بالوضع في لبنان، أو ما يتعلّق بحزب الله، أو حتى إسرائيل. ولكن دولة الرئيس وبنفس الوقت هل لاتزال هناك مخارج توضع على الطاولة، وهي التي رُفِضَتْ مؤخراً من قبل إسرائيل، ولكن بنفس الوقت لاتزال غير مقبولة من حزب الله الذي بات يُتّهم في داخل لبنان بأنّه لا يستجيب للأصوات الداخلية التي تطالبه بالتجاوب أكان ذلك من أجل معالجة موضوع سلاحه أو لناحية العمل من أجل وقف الحرب، وبالتالي تطالبه من أجل وقف المجازر التي تقوم بها وترتكبها إسرائيل في لبنان. يعني اليوم هناك حلول جرى وضعها على الطاولة من قبل المندوب الأميركي هوكستين، وهو الذي يُقال أنّه سيتوجّه غداً إلى إسرائيل. هل يمكن القول ان هذه الحلول لايزال من الممكن للطرفين أن يقبلا بها من أجل وضع حد لهذه الأزمة التي باتا فيها، وأيضاً لوقف هذه الحرب على لبنان؟

ج: يا سيدتي، إذا نظرنا إلى الأمور بكل موضوعية، وهو ما علينا أن نقوم به، أنه عند انجاز القرار 1701 في 11 آب من العام 2006، وذلك عندما كنت أنا رئيساً للحكومة اللبنانية، فإنّه يتبين لنا أنّ المشكلة الحقيقية كانت موجودة لدى الطرفين، أكان ذلك على صعيد إسرائيل أم كان على صعيد حزب الله، وذلك أن كلاهما دخلا إلى عملية تطبيق هذا القرار الدولي، ونيتهما الحقيقية في أن لا يطبقا هذا القرار. فمن المعروف أنّ إسرائيل استمرّت فعلياً خلال يومي الثاني عشر والثالث عشر من آب موعد سريان مفعول القرار، أي قبل الرابع عشر من آب، في إمطار لبنان بملايين القنابل العنقودية. كما أنَّ حزب الله عندما باشر ظاهرياً عملية تنفيذ هذا القرار بعد الرابع عشر من آب 2006، فإنّه لم يتقيد بما ينص عليه القرار 1701، أكان ذلك في عدم تقيده بإخراج أسلحته الثقيلة من منطقة جنوب الليطاني، ولا في التوقف عن إدخال السلاح الثقيل إلى لبنان، وهو الأمر الذي استمرّ على مدى كل الفترة الماضية. كما أنّ إسرائيل من جهتها استمرّت في اختراقها وتحليقها في الاجواء اللبنانية منتهكة السيادة اللبنانية. وهكذا مرّت وحتى الآن 18 سنة، ولم يطبق هذا القرار الدولي بشكلٍ صحيح، وان حزب الله، وكذلك أيضاً إسرائيل لم ينفذا هذا القرار ولا يلتزمان بتطبيقه.

الآن الجميع يقول بأنه يريد ان يطبق القرار 1701. هذا بعد أن عمد الطرفان، وعلى مدى جميع السنوات الماضية، ومنذ تاريخ إقراره، إلى إعلان الالتزام به بالشكل ومخالفته بالمضمون. هذا علماً ان اسرائيل تحاول الآن أن تضيف الى القرار 1701 ضرورة تطبيق القرار الدولي 1559، والذي أُتِيَ على ذكره من ضمن بناءات القرار 1701. ولاسيما أنّ ما ينص عليه القرار 1559 هو بالفعل ما نصّ عليه اتفاق الطائف في العام 1989، لجهة احتكار الدولة اللبنانية وبالمطلق لحمل أو استعمال أي سلاح في لبنان من قبل طرف، باستثناء القوى العسكرية والأمنية الشرعية اللبنانية.

