الرئيس السنيورة لبرنامج خارج الصندوق عبر العربية: قضية حصرية السلاح ليست قضية ابتدعها الاميركيون بل هي قضية لبنانية بامتياز لانهم يريدون الخلاص واعادة البناء

-A A +A
Print Friendly and PDF
العنوان الثانوي: 

 

 

اجرت محطة العربية ضمن برنامج خارج الصندوق حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول اخر التطورات في مايلي نصه:

س: أهلاً بكم من جديد إلى برنامج خارج الصندوق، وفي ملف سلاح حزب الله الذي يزداد سخونة مع انذارات أميركية جاءت على لسان الرئيس دونالد ترامب، حيث لوح بخطوات، ربما مؤجلة حتى الآن، في حال استمر الحزب بالتمسك بسلاحه. انذار امريكي غير مباشر يتزامن مع ضغوط إسرائيلية سياسية وعسكرية على لبنان. آخرها طبعاً ما تابعناه اليوم من غارات استهدفت معسكرات في البقاع، وحيث قالت تل أبيب انها مواقع تستخدم لتخزين اسلحة وتدريب مقاتلين من مقاتلي قوات الرضوان التابعة لحزب الله. في الداخل ايضا يتمسك الحزب بموقفه الرافض لإلقاء السلاح مؤكدا بشكل شبه يومي على لسان اعضائه ان سلاح المقاومة هو خط احمر، وأنّ أي نقاش بشأنه لن يكون الا في إطار استراتيجية دفاع وطنية. كما يروج الثنائي الشيعي الى ان ملف سلاح حزب الله لن يُحلَّ إلاَّ عبر حوار وطني، وبعد صياغة استراتيجية دفاعية. وهذا الموقف اعتبره مراقبون بمثابة شراء للوقت ومحاولة والتمسّك بقواعد اللعبة الماضية بالرغم من كل التغيرات والتطورات الحاصلة، وهذا ما يعتبر تدويراً للأزمة لا حلها، وهو طبعاً ما ترفضه الدولة اللبنانية. هذه المرة، وبناءً على تجارب سابقة، وعقب جلسة مجلس الوزراء الجمعة وترحيب الحكومة بخطة الجيش، وذلك دون تحديد مهل زمنية، حيث حاول حزب الله أن يصور الأمر على انه تراجع من قبل الحكومة أو خطوة للوراء. لكن وزير الخارجية يوسف رجي أكّد أنّ قرار حصر السلاح أقر ولا يمكن الرجوع عنه. تصريحات الوزير رجي أيضاً حاولت اغلاق الطريق امام الحزب للاستثمار بهذه الازمة ومع ذلك أيضاً فإنّ الوزير رجي قال ان الجميع كان يتمنى التقيد بجدول زمني لحسم الملف لكنه استطرد قائلاً بأن الحكومة على ثقة بان الجيش قادر على انجاز المهمة الموكلة له.

لمتابعة هذا الموضوع ينضم اليَّ من بيروت رئيس الوزراء اللبناني الاسبق فؤاد السنيورة. دولة الرئيس، أهلاً بك معنا لماذا هذه العلامات التي تشكّل علامات استفهام حول المهل الزمنية؟ ولماذا التمسك بها، لاسيما ولأنَّ البعض يعتبر بانه من الممكن أن يتم التشكيك مثلا بقدرة الجيش على تنفيذ هذه الخطة مع العلم انه هو الذي أقدم هذه الخطة للحكومة، والتي أقرّتها الحكومة؟

ج: مساء الخير لك ولجميع المشاهدين. لقد استمعت إليك بشأن عما تقولينه من موقف أو شبه موقف تهويلي من قبل الولايات المتحدة بشأن سلاح حزب الله. وأيضاً، وفي المقابل، المواقف المتضاربة التي نسمعها من خلال الاصوات المختلفة، وأحياناً المتناقضة، والصادرة عن مسؤولين لدى حزب الله. بدايةً، أودّ ان اقول ان قضية حصرية السلاح ليست قضية ابتدعها الاميركيون ويجري فرضها على اللبنانيين. ولا هي أيضاً وسيلة للتنصل من موقف وطني من قبل الحكومة اللبنانية، كما يدعي حزب الله وأعوانه، وذلك في أن الحكومة اللبنانية عادت لتنصاع للضغوط الأميركية. الحقيقة انَّ قضية حصرية السلاح هي قضية لبنانية بامتياز يريدها اللبنانيون لأنهم يريدون ان يستعيدوا دولتهم وقرارها الحر وسلطتها الواحدة الموحدة على جميع الأراضي اللبنانية، وعلى جميع المرافق اللبنانية، وأن يجري تطبيق الحصرية في حمل السلاح، لتكون لأجهزة الدولة العسكرية والأمنية اللبنانية حصراً.

