الرئيس السنيورة لتلفزيون الغد: ليس هناك من خيار امام لبنان سوى التأكيد على حصرية السلاح بيد القوى العسكرية والأمنية للدولة اللبنانية

اجرت قناة الغد الاخبارية حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول اخر التطورات وفي ما يلي نصه:
س: من بيروت ينضم الينا رئيس وزراء لبنان الاسبق السيد فؤاد السنيورة. دولة الرئيس مرحبا بك على شاشة الغد وشكراً جزيلاً على إتاحة هذه الفرصة لنا للحديث معكم. وأسأل في البداية عن تقييمك لما صدر عن الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء في الخامس من هذا الشهر، وهي الجلسة التي رحبت بخطة الجيش لحصر السلاح في يد الدولة. هل نزعت هذه الخطوة فتيل قنبلة موقوتة كادت ان تنفجر في لبنان؟
ج: بدايةً، تحياتي لك ولجميع المشاهدين كرد اول أقول ان هذا القرار الذي صدر منذ ثلاثة أيام عن الحكومة اللبنانية كان قرارا صائبا في بناءاته، وكذلك في عباراته وفي مضمونه ايضا من أجل التوصل إلى تنفيذ حصرية السلاح في لبنان بحزم وبحكمة، وبشكلٍ لا يؤدي إلى التسبب بإشكالات نحن بغنى عنها.
س: يمكن من خلال متابعة ردود الفعل بعد هذه الجلسة ملاحظة رد فعل السيد نبيه بري رئيس مجلس النواب والذي قال بعد الجلسة ان الامور ايجابية وان الرياح السامة بدأت تنطوي هكذا قال بالحرف الواحد. لكن هو نفسه الرئيس بري الذي كان يردد ان السلاح عزنا، وان المعادلة الذهبية تظل "الجيش والشعب والمقاومة". وهي المعادلة التي تحمي لبنان بنظره، وأن التخلي عن سلاح حزب الله يعرض البلاد للخطر. برأيك اين يقف الرئيس بري، في صف الدولة ام الى جوار الحزب؟
ج: ما يقوله الرئيس بري ليس إلاّ محاولة تزيينية لإخراج هذه العملية من خانة المزايدات والتهويل والاتهامات، ونحو التدرج في تطبيق حصرية السلاح بيد السلطات الشرعية للأجهزة العسكرية والأمنية للدولة اللبنانية، وفي الوقت الذي يحافظ فيه الرئيس بري على علاقاته مع الحزب.
أنا اعتقد انه ليس هناك من خيار امام لبنان سوى التأكيد على حصرية السلاح بيد القوى العسكرية والأمنية للدولة اللبنانية، وليس هناك من مصلحة ان يستمر هذا التفلت في وجود السلاح بيد بعض التنظيميات. على العكس من ذلك، فإنّ استمرار تفلت السلاح في لبنان سوف يؤدي إلى توريط إضافي للبنان واللبنانيين في أتون مشكلات ومخاطر، ولاسيما لبيئة حزب الله. وأنا اعتقد أن العمل من أجل التوصل الى تطبيق التفاهمات التي اضطررنا إلى الموافقة عليها بشأن تطبيق القرار 1701. فإنّه، وفي المحصلة، يمكن أن يؤدي الى ان تنسحب إسرائيل من كل الاراضي اللبنانية وتتوقف إسرائيل بعد ذلك عن شنّ التهجمات على لبنان التي تقوم بها، وتتوقف عن الانتهاكات التي تقوم بها للأجواء اللبنانية، وتوقف أعمال القصف والاغتيال للبنانيين، وأيضاً في أن تطلق سراح المعتقلين اللبنانيين. هذه الأمور من المفيد ان يصار الى التأكيد عليها، واعتقد ان هناك عملاً يجب