س: نعم، يعني إذا كان الطرفان من اللحظة الأولى لم يلتزما بالقرار 1701 ما الذي سيدفعهما الآن إلى الالتزام به؟

ج: الحقيقة أنّ الطرفان المعنيان بالقرار 1701- إسرائيل وحزب الله- هما باتا الطرفان اللذان يطالبان الآن بتنفيذه، ولكن كلٌّ على طريقته، ولاسيما بعد أن نال كل منهما ما ناله من نتائج سلبية بسبب عدم تطبيقه.

أولاً، بسبب ما ناله حزب الله من خسائر كبرى في قياداته، وما ناله حزب الله ولبنان أيضاً من خسائر بشرية كبرى وتدمير وخسائر لا تحصى ولا تعد.

وثانياً، لما تتعرض له إسرائيل من خسائر كبيرة في جنودها الآن في العملية البرية التي تقوم بها وتخوضها في لبنان، وهي باتت مضطرة لأن تستمر بهذه العملية العسكرية بالرغم من كل هذه الخسائر التي تتكبدها، والتي لا تستطيع أن تتحملها.

لذلك ما هو مطلوب الآن، ويجب أن يحصل، ضرورة بذل جهد متناسق ومتضافر على الصعد المحلية في لبنان، وكذلك على الصعيدين العربي والدولي.

فعلى الصعيد اللبناني، هناك دور كبير لرئيس المجلس النيابي ولرئيس حكومة تصريف الاعمال من اجل الخروج بموقف جدي يستطيعان من خلاله أن يبينا للعالم بأن لبنان سوف يلتزم حرفياً بالقرار 1701، ولاسيما بعد انتخاب الرئيس وتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة بكل أمانة وصدق وجدية من أجل العودة إلى اكتساب الصدقية بتعهدات لبنان. وعندما نقول بتطبيق القرار 1701 يجب أن نعني ما نقوله وليس من أجل أن نردّد كلاماً لا نعنيه، وبالتالي لا نطبقه. وهذا الامر يجب أن ينطبق أيضاً على إسرائيل لجهة التطبيق الصحيح للقرار 1701، وهو ما يتطلًّب صدقاً في النوايا وفي الممارسات.

أما على الصعيدين العربي والدولي، فإنّه ينبغي أن يُصار إلى مواكبة هذا التطبيق الصحيح من قبل لبنان وممارسة الضغط اللازم على إسرائيل للتقيد من طرفها بتطبيق هذا الاتفاق.

س: هذا ليس الكلام الذي يتحدث به حزب الله. يعني أنتم تتحدثون من جهتكم، ولكن حزب الله لا يتحدث هكذا. دعني هنا أنقل إليكم أخباراً عاجلة وردت الآن. إذْ أنه، وعلى ما يبدو من مصادر الحدث التي تقول أنّ حزب الله لايزال مصراً على ربط مصير لبنان بالحرب في غزة. وهذا بحد ذاته ما يمثل عقبة أساسية. هذه هي العقبة الموجودة، أو هي واحدة من العقبات الأساسية الموجودة في مفاوضات الدوحة الجارية الآن حول غزة. اليوم بالداخل اللبناني كل القيادات السياسية تتحدث عن تطبيق القرار 1701، وكذلك عن القرار 1559، أو حتى عن اتفاق الطائف، ولكن لا أحد يرى أن حزب الله ملتزم بذلك. إذْ لايزال حزب الله يتحدث عن هذه المواضيع بطريقة مختلفة ولايزال يربط مصير لبنان بغزة ومازال يتحدث عن انتصارات يحقهها عملياً على الأرض. هذا ما يرد في بيانات حزب الله التي تتحدث عن انتصارات وعن استهدافات قوية لإسرائيل؟