س: ولكن هذا لا ينفي دولة الرئيس، هذا لا ينفي بأنّ هناك مطالب، حتى لا نقول ضغوطات ومطالب من الدول الإقليمية ومن الولايات المتحدة ومن الغرب عموماً بأنه ينبغي على الدولة اللبنانية أن تمسك بزمام الامور امنيا وخاصة بشأن موضوع حصرية السلاح. لماذا تجنب برأيك الرئيس ترامب في أن يعطي رداً تجاه رفض حزب الله تسليم سلاحه؟ ماذا ينتظر هل هو بذلك يعطي الحكومة اللبنانية او الجيش اللبناني فرصة؟

ج: في كل دولة في العالم، هناك عدد من العوامل والضغوط التي تمارس على المسؤولين في هذه الدول، والتي على هؤلاء المسؤولين أن يضعوها في اعتبارهم. ولكن لنضع الامور في نصابها مرة جديدة، وذلك بأن هذه القضية هي قضية لبنانية بامتياز. وان لبنان بادر عندما اتخذ هذا الموقف في الخامس والسابع من اب الماضي وعاد يوم الجمعة الماضي في الخامس من أيلول ليتخذ موقفاً عبر فيه عن تقديره وتثمينه ورضاه على الخطة التي تقدم بها الجيش اللبناني. هذا يعني عملياً أنّ الحكومة عازمة ومصممة على تنفيذ هذا القرار بشأن حصرية السلاح. وهي حازمة في موقفها من اجل ان يصار الى التقدم على مسار التنفيذ. المطلوب الآن من الحكومة اللبنانية أن تنطلق من موقف موحّد لديها، وأن تعمل بتقديري على الالتزام باحترام ثلاث حاءات، وذلك حتى تضع الأمور في نصابها الصحيح. هذه الثلاث حاءات هي بداية: الحزم في المواقف، أي ان هذا القرار قرار ثابت وصارم، أي أنه غير قابل للرجوع عنه، وان الدولة مصممة على تنفيذه.

س: ولكن هذا القرار هو ما اتخذته الحكومة في الخامس من آب، والآن في الخامس من أيلول، وكل الوزراء متمسكّين فيه ورئيس الوزراء أكثر من هو متمسك به؟

ج: نعم، هذا صحيح. ودعيني أكمل هنا. أما الحاء الثانية، فهي في ممارسة الحكمة في التصرف، أي في مدّ اليد لحزب الله وإقناعه هو وبيئته بذلك. هذا مع العلم انّه على الأرجح، لازال هناك حالة واسعة من الانكار في صفوف حزب الله، وهي حال متفاوتة بين افراد مختلفين ضمن البيئة الشيعية. كما أنه أيضاً، هناك مكابرة من قبل البعض بكونهم لايزالون مصممين على أن يحتفظوا بالسلاح. لذلك، فإنّ هناك حاجة للقيام بمحاولات مستمرة من أجل ممارسة الحكمة في التصرف.

في الوقت ذاته، هناك ضرورة التقدم في عملية التنفيذ بحنكة بالغة، وذلك على قاعدة تطبيق القول: "ما لا يُدْرَكْ كلّه لا يترك جلّه"، أي أن تُبادر الحكومة إلى فرض سلطتها حيثنا تستطيع وتطالب بتنفيذ الباقي. هذه برأيي ما ينبغي على الحكومة اللبنانية أن تتصرف في عملية التطبيق لهذا القرار على هذه الأسس.

س: نعم قبل أن ننتقل إلى الحاءات المختلفة، أريد أن أعقب على هذه النقطة بالذات اللي حضرتك الان تتحدث عنها بانه هناك مكابرة وهناك رفض. طيب هل الرفض يمكن اعتباره بأنه عناد سياسي لدى حزب الله ام لأنّ الحزب غير قابل لأي تعديل لأن قوته هي مبنية حول فكرة حمله للسلاح. السلاح بالنسبة له هو الكرامة وهو الهوية، وهو الذي يبقينا على الارض اللبنانية كما يقول؟

ج: بدون شك، انَّ كل ما تقولينه في هذا الصدد، هو سرديات يرددها عناصر الحزب. وهذه الأمور هي التي يعتقد بها البعض ضمن بيئة حزب الله. ذلك لأنهم أصبحوا مسيرين بهذه النظرية الاعتقادية بالنسبة لديهم. كذلك يجب أن لا تقللي من الدور الذي تلعبه إيران في هذا الصدد. لأنّ إيران لاتزال تستعمل لبنان ساحة لخوض معاركها، وكذلك في أن تعتمد لبنان صندوق بريد من أجل أن ترسل الرسائل الصدامية للولايات المتحدة. وهي باختصار، وحسب ما تقوله إيران، من اجل أن ترسل رسالة واضحة، وهي: "أنكم إذا أردتم أن تحققوا هذا عملية الحصرية للسلاح وغيرها في لبنان، بدكم تحكوا معنا. وبالتالي تحكوا معنا لأنه هناك مطلب لدى إيران من أجل استمرار عملية التفاوض ما بين إيران والولايات المتحدة. كل هذه المعطيات يجب ان ندركها. وبالتالي، فإنه ينبغي أن تحرص الحكومة اللبنانية على عدم ترك الأمور على غاربها لتتدهور بشكلٍ كبير، ولا أن تنزلق الدولة في أفخاخ قد تنصب لها. وهذا ليس في مصلحة لأحد، ولاسيما بداية لحزب الله وبيئته وايضا بالنسبة للبنانيين جميعاً.