على الدولة اللبنانية أن تستمر في القيام به، وهي فعلاً تقوم به بكونها تسعى للتقيد بأحكام القرار 1701. لكن هناك، ومن الطرف الآخر، فإنّي لا اعتقد ان اسرائيل تقوم بما ينبغي عليها أن تقوم به من اجل ان تسهل عملية التوصل الى التطبيق الكامل للقرار 1701. على العكس، فإنّ اسرائيل هي الآن في حالة انتشاء الان بسبب ما حققته على الجبهات المختلفة أكان في لبنان ام كان في سوريا ام كان في الضفة الغربية وغزة، أم كان في إيران واليمن، بما جعلها تُصعِّد من لهجتها ومطالباتها. لهذا اعتقد ان هذا الأمر بات يقتضي من الولايات المتحدة أن تبذل قصارى جهدها، وان تقدم الضمانات التي يحتاجها لبنان حتى يصار بالنهاية إلى ان تنسحب إسرائيل، وتتوقف عن شنّ هجماتها على لبنان. وهذا أمر يتوجب على الولايات المتحدة ان تقوم به لكي تساعد في إتمام هذه المهمة وحل هذه المسألة. ليس ذلك فقط، بل ان لبنان، ولكي يستطيع تطبيق هذه الحصرية، فإنّ هناك حاجة ماسة من أجل توفير دعم حقيقي للبنان، وتحديداً بما يختص بتعزيز قوى الجيش اللبناني والأمن الداخلي، وتمكينهما من زيادة عديدهما وتجهيزهما بالتجهيزات التي يحتاجانها، ولاسيما الجيش اللبناني. ذلك لأنّ انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وفي المناطق اللبنانية كافة، وقيامه بعملية فرض حصرية السلاح، فإنّ الجيش يحتاج الى عديد أكبر والى تجهيزات وعدة أكثر بكثير مما هو لديه الان. ولذلك، فإنّ المطلوب في هذا الأمر من الولايات المتحدة من جهة، ومن اشقائنا الدول العربية وغيرها من الدول الصديقة تمكين لبنان وتسهيل عملية التوصل الى تنفيذ هذا القرار بالحصرية بشكلٍ كفؤ وسريع.
س: ولكن يبدو يا دولة الرئيس انه مسار او طريق تنفيذ هذا القرار سوف يجابه بسلسلة كبيرة وكثيرة من العقبات الداخلية والخارجية. وحضرتك اشرت الان الى الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة على لبنان، والتي تعطي الحجة للطرف اللبناني واقصد هنا حزب الله للاستمرار في الاحتفاظ بسلاحه والا كيف سيفسر الحزب حتى على الاقل امام بيئته مسألة تسليمه السلاح في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي؟
ج: في المبدأ، صحيح ما تقوله أنّ هذا يعطي دفعاً لسردية حزب الله للاستمرار في الاحتفاظ بسلاحه، مبرراً ذلك باستمرار الاعتداءات الإسرائيلية. ولكن علينا أن ننظر بتمعن في هذا الأمر للتصدي لهذه السردية بحجج جديدة.
في موضوع السلاح، هناك قواعد يجب التنبه لها عند القيام بأي عمل عسكري. وحتى إذا تخطينا الأمور العسكرية، وإلى أي أمر آخر يتعلّق بعملية المفاوضات. وذلك أنَّ أي طرف لا يستطيع أن يجابه خصمه باستعمال سلاح يكون الخصم فيها أقوى منه بكثير في استعماله. هذه قاعدة جوهرية يجب أن يتقنها ويعرفها كل من يتولى أموراً عسكرية. وهذا يقتضي منا أن نعرف كيف ينبغي علينا أن نتصرف. لنأخذ مثلاً ما حصل بعد اجتياح العام 2006.