ج: صحيح، فحزب الله لايزال حتى الآن بما يشبه في حالة إنكار، وهو لا يقول كل الحقيقة. ولكنه بنفس الوقت لا بد لنا أن نعترف بأنه يحقّق انجازات على صعيد المعارك البرية الجارية الآن في جنوب لبنان، وحيث تواجه إسرائيل مقاومة عنيفة من حزب الله، وهي التي تستمر في قصفها وتدميرها للعديد من البلدات والقرى على الحدود اللبنانية. ولكن هذا لا يعني أنّ حزب الله غير مأزوم، على النقيض من ذلك فهو قد تعرّض ويتعرّض لخسائر جسيمة في قياداته وفي أسلحته وذخائره وفي الخسائر البشرية والمادية الكبرى التي يتعرّض لها الحزب في بيئته، والتي تعرّض ويتعرّض لها لبنان.

وبنظري انَّ الحزب بات يدرك وتدريجياً بأنّه مأزوم وبحاجه الى رأب الصدع الذي أصابه في صفوفه وفي بيئته الداخلية وفي علاقاته مع باقي اللبنانيين. وهي بمجملها من الأمور التي يمكن أن تهدّد بمخاطر كبرى على الصعيد الداخلي اللبناني إذا لم يجرِ غدارة الأمور بشكلٍ متبصر وصحيح وعلى أساس عودة جميع اللبنانيين إلى كنف الدولة بشروط الدولة. هناك إشكالية في أنّ الحزب قد بات عليه أن يعالج هذا الجو اللبناني المتشنج الذي يطالبه وبشدة وبوضوح كبير في ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وفي ضرورة التخلي عن مبدأ ربط مصير لبنان بمصير الحرب الإسرائيلية التي تشنها على غزة. كذلك في تسهيل عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعيداً عن أي اشتراطات.

س: ما هي المخاطر؟

ج: المخاطر الداخلية ليست قليلة على الإطلاق. إذْ أنّه، وعلى صعيد الوضع الداخلي في لبنان، فإنّه يجب أن ندرك مسائل هامة وأساسية، وبدايةً، أنّ هناك تقريباً حوالى مليون نازح من اللبنانيين الذين هُجِّروا قسراً من الضاحية الجنوبية، وهُجروا من الجنوب ومن مناطق عديدة في لبنان، والذين باتوا منتشرين في جميع أنحاء المناطق اللبنانية، وهم يعيشون حالة صعبه ومزرية وهذا غير مقبول إنسانياً. وهم موجودون في مناطق عديدة داخل الاحياء السكنية اللبنانية في مختلف المدن والبلدات والقرى، والتي هي أساسا مكتظة بالسكان، وأوضاعهم الخدماتية والمعيشية سيئة أصلاً، والكل يعرف أنّ لبنان كان يعاني، وقبل الثامن من أكتوبر عام 2023 من أزمة النازحين السوريين. والكل يعرف ان لبنان كان يستضيف حوالي مليون ومئتين ألف نازح سوري، والتي أضيف إلى ذلك كله نتائج هذه الأزمة والكارثة الجديدة، حيث نزح قرابة المليون نازح لبناني. وكل ذلك يأتي في خضم أزمة وطنية وسياسية واقتصادية ومعيشية ضاغطة على أعصاب وعلى مستوى ونوعية عيش كل اللبنانيين، فتأمل ماذا يمكن أن يعني هذا، ولاسيما وأننا أصبحنا على مقربة من فصل الشتاء. صحيح ان بعضا من أولئك السوريين قد عاد الى سوريا، وأنّ بعضاً من أولئك اللبنانيين النازحين ذهب الى سوريا، ولكن تبقى المشكلة مشكلة كبرى بكل المقاييس على كل الصعد الداخلية اللبنانية، وكذلك على الصعد السياسية والاقتصادية والمعيشية والأمنية.