س: ما هي الحاءات يعني قبل ان ننساها شو هن الحاءات الباقين؟

ج: نعم الحزم بداية بالتمسك بهذا القرار. الحكمة في عملية مد اليد لحزب الله وإقناعه، ومهما كانت الظروف صعبة، ان من مصلحة الحزب وبيئته العودة إلى الدولة وبشروط الدولة، وأن يدرك الحاجة إلى تنفيذ حصرية السلاح في لبنان، وان هذا الجهد يجب أن يستمر.

وثالثاً، الحنكة في عملية التطبيق، حيث تستطيع هذه الحكومة التي أخذت قراراً بهذا الشأن مصممة على تنفيذه خلال الأشهر الثلاثة القادمة في منطقة جنوب الليطاني وعلى اساس أن يصار إلى تقديم قيادة الجيش اللبناني تقريراً لمجلس الوزراء كل شهر. أي أنّ الحكومة ربطت هذا الامر بعمليات التنفيذ وأنها بذلك قد أرسلت رسالة واضحة ايضا بان عملية نقل السلاح الان في لبنان من مكان الى مكان او ما يتعلق بالظهور المسلح، فإنّ الجيش اللبناني سوف يعمد إلى التصدي له.

س: ما نحن نتحدث فيه عن اهمية تسليم سلاح حزب الله للأجهزة اللبنانية الشرعية فإنّ علينا أيضاً أن ندرك أنّ الإسرائيليين لم ولن يتوقفوا، وهم حتى الان ولا يوم عم يمضى من دون انتهاكات إسرائيلية فوق الاراضي اللبنانية. طيب كيف يمكن ان يضمن حزب الله او حتى اللبنانيين مش بس حزب الله ان إسرائيل لن تتوسع أكثر في اعتداءاتها. عملياً من هو الضامن لالتزام إسرائيل؟

ج: نعم، ليس هناك من ضامن على الإطلاق لتقيد إسرائيل بوقف انتهاكاتها واعتداءاتها. ولكن دعيني أكمل فكرتي. أنا ذكرت لك الآن ما ينبغي على الحكومة اللبنانية أن تقوم به. وذلك في أن تتصرف من اجل ان تثبت من خلال ممارستها اليومية انها مصممة وعازمة على القيام بتطبيق هذه الحصرية، وذلك استناداً لهذه الاعتبارات الثلاثة. ولكن هناك أيضاً الأمور الاخرى المطلوبة من الاشقاء ومن الأصدقاء، وبدايةً من الولايات المتحدة. إذْ ليس من المفيد على الاطلاق ان يصار الى إطلاق الاتهامات واظهار الدولة اللبنانية بأنها مقصرة او أي شيء من هذا القبيل. اعتقد ان هناك دورا مساعدا ينبغي على الولايات المتحدة ان تأخذه. بدايةً، في اتخاذه موقف ومبادرات بحيث يصار فعلياً من اجل تعزيز قدرات الجيش اللبناني، إذْ ليس بإمكان الجيش اللبناني ان يقوم بهذه المهمة بحالته الحاضرة، حيث ينقصه العديد والتجهيزات اللازمة. كما أنه يجب أن لا يترك لبنان لكي يكون بين المطرقة الإسرائيلية والسندان الإيراني. إذْ يجب على الولايات المتحدة أن تُسهم في إنجاح هذه العملية، وذلك في أن تساعد الجيش اللبناني، وتعمل على مدّه بالأسلحة وبالمعدات وبالتمويل اللازم الذي يحتاجه من الولايات المتحدة ومن غير الولايات المتحدة، ولاسيما من الاشقاء العرب.

الأمر الآخر، انّ هناك دوراً على الولايات المتحدة ان تقوم به مع اسرائيل لان إسرائيل بكيفية تصرفها واستمرارها في عدوانيتها، فقد بات لبنان الآن يدفع ثمن ما يريده نتنياهو حتى يبقى في السلطة. وبالتالين فإنّ نتنياهو لا يريد ان يحل أي من هذه المشكلات لا في غزة، ولا في الضفة الغربية، ولا في لبنان. ذلك لأنَّ جلّ ما يريده نتنياهو أن تستمر هذه الحالة، وبالتالي أن يلتهي العالم بقضاياه الداخلية ومن ثم يصار الى اشغاله أيضاً بهذه المعارك العسكرية التي تقوم بها إسرائيل. وبالتالي، وفي المحصلة، أن يستمر نتنياهو في سدة رئاسة الحكومة الإسرائيلية. ولذلك أرى أنّ هناك دوراً على الولايات المتحدة ان تقوم به بالضغط على إسرائيل من أجل التعجيل في التوصل إلى حلّ في غزة، وبالتالي إلى حلّ في لبنان.

تاريخ الخبر: 
08/09/2025