لقد جاهر حزب الله بعد العام 2006 بأنّ لديه قوة صاروخية هائلة تمكّنه من أن يصل مدى استهدافه إلى أي نقطة في اسرائيل وان يسجل اصابات حاسمة ضد إسرائيل. الحقيقة ان هذا التهويل كان يجري إطلاقه من قبل السيد حسن نصر الله وحزب الله على عواهنه هكذا دون أن يسأل أحد ماذا سيحدث إذا جرى إطلاق هذه الكمية من الصواريخ على إسرائيل. وهو عدد الصواريخ الذي يمكن أن تصل وتصيب أهدافها، وماذا ستكون النتيجة؟ وماذا ستكون عليه ردة فعل إسرائيل؟ لم يسأل أحد من أولئك الذين كانوا يُطْنِبون في الكلام حول موضوع القوة الصاروخية التي بات يمتلكها حزب الله. الذي جرى بعد ذلك انه تبين، وبشكلٍ صارخ، انه وعلى مدى السنوات من العام 2006 الى العام 2023، لم يدرك حزب الله ولا كل من كان بصف حزب الله ما هي السياسات والإجراءات التي اقدمت عليها اسرائيل لتزيد من قدراتها الجوية والنارية والاستخباراتية والتكنولوجية. للأسف، هذا الذي تبين للجميع بنتيجة المواجهة العسكرية التي جرت خلال الفترة من 8 اكتوبر 2023 الى 27 نوفمبر 2024. ذلك أنّ القوة التي باتت لدى إسرائيل قد أصبحت وبمراحل تفوق ما لدى وبإمكان حزب الله أن يطلقها على إسرائيل. هذا يعني، وبشكلٍ واضح، أن هذا السلاح الذي يقول عنه حزب الله واتباعه انه من اجل ردع إسرائيل، وكذلك من اجل حماية لبنان، قد أصبح غير قادر لا على ردع اسرائيل ولا على حماية لبنان، ولا حتى على حماية عناصر حزب الله وهذا الامر الذي نراه عياناً كل يوم من خلال الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل الآن. وهذا يظهر بوضوح أمام الجميع من خلال الاصابات التي تقع في صفوف حزب الله وعلى لبنان. وهو الأمر الذي يجب على الجميع أن يدركه، وإلاّ فإننا عندها يكون كمن يتسبب بدفع لبنان واللبنانيين نحو أتون مخاطر كبرى لا قبل للبنان بها.
س: دولة الرئيس عفوا على المقاطعة في ظل هذا المشهد هناك تصريحات تصدر عن قادة حزب الله وجميعنا يتذكر الخطاب الشهير الأخير للشيخ نعيم قاسم امين عام الحزب عندما لوَّح وحذر من اشتعال حرب أهلية في لبنان في حال إذا ما تمّ نزع سلاح حزب الله بالطريقة التي يتم الحديث عنها. بصراحة هل ترى ان هناك مخاوف من تجدد واشتعال الموقف في الداخل اللبناني؟
ج: أول شيء، اعتقد ان الشيخ نعيم قاسم لم يكن موفقا في عباراته الأخيرة، ولاسيما عندما لجأ إلى التهويل والتهديد باندلاع حرب أهلية، وانه سيخوض حربا كربلائية. ضد من؟ هل سيخوض حرباً كربلائية ضد إسرائيل أو ضد مواطنيه؟ باعتقادي أنه غير قادر على هذه ولا على تلك. ما يمكن أن أقوله هنا أنه ليته كان من الممكن أن يكون لدينا في لبنان الإمكانات والقدرات التي تتيح لنا أن نقف بوجه إسرائيل وقدراتها، ونكون قادرين على مواجهة تحالفاتها الدولية. فالحقيقة التي علينا ان نتنبه لها اننا لا نخوض حربا فقط ضد إسرائيل. ولكننا بالفعل نخوض حربا ضد الولايات المتحدة الامريكية وهذا ما ظهر من خلال الدعم الأميركي اللامسبوق، وكل هذه الارمادا البحرية والجوية التي جمعت من اجل الدفاع عن إسرائيل، وهو ما تسبب بإيقاع الاضرار والتدمير الهائل الذي لحق بغزة وما يجري الآن في الضفة الغربية. وكذلك ما يجري في جميع أنحاء لبنان. كل هذه الامور بات علينا جميعاً أن نتنبه لها، وبالتالي هناك ضرورة