لذلك، فإني أرى أنّ هناك حاجة لتزخيم العمل من قبل الرئيسين بري وميقاتي من أجل إنجاز تقدم كبير وسريع من أجل التوصل مع حزب الله إلى تصور واضح للخروج من هذه الأزمة الخانقة. حتماً الان كل ما نسمعه من حزب الله هو كلام في معظمه موجه إلى بيئته، وبالتالي علينا أن ندرك أنّ ليس من الممكن أن يعلن حزب الله الان انه قد وافق على مسألة التقيد بالقرار 1701 هكذا علناً. ولذلك وبالتالي، يجب ان ندرك أن إتمام هذه العملية لا يكون إلاّ من خلال المفاوضات، وبعيداً عن الإعلام، ومن خلال التواصل الذي ينبغي أن يجريه الرئيس بري مع المسؤولين الجدد في حزب الله وبالاتفاق مع الرئيس ميقاتي، وأن يكون هذا العمل سرياً إلى أن يُنجز، وبالتالي يمكن إعلانه بعد ذلك.

س: نعم، اسمح لي دولة الرئيس هنا أن أتوقف عند الاخبار العاجلة من مصادر الحدث، والتي تتحدث عن ان اجتماع الدوحة الذي ناقش بالدرجة الاولى وقف إطلاق النار في لبنان، وليس فقط في غزة، والمصادر تؤكد ان موفدا قطريا سوف يتوجه الى بيروت خلال ايام ليستمع الى شروط لبنان ولينقلها للمعنيين بهذا الأمر، وكما قلنا ان هناك إصرار من قبل حزب الله الذي لايزال بحسب مصادر الحدث مُصِرّ على تزامن وقف النار بلبنان مع وقف إطلاق النار في غزة، وهذه هي أبرز العقبات امام محادثات الدوحة.

دولة الرئيس، هناك موفد قطري بحسب مصادرنا سيتجه الى بيروت هل تعتقد حضرتك انه يمكن ان يحقق ما لم يحققه مثلا هوكستين؟

ج: ربما، ولكن قبل أن أدخل بجوانب هذا الامر، والإجابة على سؤالك، لا بد لي أن أفصح عما يراودني، هو الكثير من القلق بشأن الامور التي ظن البعض بأنها قد انتهت، وذلك بشأن المسرحية الهزلية والبكائية التي جرى إخراجها ما بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأعلمت بها إيران مسبقاً بشأن الردّ الاسرائيلي على الهجوم الإيراني، وحيث وكما شهدنا كيف ردَّت إسرائيل بهجومها الجوي على ما قامت به إيران من هجوم بالصواريخ على إسرائيل مطلع هذا الشهر. ذلك لأنّ هناك أخباراً تقول ان إيران ربما تعود إلى الرد من جديد على هذا الهجوم الأخير الذي قامت به إسرائيل. هذا ما يعني أنّ هناك احتمالا لأن تُحاول إيران من جديد محاولة الرد على الرد. السؤال الآن: هل سترد إيران على إسرائيل بشكلٍ مباشر، وذلك عبر اشعال الجبهة بينها وبين اسرائيل مرة جديدة، أم انها سوف ترد عليها من خلال أذرعها الخارجية، والتي يمكن ان تكون، وبشكلٍ أساسي، من خلال فتح جبهة لبنان، بشكلٍ أكبر وأعنف، ويكون لبنان بالتالي الساحة الجديدة لهذا الصراع ما بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل.

هذا الأمر يحمل معه مخاطر كبيرة من جهة أولى، على إمكانية توسع نطاق هذه الحرب بشكلٍ غير منضبط. وكذلك، ومن جهة ثانية، تداعياتها على لبنان بالتحديد بكونه سيكون ساحة الصراع الأساسية في المنطقة ومع ما يعنيه ذلك من مصائب وكوارث أكبر بكثير سوف تحلّ على لبنان.