قصوى أن نتروى وان نتبصر فيما نقوم به، وذلك لأجل حماية لبنان وحماية اللبنانيين وحماية بيئة حزب الله. هذه الحقائق والتطورات توصلنا على أمر بات واضحاً في أنّ هذا السلاح الذي يحمله ويحتفظ به حزب الله بات غير قادر على ردع اسرائيل وغير قادر على حماية لبنان وغير قادر على حماية بيئة حزب الله وعناصر حزب الله. بالتالي، فقد أصبح من الواجب ان ننظر الى الامور نظرة جديدة بعيدة عن الكلام التهويلي والكلام الذي يراد منه ليس إلاّ إثارة المشاعر والعواطف لدى الناس. ولكن هذا كلّه لا يعني شيئاً محسوساً على الإطلاق. السؤال الذي يحتاج منا إلى جواب شاف كيف لنا ان نحمي لبنان؟ لقد جربنا في العام 2006 بعد أن جرى توريط لبنان من قبل حزب الله في هذا الصراع. حينذاك كانت النتيجة أننا نجحنا في أن نمنع إسرائيل من الانتصار. في المقابل، السيد حسن نصر الله، ومن وجهة نظره آنذاك، أصرَّ على ان ذلك كان بسبب النصر الإلهي الذي حققته المقاومة. وهو قد ذهب بعيداً في هذا الامر باتجاه بناء ترسانة هائلة من الصواريخ التي لا تصل إلى أهدافها إلا القليل منها. بينما إسرائيل قامت من جانبها بأن عمدت إلى تعزيز قواها الجوية والنارية والاستخباراتية والتكنولوجية، والتي اتضح لنا ما حمله إلينا ذلك من قتل ودمار. السؤال الآن: ألا يكفي ذلك من دروس لنا من اجل ان نستخلص العبر من هذا الذي جرى ام اننا سنتعامى عما جرى وسنستمر بهذا الكلام التهويلي الذي لا يؤدي الى أي نتيجة. أمامنا صار واضحاً، وهو ما يجري في غزة والضفة وفي لبنان. لا نريد ولا يجوز لنا ان نكرر ما يجري في غزة للبنان.
أما الكلام عن حرب اهلية دعني اقول لك بكل وضوح وصراحة. لا ليس هناك من مصلحة لدى اي طرف في لبنان بان يتسبب بحرب اهليه. وليس لدى أي طرف في لبنان قدرة على ان يشن وأن ينجح بشن حرب اهلية بلبنان. لا يستطيع ولا يريد اللبنانيون ان ينخرطوا بمثل هذه الحروب. وانت تعلم ان إشعال نار الحرب يقتضي وجود طرفين راغبين في إشعال نار الحرب. هذا إذا افترضنا ان حزب الله يريد شن مثل هذه الحرب. الذي أعلمه أنّ الأطراف الأخرى بلبنان لا تريد أن تتورط في حروب داخلية جديدة، لاسيما وان هناك جواً عالمياً طاغياً الآن يتجه باتجاه انهاء وجود ما يسمى القوى المسلحة غير الرسمية أي الميليشيات من خارج أطر الدول الشرعية، وهذا ما سيسري على منطقتنا العربية.
س: هذا صحيح ما تقوله بالنسبة للمجموعات المسلحة غير الشرعية، أي الميليشيات. ولكن كثير من خصوم حزب الله الآن تزداد لهجتهم حدّة في انتقاد الحزب والهجوم عليه حتى من خلال الهجوم اللفظي تبدو لهجتها غير مسبوقة. يعني لعلك استمعت الى السيد سمير جعجع بالأمس وهو يتحدث بانتشاء ويتحدث ويقول لقد خسرتم الحرب التي كشفت عن ضعفكم وعن اختراقات واسعة في صفوفكم يعني اللهجة تبدو وكأنها استقواء على الحزب وكأنها استعداء للطائفة الشيعية ما رأيك؟
ج: بكل وضوح وصراحة. انا ضد كل أنواع هذه الممارسات والمواجهات الكلامية التي توغر الصدور. هذه الشتائم وهذا الانتشاء من جهة، والشماتة بحزب الله وأنكم انهزمتم وغيره من الامور غير مفيد على الاطلاق. كما انني ضد كل انواع التخوين والعبارات التي يجري اطلاقها من قبل حزب الله على الاخرين بأنهم خونه. هذه كلها ممارسات خاطئة ولا تجوز وغير مفيدة.
يا أخي، أنت تعرف ربنا سبحانه وتعالى لم يعط الرسول محمد صلاحية التكفير: "أفأنت تُكرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين". لقد نال لبنان الكثير من الإساءات جراء استعمال كل هذه العبارات غير المفيدة والتي لا تؤدي الى أي نتيجة على الاطلاق، بل ينتج عنها الكثير من المآسي والأعباء. لذلك كان كلامي واضحاً عندما استعملت عبارة الحكمة إلى جانب عبارة الحزم في الثبات على المواقف. أي أننا يجب ان نتواصل مع بيئة حزب الله وان نمد اليد إلى أهلنا ومواطنينا، وبعيداً عن الشتيمة، وبعيداً عن الشماتة، وبعيداً عن الاستهانة بقدرات الآخرين. على العكس من ذلك، فهم جميعاً مواطنون إلى أي فريق انتموا ويجب علينا أن نحترمهم وان نحتضنهم، وبحيث يشعر الجميع بالتالي بأن كل فريق في لبنان هو جزء لا يتجزأ من لبنان. ومن يحميه هو الدولة اللبنانية، التي يفترض أن تكون الدولة العادلة والقادرة على حماية الجميع، بحيث لا يلجأ أي فريق إلى قواه الذاتية لحماية جماعته، لأنّ هذا الكلام يؤدي إلى أن كل فريق عندها يريد ان يحمي نفسه أو جماعته من خلال احتفاظه بالسلاح. وهذه دعوة مجددة لاستعادة دور الميليشيات. هذه دعوة واضحة لجميع الفرقاء الآخرين لكي يكون لديهم قوات عسكرية حزبية وطائفية ومذهبية. ماذا ستكون النتيجة؟ هذا ما شهدناه في لبنان على مدى كل هذه العقود الماضية التي أدّت عملياً إلى إدراك الجميع أنه لا يستطيع أحد أن يحمي نفسه من دون الدولة. الدولة وحدها هي التي تحمي الجميع.
س: ما تأثير طهران الان في المشهد اللبناني يعني شاهدنا الزيارات اخرها زيارة علي لارجاني مستشار المرشد العام الى العاصمة بيروت هل بعد كل ما جرى منذ الثامن من اكتوبر 23 وحتى الان هل لاتزال تحاول طهران الاستمرار في مساعيها للعب بورقة لبنان؟
ج: شوف يا سيدي. فعلياً ان هذا الامر لازال غير واضح بالنسبة لإيران ماذا ستقوم بعمله. لكن المؤسف عندما جاء السيد علي لاريجاني الى لبنان قال كلاما واضحا وان صاغه بعبارات دبلوماسية، وان كانت تتضمن التهويل على لبنان. انه قال: "ننصحكم بان لا تتخلوا عن سلاح حزب الله". طبيعي هذا الكلام ليس من صلاحياته وليس هو الذي يقرر بهذا الشأن ولكنه قال هذا الكلام. انا اعتقد ان إيران تريد فعليا أن تستمر في استخدام لبنان ساحة لتخوض معاركها بعيدا عن حدودها وبدماء غيرها وبإنجازات مجتمعات اخرى مثل المجتمع اللبناني. وكذلك كصندوق بريد لإرسال رسائلها إلى الولايات المتحدة الأميركية. وهي بذلك كله تعرض لبنان للتدمير وللخراب، وهي تريد أن ترسل رسائل نارية أيضاً للولايات المتحدة انه إذا كنتم تريدون هذا الامر أن يتحقق في لبنان لجهة حصرية السلاح، فعليكم أن تتكلموا معنا، ومن دون ذلك لن نسمح بحدوث ذلك.
س: وماذا عن سوريا يا دولة الرئيس بالنسبة لإيران وضحت الصورة لكن لماذا لم تدخل العلاقات السورية اللبنانية مرحلة الدفء حتى الآن وبعد تسعة اشهر من سقوط نظام الأسد؟
ج: دعني أكمل فكرتي بالنسبة لإيران حتى نكون واضحين بالنسبة للعلاقات العربية- الإيرانية، فإني أريد أن أطرح سؤالاً جوهرياً: أما كان من الاجدر بإيران منذ العام 79 ان تسهم في بناء علاقات سوية بينها وبين الدول العربية، وتحديداً مع دول الخليج، ولا أن تعمد إلى القيام بممارسات أدّت بالفعل إلى إشعال نار الخلافات لتوتير العلاقات ما بين إيران والدول العربية، وهو ما أدّى إلى نشوء قوى متطرفة في الجانب الآخر، بحيث كانت النتيجة أن عمل كل فريق على تخويف جماعته من الفريق الآخر.