س: الآن السؤال ليس فقط في الرد على إسرائيل، ولكن السؤال الآخر أيضاً، هل إسرائيل ستكون مستعدة لخوض حرب مفتوحة مع إيران؟ وهذا ماذا سيعني أيضا اشتعال للجبهات الأخرى، ولاسيما وأننا اليوم نحن امام انتخابات أميركية في الأيام القليلة القادمة. هل تعتقد حضرتك أن المشهد الدولي سوف يذهب باتجاه فعليا التوصل الى تسويات قبل الانتخابات الأميركية، أو نحن امام على الأقل امام اسبوع صعب حتى نصل الى هذه الانتخابات؟

ج: الأرجح عندي أنّ ليس هناك من حلول أساسية قبل إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. ولكن، ومن دون أدنى شك، فإنّ الجميع، حيث يريد كل فريق أن يعتمد طريقته من اجل الخروج من مأزقه، وليس بالضرورة أن ينجح في ذلك من دون كلفة معينة.

الولايات المتحدة مأزومة وإلى حدٍّ بعيد بسبب الانتخابات، وهي تريد ان تخرج بشبه انتصار لتقول انها قد حققته قبل الخامس من تشرين الثاني القادم بالقول إنها نجحت بتجنب الحرب الشاملة في المنطقة، وأنها نجحت بتهدئة هذه الجبهات.

على صعيد آخر، إسرائيل مأزومة أيضاً وأنها بهذا الموضوع لا تريد ان تصعِّد أكثر مع إيران، وأكثر مما قامت به حتى الآن.

كذلك، فإنّ إيران مأزومة، وبشكلٍ كبير، ولا تريد ان تصعِّد مع إسرائيل وتخشى من انعكاسات ذلك عليها لأنها مازومة بالداخل الإيراني، ومتخوفة من تداعيات الحرب عليها من قبل إسرائيل في الداخل الإيراني. وهي مأزومة في أذرعتها ومأزومة في صراعها مع الولايات المتحدة واسرائيل ومأزومة من خلال الهجوم المتكرّر عليها من قبل إسرائيل.

كذلك الحال هو أيضاً وبشكلٍ آخر بالنسبة لحماس في غزة ولحزب الله في لبنان.

كل هذه المجموعة من الأزمات المتفاقمة مع بعضها بعضاً، والتي لها جميعاً صلة بالأوضاع الجارية في منطقة الشرق الأوسط، والتي يتعرّض لها مختلف الأطراف المتدخلة في هذا الصراع، والكل قد وصل الى نقطة يريد، ويجب عليه الخروج منها بأقصى سرعة ممكنة.

أما بشأن الموفد القطري، فإنا اعتقد ان لقطر دائما دور مقبول ومرحب به في لبنان. ولهذا يتوقع اللبنانيون ان تقوم قطر بمبادرة في هذا الامر من أجل الإسهام في عملية وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من المناطق التي أصبحت فيها موجودة في لبنان. وكذلك من أجل طمأنة حزب الله في ما خصّ باليوم التالي لانتهاء الحرب. ولاسيما في ما خصّ موضوع اعادة الإعمار، وماذا سيحصل بالنسبة للحزب في الفترة القادمة. وهذا الأمر يشكِّل مصدر قلق كبير لدى حزب الله، لأنّه وعندما يهدأ المدفع، فإنّ السؤال الكبير: ماذا ستكون عليه الأمور، وكيف ستجري معالجة نتائج هذه العمليات العسكرية، وما هو مصير حزب الله وسلاحه ونفوذه في لبنان؟ وما بشأن نفوذ إيران في لبنان؟ وهذه كلّها مجموعة واحدة من التساؤلات الكبيرة حول مجريات الأمور.

ومن ذلك أيضاً ما يمكن أن يقوم به الموفد القطري على مسار اقناع الأطراف اللبنانيين، ولاسيما بالنسبة لحزب الله من أجل أن يصار إلى التحرك على مسار انتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان، وهو الأمر الذي ينبغي ان يحصل البارحة قبل اليوم، ولاسيما في ضوء استمرار الاستعصاء من قبله في هذا الامر.

تاريخ الخبر: 
29/10/2024