أنظر ماذا خسرت إيران وماذا خسر العرب وماذا تحملت المنطقة من دمار وقتل وضحايا بشرية وخسائر. وماذا تحمل العالم من مشكلات على مدى كل هذه الفترة. بالنتيجة يجب أن ندرك أننا وصلنا إلى نقطة كان من المحتم الوصول اليها شاء المشاركون في هذه الممارسات، العرب أم إيران، أو أنّ هناك حاجة لأن يعيشوا سوية في هذه المنطقة وان تكون العلاقات فيما بينهم مبنية على الاحترام المتبادل، وعلى أساس عدم التدخل بالشؤون الداخلية لبعضهم بعضاً. وهنا يعني التوقف عن اختراع آليات وممارسات تؤدي إلى إشعال نار الفتنة فيما بينهم. لا ننسى أنّ إيران بدأت باعتماد نظرية ولاية الفقيه العابرة للحدود السياسية التي هي مخالفة لكل قواعد الحفاظ على استقلال وسيادة الدول في العالم. المؤسف في هذا الأمر، أن إيران لازالت تتمسك بهذه النظرية حتى الآن.
ما نتمناه على إيران ان تعود إلى رشدها وتدرك أين تكمن مصلحتها، وتتصرف كدولة طبيعية وتمد اليد إلى العرب ويمد العرب يد الاخوة والصداقة لإيران من اجل بناء علاقات سوية مبنية على الندية وعلى الاحترام الكامل لاستقلال وسيادة كل بلد.
أما بالنسبة لسؤالك بشأن سوريا وعلاقة لبنان مع سوريا. فإني أعتقد جازماً في أنها يجب ان تكون علاقة مبنية على الأخوة الصحيحة والمصالح المشتركة بين البلدين، وعلى اساس الندية واحترام سيادة واستقلال كل من البلدين. سوريا ولبنان بلدان شقيقان ولكنهما فعلياً بلدان يتكاملان بين بعضهما بعضاً. إذْ أنه بينهما مصالح كبرى من صالحهما تنميتها وتعزيزها. النظام الاسدي بنى سلطته على مدى كل هذه العقود الماضية بإصراره على السيطرة على لبنان، وعلى استخدام طبيعة المشكلات الداخلية في لبنان كوسيلة لزيادة التفريق فيما بين اللبنانيين، وبما يعزز بسط سلطته على لبنان. الآن بعد كل الذي جرى، فإنّ هناك حاجة ليخطو كل منهما خطوة هامة واساسية نحو الآخر. وذلك بما يدعم استقلال وسيادة سوريا ولبنان. وبالتالي الحرص بينهما على التعاون سوية للتوصل الى استرجاع كل الاراضي التي احتلتها إسرائيل في لبنان وسوريا، وأن يعود الوئام والسلام داخل المجتمع السوري الواحد على اساس المواطنة التي تحترم كل مكونات الشعب السوري وبذات المقدار إلى كل ما يدعم استقلال وسيادة لبنان.
لدى سوريا الآن مشكلات كبرى ونحن نقدر ذلك ونفهمها ولكن نرى ان هناك حاجة ماسة من اجل التعجيل بالتوصل الى ما يسمى اعادة بناء القواعد الأساسية التي يجب ان تنطلق منها العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين ولجهة تعظيم المصالح المشتركة بينهما، حيث أنّ المصالح المشتركة بين البلدين كبيرة، وكبيرة جداً، ويجب العمل على تنميتها وتعزيزها من اجل مصلحة الكل.
س: هل لديكم خشية من سيناريو تقسيم سوريا يمكن حضرتك اشرت في أحد الحوارات الى انه ربما نشهد سايكس بيكو جديدة؟
ج: أنا أعتقد ان ليس هناك مصلحة على الاطلاق ان يصار الى اي تقسيم في سوريا لان هذا الداء الكبير والمصيبة الكبرى إن أُصِبْنا بها فإنها لن تقتصر فقط على سوريا بل تتعداها إلى أكثر من بلد عربي ولذلك يجب ان تكون هناك مصلحة سورية ولبنانية وعربية في ان يصار الى تعزيز استقلال وسيادة كل بلد عربي وعلى أساس الحدود المعترف بها دوليا لكل من سوريا ولبنان والعراق وغيرها من الدول في المنطقة. ليس هناك من مصلحة لدى الدول المتجاورة، أكان ذلك للعراق او لإيران ان يصار الى بث الشقاق داخل المجتمع السوري. على العكس، فإنّ إسرائيل كانت ولاتزال مهمومة في أن تستمر في خلخلة الأوضاع داخل سوريا وداخل لبنان والعراق، وفي كل بلد عربي، لكي تتسيد هي في المنطقة وأن تكون شرطي المنطقة.
بالنسبة لهذا الأمر، فأنا لا اعتقد أنّ هناك من عطف دولي على هذا الامر. ولكن هذا الأمر ولتعزيز المناعة دون الشرذمة والتقسيم وللحفاظ على تماسك المنطقة واستقلال وسيادة كل دولة من دولها، فإنّه لا بد من بذل جهد كبير مستمر، ولاسيما لدى كل من سوريا ولبنان للحفاظ على استقلال وسيادة وحرية ووحدة أراضي كل من البلدين.
س: عفوا يعني لم يعد لدي وقت واريد ان اسأل سؤالا مهما الحقيقة هو مطروح ما دمنا نتحدث عن سوريا هناك اتصالات ولقاءات تجمع مسؤولين كبار سوريين واسرائيليين هناك تكهنات قوية تتردد عن امكانية تكرار هذا السيناريو مع المسؤولين اللبنانيين هل يمكن ان نتوقع ان تكون هناك خطوات عملية لتطبيع العلاقات بين لبنان واسرائيل في المستقبل القريب؟
ج: أيضاً هنا يجب ان اكون واضحا جداً. بدايةً، لست أنا في موقع أن أبدي ملاحظات او اراء او نصائح بالنسبة للنظام السوري. هو أولى وأقدر على معرفة ما ينبغي عليه ان يقوم به، وكما يقولون "أهل مكة أدرى بشعابها" وأدرى بمصالحها. وأنا على ثقة بان عروبة سوريا مسألة لا جدال فيها ولا انتقاد عليها على الاطلاق وتمسك سوريا والشعب السوري بموقفهم العربي وبوحدة سورية وايضا بعلاقات صحيحة وندِّية بين سوريا مع لبنان هي أمور أساسية.
اما بالنسبة للبنان يجب ان يكون واضحا للجميع، أنه ومن وجهة نظري، لبنان بلد متميز في هذه المنطقة العربية، وهو ذو طابع فسيفسائي بطبيعة مكوناته، أي أنّ لديه مكونات عديدة ومتنوعة. وهذه المكونات على تنوعها هي ما يميز لبنان ويجعله مهماً ومتميزاً بتنوعه. ولكن هذا التنوع إذا لم تجر إدارته بدراية وحرفية يصبح عرضةً لأن يكون هشا في حال تلقى صدمات داخلية أو خارجية قوية، وليس باستطاعته ان يتلقاها او ان يتحملها.
لبنان لا يستطيع ان يخوض اي عملية تطبيع او سلام مع إسرائيل، لاسيما وأنّ لبنان ملتزم بالمبادرة العربية للسلام، والتي هي مبنية على حل الدولتين. ولبنان لا يستطيع ان يخوض اي عملية تطبيع مع إسرائيل ما لم يتم التوصل الى سلام عادل ودائم في المنطقة، تتضمن حلّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في لبنان. وبالتالي عندما يذهب الأشقاء العرب جميعاً، وبعد أن يتحقّق الحلّ العادل والشامل للقضية الفلسطينية بما يشمل إنشاء وطن ودولة للفلسطينيين، وعندما يذهب الاشقاء العرب الى ان يحققوا تطبيعا في علاقات دولهم مع إسرائيل، جميع الاشقاء العرب، عندها يمكن للبنان ساعتها مثله مثل غيره أن يقوم بذلك.
أما أن لبنان يمكن أن يبادر إلى أن يجري عملية سلام منفرد مع اسرائيل او تطبيع مع إسرائيل، فأني أعتقد جازماً أنّ ذلك ليس من صالحه، وهو لا يستطيع ان يقوم به. وهذا يؤدي إلى تهديد السلم الاهلي في لبنان. فليطمئن الجميع. ولذلك عندما يقوم العرب جميعا بالتوصل الى سلام من هذا النوع وتطبيع من هذا النوع مع إسرائيل عندها يكون لبنان آخر بلد عربي يقوم بذلك.
